تواصل الحكومة مسار تجسيد الإصلاحات السياسية و المؤسساتية العميقة التي أقرها رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون لتعزيز دولة القانون و تجديد الحوكمة, والمكرسة بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020, من خلال إعداد النصوص القانونية ذات الصلة, وإنشاء كافة الأجهزة و الهيئات المندرجة في هذا الإطار, مثلما أورده بيان السياسة العامة للحكومة.
إيداع بيان السياسة العامة للحكومة بمكتب المجلس الشعبي الوطني:
ففي مجال عصرنة العدالة و تعزيز الحريات, يشير بيان السياسة العامة للحكومة إلى إصدار 12 نصا تشريعيا من أصل ثلاثين, و برمجة إيداع 12 نصا آخرا على مستوى البرلمان خلال الدورة البرلمانية الحالية.كما تم, علاوة على ذلك, تنفيذ العديد من الخطوات المتصلة بهذا الشق, من بينها تعزيز استقلالية القضاء بإصدار القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و تنصيب أعضائه و إعداد المشروع التمهيدي لقانون جديد يتعلق بالقانون الأساسي للقضاء, سيعرض على البرلمان خلال دورته الحالية. أما في مجال تحسين نوعية العدالة, فقد تمت مراجعة قانون مجلس الدولة لتكييفه مع أحكام الدستور, مع إنشاء ست محاكم إدارية للاستئناف, لضمان الحق في التقاضي على درجتين, فضلا عن استحداث محاكم تجارية متخصصة و مراجعة قانون الإجراءات المدنية و الإدارية, بغرض تبسيط إجراءات الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا, من جهة, و إدراج الطرق البديلة لتسوية المنازعات, من جهة أخرى.ومن أجل تسهيل اللجوء إلى العدالة و تقريبها من المواطن, تم إقرار العديد من الإجراءات التي تصب في هذا الاتجاه, كتكريس نمط الجلسات المتنقلة, من خلال القانون المتعلق بالتنظيم القضائي, وإنجاز و تجهيز و استلام تسعة مقرات لجهات قضائية, إضافة إلى مركز جهوي للأرشيف القضائي مقره بوهران.أما بخصوص ما تم اعتماده لتحسين أداء نظام المؤسسات العقابية, فمن المنتظر استكمال مشروع مراجعة القانون المتعلق بتنظيم السجون مع نهاية السنة الجارية, وإعداد مرسوم تنفيذي يتضمن مراجعة الإطار التنظيمي المحدد لشروط و كيفيات منح المساعدات الاجتماعية و المالية للمحبوسين المعوزين, و آخر يتضمن مراجعة الإطار التنظيمي المحدد لوسائل الاتصال و كيفيات استعمالها من طرف المحبوسين.
تكريس ممارسة كاملة للحقوق و الحريات
استعرض بيان السياسة العامة للحكومة, تحت هذا الباب, مختلف الإجراءات المتخذة في مجال تعزيز الحوار و التشاور مع الشركاء الاقتصاديين و الاجتماعيين, حيث ذكرت الوثيقة بإصدار القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.وبغية إقامة مجتمع مدني “ديناميكي و ملتزم”, ذكرت الوثيقة بأنه تم إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني وإعداد مشروع قانون متعلق بشروط و كيفيات إنشاء الجمعيات.وعلى صعيد آخر, لفت بيان السياسة العامة للحكومة إلى أنه تم إعداد مشروع قانون يتعلق بحريتي الاجتماع و التظاهر السلمي و مشروع قانون آخر يكرس التبسيط العميق لشروط و كيفيات إنشاء الأحزاب السياسية.وفي قطاع الإعلام, عرجت الوثيقة المذكورة على ما أنجز في هذا السياق, على غرار مراجعة الإطار التشريعي و التنظيمي المتعلق بحرية الصحافة و تنظيم قطاع الاتصال, لا سيما من خلال الإعداد لمشاريع قوانين الإعلام و النشاط السمعي-البصري و الصحافة المكتوبة و الصحافة الالكترونية, مع تطوير الاتصال المؤسساتي عبر إدماج القنوات “الجزائرية” الخاضعة للقانون الأجنبي في الساحة الإعلامية الوطنية, بإيواء 16 منها من قبل مؤسسة البث الإذاعي و التلفزي, في إجراء الغاية منه “استيعاب نشاط هذه القنوات و مطابقتها مع التشريع الجزائري”.
تجديد الحوكمة لمزيد من الأداء و الشفافية
استعرض بيان السياسة العامة للحكومة مختلف الجوانب المتصلة بتجديد الحوكمة, كتكريس علاقة “تكاملية” بين السلطتين التنفيذية و التشريعية, حيث تم, في هذا الصدد, إحصاء 1.708 سؤال كتابي وجهه ممثلو الشعب لأعضاء الحكومة و “بلغت نسبة الرد عليها 100 بالمائة”.كما تم السهر, ضمن هذا المسعى, على وضع إطار معياري للحكومة يضمن الحكم الراشد, وهو العمل الذي توج بصدور 1.470 نصا قانونيا.وفي مجال الوقاية من الفساد و مكافحته, تم تحقيق عدة إنجازات, منها تنصيب السلطة العليا للشفافية و الوقاية من الفساد ومكافحته و تعديل القانون المتعلق بالوقاية من هذه الآفة, إلى غير ذلك.وفي إطار تنفيذ المسعى الشامل الذي أقره رئيس الجمهورية لاسترداد الأموال الناتجة عن الفساد, تم تنفيذ الأحكام القضائية النهائية القاضية باسترجاع الأموال المختلسة, بإدراج كل ممتلكات المجمعات الاقتصادية المتورطة في قضايا الفساد في القطاع العمومي التجاري للمحافظة على أداة الانتاج ومناصب الشغل.كما أحبطت عدة محاولات لإخفاء أو تبديد عائدات الفساد بفضل جهاز يقظة تم وضعه لهذا الغرض, الأمر الذي سمح باسترداد أملاك عقارية ومنقولة هامة و تفادي تهريب هذه الأموال الى الخارج.
ترسيخ وحماية مقومات الهوية الوطنية و الذاكرة
يظل هذا المجال يمثل أولوية بالنسبة للحكومة. ففيما يتصل بتعزيز المرجعية الدينية الوطنية, تم تعزيز الشبكة الوطنية للمساجد, من خلال فتح 172 مسجدا و إنشاء هيئات متكاملة لجامع الجزائر, يضاف إلى ذلك توحيد الجوانب المعمارية لمساجد القطر و استكمال الدراسة المتعلقة بإنشاء المعهد الإسلامي الجزائري “أغاديس” بالنيجر.
أما في إطار المسعى المتعلق بالذاكرة الوطنية, فقد تم تحديد مقاربات جديدة لمتابعة الملفات المنضوية تحت هذا الشق, كاسترداد جماجم ورفات شهداء المقاومة الشعبية والأرشيف الوطني بالخارج, بالإضافة إلى ملفات التفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية ومفقودي ثورة التحرير الوطني و المنفيين و المبعدين.كما يتم العمل أيضا على مواصلة ترقية كتابة و نشر التاريخ الوطني في الأطوار التعليمية الثلاث, وجمع الشهادات الحية لصناع الثورة, مع إعداد مقاربات جديدة للحفاظ عليها و رقمنتها و تصنيفها و استغلالها, وفقا لما جاء في الوثيقة.
للتذكير فقد أودع بيان السياسة العامة للحكومة بمكتب المجلس الشعبي الوطني, حيث من المبرمج تقديمه من طرف الوزير الأول, السيد أيمن بن عبد الرحمان, في جلسة عامة في الثالث من أكتوبر المقبل, حسبما أفادت به ذات الهيئة التشريعية, هذا الأربعاء, في بيان لها.
وجاء في البيان أن مكتب المجلس الشعبي الوطني عقد، الأربعاء, اجتماعا برئاسة السيد ابراهيم بوغالي رئيس المجلس, حيث “سجل المكتب إيداع الحكومة لبيان السياسة العامة, وذلك طبقا لأحكام المادة 111 من الدستور التي ورد في فقرتها الأولى أنه “يجب على الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أن يقدم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة”.
وفي هذا الإطار, ”برمج مكتب المجلس تقديم بيان السياسة العامة من قبل السيد الوزير الأول في جلسة عامة تعقد يوم الاثنين 3 أكتوبر المقبل, على أن يشرع في مناقشة بيان الحكومة من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني بعد العرض”, وفقا لما تضمنه المصدر ذاته.وبعد استكمال آخر التدخلات في المناقشة العامة، سيفسح المجال للوزير الأول للإجابة عن التساؤلات والانشغالات التي طرحها نواب الغرفة السفلى للبرلمان, يضيف المصدر ذاته.
جمال الدين أيوب