الدوليعاجل

المحلل السياسي التونسي “نزار جليدي” لمنبر القراء:” العلاقات بين الجزائر والمغرب تجاوزت الخطوط الحمراء وصعب حلها الآن

لم يفاجئ قرار الجزائر بقطع علاقاتها الديبلوماسية مع المخزن المغربي، معظم المتابعين للعلاقات بين البلدين، والتشنجات التي تفاقمت، بعدما أعلن المخزن المغربي تطبيعه مع الكيان الصهيوني، وتجاوز الأمر إلى السماح لوزير خارجية الكيان بالتطاول ومهاجمة  الجزائر من على أراضيه… لتتعدى وقاحة تعامله مع الجزائر إلى دعم وتمويل الحركتين الإرهابيتين “الماك ورشاد” وسعيه إلى إشعال نيران الفتنة والانفصال لدى الأقليات على غرار منطقة القبائل. ولمعرفة انعكاس القرار الجزائري الذي أعلنه الأسبوع المنصرم وزير الخارجية الجزائرية “رمطان لعمامرة”، تواصلت يومية “منبر القراء” مع المحلل السياسي التونسي “نزار جليدي” فكان الحوار الآتي:

 

ما تعليقك على قرار قطع الجزائر علاقتها الديبلوماسية مع المخزن المغربي؟

 

الأزمة بين البلدين تجاوزت الخطوط الحمراء، حيث أن إعلان الجزائر القطع الكلي  والنهائي وقطع شعرة معاوية، في العلاقات الديبلوماسية هو إيعاز بأن الأمور قد تعكرت مواقف المغرب الأخيرة في موضوع منطقة القبائل ودعم الماك ورشاد يبدو أنه أزعج السلطة الجزائرية خاصة وهي على محك امتحان كبير في الداخل الجزائري، ومحك جغرافيا سياسية متحركة في ليبيا ومتحركة في المنطقة برمتها وفي تونس.

يبدو أن الجزائر ديبلوماسيا اختارت أفضل الطرق، آخرها الكي والقطع الكلي، رغم مبادرة المغرب بأنها تريد حوار دون شروط. الجزائر لها شروط وأهمها الاعتذار عما بدر من المغرب، وعن الدعم اللامحدود لكل الانفصاليين الذين يريدون تحريك الجزائر من الداخل. أعتقد أن الأزمة لن تحل بسهولة ، حتى التدخل العربي لن يكون له جدوى. الاتحاد المغاربي هو في عداد الموتى والاتحاد الإفريقي أظنه إلى جانب الجزائر، في هذا الموضوع بالذات، لأنه يعرف ثقل الجزائر العسكري والجغرافي السياسي، وكذلك مواقف الجزائر من كل مشاكل المنطقة. يبدو أن الأمور تسير إلى التوتر، نود الحلول ولكن ذلك غير ممكن.

 

ألن يكون هناك تسابق بين البلدين يؤثر على ما يجري بتونس وليبيا؟

 

في الحقيقة هناك تسابق وتلاحق في مسائل شرق المتوسط، المغرب بعلاقاته المتشعبة مع الاتحاد الأوروبي وعلاقته مع اسرائيل وكذا أمريكا، والجزائر التي ظل موقفها واضحا من المسألة الليبية، التي تريد الكيان الليبي هو الذي يساير العملية الديمقراطية والسياسية بليبيا، ويصنع جيش وطني ليبي ويحافظ على جغرافية ليبيا، عكس المغرب الذي ظلت مواقفه تترنح في جلسات عديدة وكثير، جلسات جمعت الإخوان المسلمين الليبيين هناك عندهم بالتوازي مع مؤتمر تونس.

عندما نتحدث عن شرق المتوسط، يجب التحدث عن موضوعين هامين، هما قلب الأحداث بالمنطقة، هما تونس وليبيا. وحتى لا ننسى ما يجري بتونس حاليا، تقوم فيه الجزائر بدور كبير جد كضامن حقيقي لاستمرار الدولة التونسية.

 

هل نسف قرار القطيعة الديبلوماسية مشروع اتحاد المغرب العربي الكبير ؟

 

المغرب العربي الكبير هو في طي النسيان منذ فترة طويلة، المسألة الليبية عقدت الأمور، تجاوب موريتانيا مع اسرائيل عقد الوضع، إنسداد العلاقات بين الجزائر والمغرب عقد الأمور أيضا. أعتقد أن هذا الحلم قد نسف منذ فترة.وتبقى الآن هناك منصة ممكنة مع الرئيس التونسي “قيس سعيد ” التي يريدها فعلا، وهي منصة اقتصادية مغاربية، ولكن يبدو أن الجغرافيا متحركة ويبدو أن خطوط التعاون غير ممكنة برغم القواسم المشتركة المتعددة. ما يجمع دول شمال افريقيا أكثر مما يفرقها، لكن للأسف بعض القضايا الجوهرية التي طال أمدها هي التي تنسف هذا. أعتقد بأن الجزائر تملك من العقلانية الكثير والكثير، وأنها ستتكيف مع الوضع وربما ستجبر المغرب على الاعتذار، وإن لم يكن اعتذار ستسمح ببعض قنوات التواصل.

 

ما تأثير هذا التصرف على القمة العربية المزمع تنظيمها بالجزائر؟

 

الجزائر ستحشد الرأي العام العربي لصالحها، والجزائر لطالما كانت مشاركتها في القمم العربية قوية. كما ستحشد المواقف لصالحها في قضية الصحراء والقضايا الراهنة.

 

البعض يرى أن قرار الجزائر حكم على القمة العربية بالفشل قبل انعقادها، هل ستكون كذلك؟

 

قمة الجزائر مهمة بغض النظر عن الحضور الذي سيشارك فيها، وكذا الملفات التي ستطرح فيها. لكن سيحسب فيها بشكل أو بآخر موقف الدول العربية من الموضوع الليبي، خاصة أن الجزائر ستلعب دورا مهما لإدراج الاتحاد الافريقي الذي لم تلطخ وثائقه بالأزمة الليبية. إلى حد هذه اللحظة، الجميع تدخل في الموضوع الليبي ماعدا الاتحاد الإفريقي، وقوة الجزائر بالاتحاد الإفريقي قد تصنع جسر ترابط بين العرب والأفارقة في الملف الليبي.

 

هل قرار القطيعة الديبلوماسية بين المغرب والجزائر سيؤثر على سعي الجزائر لإلغاء التواجد الإسرائيلي كملاحظ بالاتحاد الإفريقي؟

 

الجزائر موقفها واضح من إسرائيل كمراقب بالاتحاد الإفريقي. و الجزائر تريد افريقيا مستقلة في قرارها عن الاتحاد الأوروبي وعن التكتلات الدولية. تريد إفريقيا التي لها موقف واضح. هذا القرار ربما هو إيعاز من الجزائر بأن المغرب التي طبعت مع إسرائيل عليها أن تلتزم بخطوط افريقيا، ولا تحاول قصرا أن تمزج بين ديبلوماسيتها الخاصة وديبلوماسيتها الإفريقية بصفة عامة.

حاورته: ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى