
البروفيسور مصطفى خياطي يستذكر خصال الرعيل الأول من الأطباء الجزائريين
نوه البروفيسور مصطفى خياطي أخصائي في طب الأطفال، وأستاذ في جامعة الجزائر1 خلال المحاضرة التي ألقاها البروفيسور الإثنين بالمركز الوطني للبحث في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي الموسومة بـ: “تاريخ الطب في الجزائر”، بتضحيات الأطباء الجزائريين إبان حرب التحرير و دور أصحاب المآزر البيضاء خلال الثورة التحريرية تزامنا مع الذكرى ال68 لإندلاع الثورة بالرمزية و التخليد لاستتذكار مآثر الأطباء الشهداء و المجاهدين.
حيث أكد ،أنه لم يتم إنصاف و أصابهم نوع من النسيان و لم نوفيهم حقهم منهم من قضى نحبه في السجون لسنوات و ضياع مستقبله و منهم من توفاه الأجل بساحة المعركة ،منوها بالتضحيات الجسام التي قدمها الرعيل الاول من الأطباء في سبيل تحرير البلاد و ضحوا بالغالي و النفيس و الذي قدر عددهم بالمئات.
تطرق خياطي الى بداية نشاط الطب مند وطأة الإحتلال أرض الوطن الى غاية إندلاع الثورة التحريرة مرورا باهم محطات النظال و التلاحم مقدم قائمة الكوادر و المنشآت الذي إعتبره الخزان البشري الذي امد الثورة بالاطباء الأكفاء، كما استعرض المحاضر خلال مداخلته نضال رجال و نساء قطاع الصحة خلال حرب التحرير و الذين أعطوا كما قال مثالا للتضحية و الجهاد و الإنسانية ،مذكرا بوجود مستشفى عثماني بوهران فقط و بعض المنشآت الصحية المسيحية التي كانت تقدم خدمات للكولونيين و حاشياتهم.
و قدم حصيلة للمنشآت الطبية و كرونولوجيا الامراض و الاوبئة التي طالت الجزائريين بسبب العدوى التي نقلتها حملات الهجرة الأوربية للإسبان و المستعمرين لاسيما الكوليرا منها.منوها بالنواة الأولى لمارسة الطب في الجزائر إنطلاقا من الباي محمد الكبير و محمد بن عصمان و ابن احمد الشريف الحسني و عبد الرزاق ابن حمادوش الجزائري، و تناول بالتفصيل مرحلة الإحتلال سنة 1830 و اسهامات الطب التقليدي في رفض الاسعمار و مقاطعة المستشفيات التابعة للإستعمار ، كما أشاد كذلك بالقرار الشجاع لهؤلاء الأطباء الذين كان بعضهم يعمل في مستشفيات بفرنسا و اخرون في عياداتهم و يعيشون حياة مريحة لكنهم تخلوا على كل شيء و التحقوا بجيش التحرير الوطني للاعتناء بالجرحى من المجاهدين و اسعاف المدنيين خاصة اللاجئين على الحدود من خلال عرض قائمة الأطباء المرابطين على الحدود الشرقية و الغربية للوطن ، و كدا قائمة الأطباء الذين قبض عليهم بالسجون و الدين استشهدوا غذرا و رفقاء الثورة الجزائرية على رأسهم فرانس فانون و الأطباء السوريين الذين التحقوا بالثورة في سنة 1957 ، موضحا ما لحق بهؤلاء من تقتيل و سجن من قبل المستعمر و ايضا من طرف المنظمة السرية و اليد الحمراء و هي عصابة ارهابية تابعة لاجهزة الاستخبارات الفرنسية.
و ذكر البروفيسور خياطي بحصيلة موجة الكوليرا التي إجتاحت الجزائرسنة 1835 و التي راح ضحيتها 600 شخص من اجمالي 20 الف اصابة و مرض و ذلك مع دخول الاسبان عبر القاعدة البحرية مرسى الكبير سنة 1834 .و أردف المحاضر عن فتح اول كلية للطب بالجزائر 1909 لتكوين الأطباء الجزائريين وفق التعليم العصري،منوها عن تسجيل 11 طبيب مع وجود 27 حامل لشهادة البكالوريا خلال نفس السنة.
كما سجلت الفترة بين 1954 و 1959 وهاء 60 طبيب مسلم بالجزائر، و نمط العلاج المقسم عبر 3 طبقات و هي الكولونيال و الانديجان و الاهالي، كما قدم حصيلة عن مستوى التمدرس خلال الحقبة الاستعمارية و توزيع الأطباء و الصيادلة و جراحة الأسنان و القابلات ،حيث لم يكن ينشط بالقطاع الوهراني سوى 23 طبيب منهم 4 بوهران و 12 صيدلي و 7 أطباء أسنان و 5 قابلات فقط و الذي انقطع اغلبهم عن الدراسة بسبب أحداث 19 ماي 1956، و ثورة الطلبة، منوها انه في بداية الحرب لم تكن هناك مصلحة الطب حتى 1956، مع انعقاد مؤتمر الصومام أضحت الضرورة للتكفل بالجنود و ايضا المدنيين.
واستعرض المحاضر في سياق حديثه ظروف العمل في الميدان وصعوبة المكان و قلة الإمكانيات لكن هؤلاء قاموا بمهامهم على أحسن وجه وباستعمال معدات جد بسيطة للعلاج و القيام بعمليات جراحية لإنقاذ الجرحى و المرضى.
إلى جانب الأطباء الجزائريين كان هناك أجانب ساندوا الثورة كما ظهر في الصورة التي استعرضها المحاضر و من بينهم ستة أطباء سوريين يتقدمهم نور الدين الاتاسي الذي أصبح رئيسا لسوريا من 1966 إلى 1970 و الذين التحقوا بجبهة التحرير في تونس.
للإشارة أن المحاضرة تأتي في سياق الأنشطة الثقافية و التاريخية التي ينظمها المعهد الوطني للبحث في الانثربولوجيا الاجتماعية و الثقافية ” الكراسك” بوهران و ذلك بالتزامن مع برنامج الاحتفال بالذكرى ال68 لعيد الثورة.
عايد.ع