الأديبة الناشئة نور اليقين بوعون…. وعود أفصح متحدثة في الجزائر
لها قصة طويلة من الإصرار في التحدي، إنّها الأديبة الناشئة، نور اليقين بوعون، أفصح متحدثة في الجزائر، ذات الثمانية عشرة وردة التي توهّجت في الموعد المعرفي الأضخم لتثمين القراءة في دبي سنة 2018.
سفيرة ولاية باتنة في مشروع تحدي القراءة العربي، أبصرت النور في السادس عشر جوان 2005 بعاصمة الأوراس، جُبل فؤادها على حب بنت عدنان، وأكرمها الرحمن بذلاقة اللسان، فعقدت العزم على أن تصبح أديبة ناجحة تزيل التجاعيد عن أسارير الواقع وتشفي بكتاباتها الأحزان، لذلك شدّت وثاق قلبها اجتهادًا للوصول وربّتت عليه.
تقول أم نور اليقين إنّها نطقت بأول جملة سليمة حين لم تتجاوز السنتين، وعندما كانت تُسأل عن حلمها، تردّ الصبية الهيفاء بتصميم: “أريد أن أصبح كاتبة مشهورة”، وتعلّق ضاحكة: “الحقيقة على أفواه الصغار”، وتروي الأستاذة ملاخسو أعزّ معلمات نور اليقين، براعة الطفلة غزيرة الطموح في حصص التعبير الشفوي وجمال ذكرياتها أيام الابتدائي.
بلاغة في تظاهرة “أقلام بلادي”
تمتلئ نور اليقين حيوية، حيث قدّمت في حصة بين الثانويات التلفزيونية، وأنتجت حزمة مساهمات في المسابقات المدرسية، كما قدّمت مواضيع بليغة ومميزة في تظاهرة أقلام بلادي، ما مكّنها من افتكاك الصدارة في الطبعتين الأولى والثانية.وألّفت نور اليقين قصة “مملكة المرجان”، وكتاب “بناء الذات على مسرح الحياة” الذي حاز على ”جائزة الفنون والإبداع لأفضل عمل أدبي” وضمّنته أفكارًا عن سبل مزج قيم الإبداع بالحداثة والعصرنة وتمكينها للأجيال القادمة.
حُظي نبوغ نور اليقين بإعجاب وزيرة الثقافة مليكة بن دودة التي اكتشفت الأديبة الناشئة واستضافتها في الملتقى الوطني لنوادي وفعاليات القراءة المقام مؤخرًا الذي شهد إلقاء نور اليقين لكلمة مبهرة في حفل الختام، وكانت المناسبة جسرًا للكاتبة الأنيقة التي حصدت دررًا من توجيهات نخبة من الأكاديميين والأدباء أمثال عاشور فني، محمد الأمين بحري، سمية دويفي وغيرهم.
تطلع لكتابة القصة ومراودة التلفزيون والدبلجة
عن القادم، تهمس نور اليقين: “قلمي يميل كثيراً إلى كتابة القصة، وأتمنى أن أوفق في كتابة القصة القصيرة، كما أحسن كتابة الشعر المنثور، ولديّ عدة أشعار حرة، وأتطلع لتجاوز الرواية إلى التلفزيون، لأني لا أجد مشكلة في التأقلم مع الكاميرا، كما أني مولعة بالدبلجة”.وتكشف نور اليقين عن إجادتها أداء المسرحيات المدرسية وكتابة السيناريوهات، وترى أنّ المشاركة في تشكيل وعي المشاهد هو أكبر مسؤولية، وتأمل أن يستفيد المسرح الجزائري من نقطة تحوّل، وأن ينتج الشباب أعمالاً سينمائية ضاربة بأفكار جديدة مفيدة.الإبداع في نظر نور اليقين هو “ألاّ تمشي في ركب الغير أثناء البذل والعطاء، وإنما أن تُعَبِّد بشغفك طريقًا لهدفك.. أن تضرب في الوحل والغبار وتهيّئ الدرب إلى التميز بإصرار، وكم يحلو الإبداع حين تنافس ذاتك، وتعيش هواياتك وتترك لمستك الخاصة في كل محطة تمر بها في ذلك المسلك الوعر الجميل”.
6 تجليات للإبداع
تضيف نور اليقين في وداعة: “قد يكون الإبداع في هيئة مصور يلتقط تفاصيل المجتمع، بعدسة التأمل ومونتاج الضمير يعرض على شاشة الأمل حلولاً، إعلاميًا يرتّل القضية ويتكبّد العناء لمشاركة الحدث وإيصال النداء، أديبًا يعالج أسقام الخواطر ويعقّم النهى من الجهالة والضجر بطيب نفس وبلاغة تشبه السحر، فنانًا يسكب الحياة بدهاء عبر عارض من فنه، أو أنثى تختزل الجمال في كل تفاصيلها، فالإبداع لوحة تختلج لغزًا، طفولة قلب وحكمة ذهن لا يعرف عجزًا، الإبداع كفاح، معيار نجاح، وشرط تألق”.
ولطالما تبنّت نور اليقين عبارة مفادها: ”البشر يسألون بكثرة: لماذا؟”، وعليه تومئ: “أتخيل أشياء وأحداثًا غير موجودة وأسأل لم لا؟” فالواقع تلميذ الخيال، والإنجازات تلميذة الأفكار والتصورات ووليدة التطبيق والعمل.. ولذلك فإنني أتفحص محيطي على الدوام، وأتساءل عما يفتقر إليه”.
الاعتزاز بالضاد وتحرير طاقات الأطفال
تتساءل الصبية الشاهقة عن سبب عدم إعلاء شأن المعلم، ودواعي الابتعاد عن أصالة هويتنا بدلاً من الغوص في مستنقعات التقليد، وتشدّد على الاعتزاز بالعربية لغتنا الأم الفريدة، وتتصور أنّ إبداع الناشئة ليس مرهونًا بحصرهم في توجهات معينة أو وضع حدود وهمية لقدراتهم، لذا تحثّ على مزج أصول التعلّم الأصيل والإبداع الجميل بشروط مواكبة التقدم عبر ترسيخ المقومات الإنسانية والتوعية الإسلامية في كل فضاء يخص الأطفال.
أخيرًا وليس آخرًا تتطلع أصيلة الأوراس إلى إشراقة أجمل، بهمّة أقوى وإنتاج أفضل، وتقول نور اليقين: “لي محطات شرف كثيرة في بداية طريقي الطويل وسأواصل المسير إلى المأمول.. إيمانًا بأنّ كل العقبات ستزول، ويقينًا أنّ الرحيم سيفرش لنا في عمق الكرب أجدى الحلول ستجدون لي في كل طريق قدم.. وستظل ابتسامتي على شفتي وشم”.
ق.ث/الوكالات