الشاعرة عليمة عبدات:”الإنفتاح والمشاركة وإحترام الآخرين، هي قيمة عالمية مبنية على أساس العيش المشترك “
إن عيش الحياة على أكمل وجه، مع الإنفتاح والمشاركة وإحترام الآخرين، هي قيمة عالمية مبنية على أساس العيش المشترك والإنسانية، خصال تدعو لها الشاعرة عليمة عبدات في قصائدها التي تبرز كمنصة ترافع للسعادة وتدين الظلم وتذكر بالعمق التاريخي للهمجية الصهيونية.
و في حوار لها مع وكالة الأنباء الجزائرية ، بمناسبة صدور مجموعتها الشعرية الأخيرة “كجسد موشوم”، عن دار النشر “آناب”، وهو تكريم جميل لقوة الكلمات، تقدم عبدات رؤيتها كمثقفة ملتزمة، حول أمور عديدة من بينها دور الشعر في تمكين الفرد من التأمل في حاله المنعكس لدى الآخر، وفهمه جيدا، ثم العزم على المضي قدما ومحاولة الدفع نحو التغيير متحديا تيارات الشدائد المضادة.
و ترى عليمة عبدات أن الشعر “نداء”، ولكن بمعنى “الطموح”، “التعبئة” أو حتى “المطالبة”، وهو ما تحاول ترجمته من خلال غنائية الشعر، والتي سيكون دورها “كسر الحواجز وإزالة البحار الداخلية” في كل فرد، مؤكدة أن حق الفرد في التصرف في حياته هو “أساس حرية الإنسان”، مع ضرورة عدم الانعزال، لأننا -كما تقول- “نعيش مع الآخرين”.
و في معرض حديثها عن مجموعتها الأخيرة، توضح عبدات أنها مقدمة ك “رسم توضيحي سينمائي”، استعارة تتكون من “جمع صور وانطباعات متباينة، منسية ومهمشة أو حتى مكبوتة في الخلفيات، ولكنها تظل غير قابلة للمحو، كوشم على الجسد” (حيث استلهم عنوان المجموعة)، والتي حاولت ترتيبها على أفضل وجه ممكن في مونتاج “مقاطع” من الحياة مستردة من “أسفل أدراج الذاكرة” لتقديمها في خمسة موضوعات متكاملة لنفس الرؤية الوجودية.”إن الأسباب التي تدفع المؤلف إلى الكتابة والنشر هي نفسها الأسباب التي تدفع القلب إلى النبض: الحياة”، تقول الشاعرة في معرض ردها على سؤال حول فعل الكتابة وأسباب النشر، مبررة اختيارها بين النثر والنص المنظوم ب “وجود منطق المعنى والصوت والإيقاع المتأصل في الشعر، والذي يتطلب في بعض الأحيان ترتيبا غرافيكيا”.
“إن فرض شكل نثري أو شعري على القصيدة مع تجاهل نصيتها يعتبرا قتلا لها، وكل ما سيبقى في أحسن الأحوال على الورقة -التي أصبحت كفنا- هو جنين مجهض”، تؤكد الشاعرة.
مستذكرة “الإحباط الناجم عن استلهام غير مكتمل في اللغة العربية الفصحى”، تؤكد الشاعرة على ارتباطها الطبيعي بجذورها، موضحة أن استخدام اللغة الفرنسية في قصائدها “لم يكن إلا على المستوى الشكلي، أي على مستوى اللغة، في حين أن الخطاب مخصص بالكامل للثقافة والموروث الجزائري”.
“الكتابة والقراءة هي في الحقيقة مجرد تفكير وتضميد”، تؤكد عبدات التي تشير إلى أن العذابات والمعاناة مشتركة بين المؤلف والقارئ، وأن الدعوة إلى الحياة والمشاركة تتطلب أيضا استحضار العمق التاريخي للجرح الفلسطيني الذي يعيش على إيقاع جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني الإرهابي بشكل جبان.ففي “طائر الشمس”، إحدى القصائد المؤثرة في هذا الديوان الأخير الذي هو بمثابة تذكير لكل من يريد الاستماع بتمعن للأسى الكبير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من خلال صوت طائر، تقول الشاعرة: “قادم من بلد حيث المسارات عبارة عن ممرات تؤدي جميعها إلى جدار ..”.
بلد -تواصل الشاعرة- “أين السماء قبة من حديد أزرق كعاصفة، مسكونة بتنانين ماكرة تصفر لكسر حاجز الصوت، وتتغذى على دماء الأرض، والأشجار، والينابيع، والبشر، رجال، ونساء، وأطفال، ورضع، وأجنة صار مصيرها كمصير الحشرات المحصورة بين الجدران، تحتشد في المتاهة”.و في مرافعة شعرية بأبيات حرة مقدمة كعريضة اتهام في نص جمالي ثائر، تسرد الشاعرة عليمة عبدات جرائم الحرب والإبادة التي يجب أن يحاسب عليها مجرمو الكيان الصهيوني أمام العدالة والتاريخ.