
أميرة العسولي…الطبيبة التي تحدت رصاص القناصة الصهاينة لتنقذ شابا جريحا بغزة
تحت أصوات القذائف ووسط وابل من الرصاص لقناصة الجيش الصهيوني، ركضت من داخل مجمع ناصر الطبي بخان يونس إلى الساحة المقابلة للبوابة لتنقذ شابا جريحا، انتزعت معنى الخوف من قلبها وخاطرت بحياتها لتجسد الدكتورة أميرة العسولي أجمل مشهد بطولي أذهل العالم أجمع.
لم تخطط للخروج ولم تحسب لطريق المجازفة أي حساب، انطلقت الدكتورة أميرة مسرعة من داخل المجمع لتنقذ حياة شاب قنصه جيش الاحتلال أمام بوابة المستشفى المحاصر، وشقت طريق الحزام الناري الذي فرضه المحتل في سباق مع الزمن لإسعاف الجريح.
وبينما كانت ساحة المجمع فارغة وحركة المرضى والنازحين منقطعة نظرا لكثافة القصف وكمية القذائف الموجهة لمبنى المجمع الطبي، قالت الدكتورة أميرة لوأج أنها سمعت صراخ شاب ملقى على الأرض ينزف. “دون أن أتردد للحظة واحدة، سارعت إلى الخروج لتقديم المساعدة له غير مبالية بما كانت تمطر السماء من رصاص وأحزمة نارية”، كما روت في شهادتها.وبشجاعة قد لا ترى إلا بالمشاهد التمثيلية، حملت أميرة الشاب رفقة زميل لها بالمجمع وشابين آخرين وسحبوه ركضا إلى داخل المستشفى لإسعافه، كما أنقذت أرواح جرحى آخرين ممن طالتهم قناصة المحتل الصهيوني.
وأكدت الدكتورة العسولي، المختصة في طب النساء والتوليد، أنها كانت متواجدة بمصر لحظة بدء العدوان على قطاع غزة حيث كانت تتابع تكوينا في علم الأجنة، وتمكنت من العودة خلال فترة الهدنة، لتكون مع زملائها وتقدم لهم يد المساعدة في هاته الظروف العصيبة.ولا تكاد تخلو حياة الدكتورة من المشاهد البطولية، حيث استطاعت إخراج والدتها ذات الثمانين سنة من تحت الأنقاض بعدما قصف جيش الاحتلال مسكنها العائلي، وبقيت معها في مستشفى ناصر إلى غاية محاصرته، حيث تم تحويل أمها إلى وجهة أخرى ورفض الجنود الصهاينة طلب مرافقتها.
وظلت محاصرة بمجمع ناصر ولا تعلم أي جديد عن والدتها، إلى حين تلقت بعد أيام خبر استشهادها نهاية فبراير الماضي وهي في طريق نقلها إلى وجهة أخرى، حيث أكدت أنها لم تتمكن من إلقاء النظرة الأخيرة عليها ولا توديعها، لأنها تلقت الخبر متأخرا بأكثر من عشرة أيام بسبب انقطاع الاتصالات والأنترنيت. وخلال هذه الفترة، وريت أمها إلى مثواها الأخير من قبل أقاربها.
وتواصل الدكتورة عملها دون انقطاع كمتطوعة بمجمع ناصر الطبي لتقديم الاسعافات للجرحى وإنقاذ المصابين برصاص الاحتلال، مؤكدة أن القسم الطبي الذي أدته يوم تخرجها يلزمها “تقديم المساعدة لأي شخص في خطر أو بحاجة إلى إسعاف مهما كانت الظروف التي تعمل بها أو المخاطر التي تواجهها”.وتتنقل الطبيبة بحذر وبصعوبة كبيرة بين أركان مجمع ناصر الطبي المحاصر لمزاولة عملها، خاصة وأنها أصبحت مستهدفة منذ عمليتها البطولية أمام بوابة المستشفى، مشيرة إلى أن قناصة الاحتلال نفذوا العديد من عمليات القنص أمام غرفتها وآخرها كانت ضد شاب استشهد على بعد سنتيمترات من نافذتها.
وطالبت بضرورة حماية الطواقم الطبية للبقاء على رأس عملها في كل المستشفيات والمراكز الطبية خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يمر به قطاع غزة. كما ناشدت بضرورة وصول المساعدات والأدوية والمعدات الطبية التي نفذت بشكل كامل من غرف العمليات و الاستعجالات الجراحية.الصورة البطولية و الشجاعة التي رسمتها أميرة العسولي وهي تركض منحنية الظهر لإنقاذ حياة شاب جريح، فاقت الدور العادي الذي يمكن أن تقوم به أي طبيبة وهي تزاول عملها، وتحولت إلى أيقونة في المقاومة والفداء في وجه المحتل الصهيوني الذي يشن عدوانا همجيا على قطاع غزة منذ السابع أكتوبر من سنة 2023.