المؤلف “الطرحان” لعبد الله كروم رواية تاريخية ترصد معاناة أبناء توات
صدرت مؤخرا رواية “الطرحان” للمؤلف عبد الله كروم ضمن منشورات “دار خيال”، رواية تاريخية اجتماعية ترصد يوميات أبناء منطقة توات بأدرار ومعاناتهم من المستعمر الفرنسي الذي جندهم اجباريا في الحرب العالمية الأولى والثانية و ارغمهم بعدها على الأعمال الشاقة بمواقع التجارب النووية.و يحيل عنوان الرواية “الطرحان”، التي تقع في 214 صفحة، إلى مصطلح محلي متداول يعود استعماله إلى معاملة ربوية انتشرت خلال النصف الأول من القرن ال20، زمن الجوع والفقر التي شهدتها منطقة توات، وتعني كلمة “الطرحان” القرض مع الرهن وقد تصل في بعض أحكامها لرهن الممتلكات مقابل الغذاء، وهي المعاملة التي أجبرت بعض السكان إلى الهجرة فرارا من تبعات هذه المبادلة المجحفة جراء احتياجهم إليها عند نفاد مطموراتهم من الزروع والتمور قبل الحصاد، ويكون ذلك سببا ليسقطوا في أغوار التيه والضياع والنفي والحرمان.
و يحاول السارد في هذه الرواية، التي تعد وثيقة إبداعية بلغة شعرية كثيفة، الكشف عن حكايات ومعاناة سكان المنطقة في الفترة الاستعمارية وهمومهم معتمدا على جملة من المكونات السردية المختلفة وعلى الفضاء الصحراوي، مستثمرا في السياقات الاجتماعية والتاريخية والجغرافية لمنطقة توات، مستندا على دلالات وحمولات التراث المحلي المادي واللامادي على غرار القصائد الشعبية المحلية، و كذا عناصر التاريخ الفلاحي والفقارة والقصبات والقصور الطينية ورائحة المخطوطات والأساطير والتراث الشفوي.
و يرصد الكاتب عبد الله كروم, أستاذ الادب والنقد, بعمله الروائي الأول الحاضر بصالون الجزائر الدولي ال25 للكتاب, تفاصيل معاناة أبناء المنطقة في فترة الاستعمار الفرنسي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي وهم المتعبون جراء ممارسات غير إنسانية من الاستعمار الذي سحقهم بالاستغلال والنفي عن الوطن والأهل والحبيبة والمثقل ومن جهة أخرى بأنظمته وتقاليده الاجتماعية المعقدة.و نرحل مع أجواء الرواية إلى فضاءات جغرافية بعيدة مغايرة عن البيئة الصحراوية مثل الفيتنام التي نفي إليها بطل الرواية السباعي ولد نجوم، الذي جرده الطرحان من ممتلكاته ويجنده الاستعمار للحرب في فيتنام وبالتالي يخسر وطنه وحبيبته الياقوت ويؤسر في الحرب ويعيش في المنفى محروما من العودة إلى وطنه بسبب نكران المستعمر.
كما ينفتح النص في بعض تفاصيله على فضاءات ثقافية أخرى مثل الثقافة والأدب الفرنسيين والثقافة الفيتنامية للبحث عن المشترك الإنساني بعيدا عن مشاريع الاستغلال والمشروع الاستعماري.كما اعتمد الكاتب على التكسير الزمني وتوظيف التراث والاسطورة و والعجائبية والتقاطع مع التاريخ لينقلنا إلى عوالم مليئة بخطابات الحب والدم والمغامرة والتيه والضياع والحرب والسلم والخيبة والانتصار.