الثقافةعاجل

الإعلامية “ياسمين بن حمادي” لـ “منبر القراء”:”أشواك خبر”… صحة الصحفي الجزائري خلال العشرية السوداء وما بعدها

يمضي الصحفي عمره في مغامرة البحث عن الحقيقة ودرء الإشاعة، بمواجهة الصعاب وقبول التحدي، لجلب المعلومة وتنوير الرأي العام، لكنه رغم الجهود التي يبذلها، خدمة للآخرين، فإنه لا يجد من يهتم به كشخص سواء مهنيا، اجتماعيا أو صحيا، ليجد نفسه وجها لوجه مع مشاكل، لا يمكنه حلها، لكنه مطالبا بتجاوزها لإيصال رسالته إلى المتلقي بنجاح، فيضطر إلى الإبتسامة أمام الكاميرا وإخفاء الحزن الذي يعتصره، إلى تلطيف صوته خلف الميكروفون حتى لا يظهر تعبه، إلى الإهتمام بأسلوب الكتابة، حتى تصل الرسالة وتبلغ الهدف المنشود، كل هذا دون أن يشتكي أو يتذمر. فالصحفي مثل الشمعة يحترق لينير الرأي العام، وينتهي به المطاف بتقاعد يحيله إلى حياة غريبة، من حياة سابقة يبحث فيها عن حقيقة المعلومة، إلى حياة جديدة يبحث فيها عن حقيقة علاج الأمراض، التي ظهر أنها كانت تنخر جسده منذ زمن، لكن شغفه بمهنته ومشاق جريه وراء الخبر، أنساه الاهتمام بحالته الشخصية. في الجزائر لا توجد دراسات أكاديمية أو أبحاث تهتم بالصحفيين ومهنتهم، فقط بعض الكتب التي تعد على الأصابع وفي معظمها تتعلق بسير ذاتية للصحفيين أنفسهم، تسلط الضوء على مواقف وأحداث عاشوها، بعيدا عن الخوض في عمق المهنة ونبش دواخلها. الصحفية الشابة “ياسمين بن حمادي”، شذت عن القاعدة، وأثرت المكتبة الجزائرية بمولود جديد، يعتبر مرجع للصحفيين والراغبين في الإهتمام بالبحث وتسليط الضوء على واقع عالم الصحفي المليء بالإثارة، النجاح، المشاكل والآثار التي تخلفها الممارسة الصحفية على صاحبها، بعدما قامت بدراسة أكاديمية خلال تحضيرها لشهادة “الماستر” في مجال الإعلام، حول الوضعية المهنية للصحفي وآثار العمل الصحفي على صحته، عبر مقارنة بين فترة العشرية السوداء (1990_2000) وما تلاها بين (2000_2015)، لتبلورها فيما بعد إلى مؤلف في متناول الجميع موسوم ب”أشواك خبر… الأمراض المهنية لدى الصحفيين الجزائريين”، صادر عن مؤسسة “ليباد” للنشر والتوزيع، ولتسليط الضوء على محتوى الكتاب، حاورتها جريدة “منبر القراء” وكان اللقاء التالي:

 

أهلا، هل سبق وأن ألفت كتبا من قبل؟

مرحبا، “أشواك خبر” هو أول إصدار لي في عالم التأليف، الذي حاولت فيه تسليط الضوء على طبيعة وظروف مهنة الصحافة، وبالتالي الربط  العلاقة الموجودة بين أجواء العمل الإعلامي والمرض الناجم عن ممارسة المهنة لسنوات طوال.

 

كيف جاءتك فكرة الاهتمام بصحة الصحفي؟

جاءت فكرة الكتاب انطلاقا من دراسة ميدانية، أجريتها خلال إنجازي لمذكرة الماستر في علوم الإعلام والاتصال. تناولت الأمراض المهنية لدى الصحافيين الجزائريين (دراسة مقارنة بين الفترة الممتدة من (1990-2000 و 2000- 2015). حاولت من خلالها استنباط إحصائيات تتعلق بأبرز الأمراض المهنية، التي قد تنجم عن ممارسة المهنة، كالضغط الدموي، السكري، أمراض الكلى …وغيرها من الأمراض.

هذه الدراسة طورتها بالاعتماد على أداة المقابلة، وذلك من خلال إجراء مقابلات مع صحافيين أصيبوا فعلا بأمراض مهنية، ونقلوا لي تجربتهم المعاشة، لتتحول الدراسة الميدانية إلى كتاب بعنوان “أشواك خبر”.

 

ما الذي جعلك تتجهين لتدوين ذلك في كتابك عوضا عن مقال صحفي أو حصة تلفزية أو إذاعية؟

 

الذي دفعني إلى التوجه لإنجاز كتاب بدلا من مقال أو حصص إذاعية، أولا لأن موضوع الأمراض المهنية لدى الصحافيين الجزائريين غير مذكور في جدول الأمراض المهنية، ما يستدعي البحث عنه ومحاولة ربط النظريات المفسرة للأمراض المهنية مع ظروف العمل الإعلامي، وما يعتريه من ضغوط نفسية وحمل جسدي ثقيل.

 

ما هي الجهات التي اعتمدت عليها في كتابك؟

 

الجهات التي اعتمدت عليها هي  شريحة الصحافيين المصابين بأمراض مهنية.  الاطباء المختصين في الكلى/ الأنف والحنجرة / في الغدد والسكري/ أخصائية في علم النفس/ أخصائية علم النفس عمل وتنظيم إلى جانب كتب ومقالات أكاديمية.

 

 ما هي أهم الأمراض التي يتعرض لها الصحفي؟ هل هناك إحصائيات رسمية عن مرض الصحفي؟

 

 من بين الحالات التي عرضتها الضغوطات النفسية، الهلع، الخوف والقلق الدائم خصوصا الصحافيين الذين اشتغلوا في فترة العشرية السوداء. أمراض الكلى. جرح على مستوى الأحبال الصوتية نتيجة التعليق الرياضي والغدة الدرقية. بينما لا توجد إحصائيات رسمية لأن الأمراض المهنية لدى الصحافيين الجزائريين غير موجودة في جدول الأمراض المهنية، و نسعى اليوم كباحثين وعاملين في المجال إلى فتح نوافذ النقاش وتسليط الضوء عليها أكثر.

 

 ما هي أسباب هذه الأمراض؟

 

إذا كانت الصحافة مهنة البحث عن الحقيقة، فهي أيضا مهنة البحث عن المتاعب، هكذا وصفها بعض الصحافيين المشاركين في التحقيق. حيث أن تشخيص بيئة وطبيعة العمل الصحفي يعد انطلاقة أولى للإجابة عن الأسباب المؤدية للمرض، من بينها ضغط الوقت المرتبط بعامل البث، بالنسبة السمعي البصري، أو النشر بالنسبة للصحافة المكتوبة.

 

هل هناك معطيات عن نسبة الأمراض بالنسبة للصحفي في القطاعين الخاص والعمومي؟ وهل اهتممت بمدى التكفل الصحي للصحفي من طرف مؤسسته؟

 

 العمل يركز على ضرورة أن تلتزم المؤسسات الإعلامية بالسلامة الصحية للصحفي، من خلال تفعيل طبيب المؤسسة الذي لا يتم اعتماده  في كل المؤسسات الإعلامية الخاصة.

هل طبيب المؤسسة توفره المؤسسات الإعلامية العمومية؟ 

 

نعم في المؤسسة الإعلامية العمومية يوجد طبيب المؤسسة على خلاف المؤسسات الخاصة.

 

ما هي نسبة الأمراض المهنية لدى الصحفيين بين فترة العشرية السوداء والفترة التي تلتها؟

 

 نسبة الإصابة بالأمراض لمهنية لدى الصحافيين حسب الدراسة التي أجريتها في الفترتين 1990 إلى 2000 ومن 2000 إلى 2015، فقد تبين أن العاملين في الفترة الأولى، نسبة الصحافيين المصابين بأمراض مهنية بلغت 56،41%. أما الفترة الثانية فقد بلغت النسبة الصحافيين 21،31% يعني تسجيل انخفاض في عدد الإصابات، حسب استمارة تم توزيعها.

 

كلمة أخيرة؟

 

 علينا فتح النقاش والتعمق في الاهتمام بحالة الصحفي ووضعيته المهنية وإشراك كل الأطراف المعنية، لاسيما مرافقته بطبيب المؤسسة للتكفل به منذ البداية.

 

حاورتها: ميمي قلان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى