
الجن حقيقة أم وهم …. ؟
من المسلمات في عقيدتنا الإسلامية الإيمان بالغيب .يقول الله تعالى “ألم ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب” (سورة البقرة الآية 3) ،والغيب كل ما غاب عنا ولم ندركه ، وأخبرنا الله به في قرآنه ،أو على لسان نبيه ، والجن من موضوعات الغيب.
و من الأدلة على وجود الجن : فلقد ذكر الله الجن في القرآن الكريم 22 مرة وفي 11 سورة ،بل هناك سورة في القرآن الكريم تسمى سورة الجن ، وأخبرنا القرآن الكريم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم التقى بالجن أثناء رجوعه من الطائف بمكان يسمى (نخلة) واستمعوا إليه وآمنوا به وقص علينا ربنا أحداث هذا اللقاء في الآية 29 من سورة الأحقاف.
أما السنة النبوية فزاخرة بذكر الأحاديث التي تتعرض لذكر الجن ، بل لقد فصل لنا الرسول الكلام عن الجن تفصيلا دقيقا فأخبرنا من هم ؟ ماذا يأكلون ؟أ ين يسكنون؟ ما هي أجناسهم وقبائلهم ؟ ما علاقتهم بالإنس؟ وهل هي علاقة كره وحسد أم علاقة حب وتعاون ؟ وسنتعرض لكل هذه التفاصيل في مكانها
*المنكرون للجن:
يقول المؤلهون للعقل: إن الجن خرافة ولا وجود لهم في عالم الحقيقة،ولو كانوا موجودين لرأيناهم ولمسناهم في عالم الواقع ، والجواب عن هذا الإشكال سهل ميسور :
إن عدم رؤيتنا للأشياء ليس دليلا على عدم وجودها ،فكم من أشياء موجودة في عالمنا ونؤمن بها ولكننا لا نراها وإنما نستدل بآثارها عليها.
فالتيار الكهربائي لا نراه وهو يسير في السلك ولكننا نؤمن بوجوده من خلال آثاره التي تدلنا عليه، فالمصباح و المكيفات الهوائية والثلاجات وما عطف عليها من آلات كهربائية كلها تدل على سيره الذي لا نراه .والهواء الذي نتنفسه ونعيش به لا نراه ولا نلمسه ولكننا نؤمن بوجوده ، ونفس الكلام يقال عن الروح الحالة في أجسامنا والجن مثل ما ذكرت تماما .
*ما حكم منكر الجن :
إن الذي ينكر وجود الجن كافر باتفاق جميع العلماء لأنه مكذب بالقرآن الكريم الذي يقر وجود هذه المخلوقات تقريرا لا لبس فيه .أما الذي يؤمن بوجود الجن كمخلوقات تعيش معنا في هذا الكون ولكنه لا يؤمن بتفاصيل هذا الموضوع فليس بكافر . وسأفصل الكلام عن هذه التفاصيل أثناء كلامي عن علاقة الجن بالإنس في الحلقات القادمة .
*المادة التي خلق منها الجن :
أخبرنا القرآن الكريم خبرا قطعيا بأن الجن مخلوق من النار،وذكر الله هذه الحقيقة في كثير من السور القرآنية ومنها : أولا يقول الله تعالى في كتابه الكريم “والجان خلقناه من قبل من نار السموم” (سورة الحجر الآية 27) و يقول الله تعالى أيضا في كتابه العزيز “وخلق الجان من مارج من نار” (سورة الرحمن الآية 15).ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ” (صحيح مسلم رقم 2966).
*كيف يعذب الله الجن بالنار وهو مخلوق من النار؟
الجن مخلوق من النار ولكنه ليس نارا ، فأصل خلقه من النار لكنه تطور بعد ذلك (مر بأطوار) وصار خلقا آخر فهو يتألم من النار رغم أنها أصله ، كالإنسان فهو مخلوق من طين ولكنه تطور وأصبح خلقا آخر ويتألم إذا رميته بكوم من الطين… قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :”إن عدو الله إبليس جاءني بشهاب من النار ليجعله في وجهي ….”( رواه مسلم تحت رقم 542) ولو كان إبليس نارا لما حمل النار في يده وجاء بها إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ …………………..يتبع
بقلم : الأستاذ :محمد شارف الحنفي