المغرب: محكمة النقض تؤيد الأحكام الصادرة في حق قائد حراك الريف ناصر الزفزافي
أيدت محكمة النقض بالمغرب، الأحكام الصادرة في حق قائد حراك الريف ناصر الزفزافي و 5 من رفاقه، و القاضية بسجن الزفزافي 20 سنة سجنا، بتهمة المساس بالسلامة الداخلية للمملكة، إضافة إلى أحكام نهائية بالسجن لفترات تتراوح بين عام و 20 سنة بحق آخرين.
وقال عضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف محمد أغناج, إن محكمة النقض أصدرت قراراتها في ملفات معتقلي “حراك الريف”, و التي رفضت بموجبها طلب النقض الذي تقدم به معتقلو حراك الريف في الأحكام الصادرة في حقهم من طرف محكمة الاستئناف بالدار البيضاء, و يتعلق الامر ما يقارب 42 معتقلا, استفاد 22 منهم من عفو عن ما تبقى من العقوبة, واستكمل 10 منهم عقوباتهم, فيما هناك 4 كانوا متابعين في حالة سراح.
وابرز المحامي, أن 6 من النواة الصلبة لحراك الريف مازلوا رهن الاعتقال, و يتعلق الامر بقائد حراك الريف ناصر الزفزافي, ونبيل احمجيق, و محمد جلول و سمير إغيد ومحمد الحاكي و زكرياء أضهشور, و المتواجدون حاليا بالسجن المحلي طنجة 2, مشيرا الى ان تأييد محكمة النقص لهذه الاحكام يعني وضع نقطة نهاية للإجراءات القضائية الممكن اتباعها.
وعبر أغناج عن ثقته في براءة المتابعين من التهم الثقيلة التي أدينوا بها, والتي لا تسندها في نظري أية وسائل إثبات سليمة”,مضيفا أن “المتهمين لم يتمتعوا بحقهم في محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل نزيه ومحايد”.وأكد عضو هيئة دفاع حراك الريف, أن القضية بدأت “سياسيا ويجب أن تنتهي عاجلا بقرار سياسي يشمل الافراج عن جميع المعتقلين ورفع مذكرات البحث والمتابعات عن المعنيين بها وفتح حوار يستهدف ادماج هذا المنطق في النضال من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
وأوضح محمد أغناج, أن قرار محكمة النقض كان غير منتظرا, مشددا على أن “الملف بدأ سياسيا ويجب أن ينتهي سياسيا”, لافتا الى أنه وبملاحظة عابرة يتبين أن المحكمة لم تأخذ بعين الاعتبار توقف الدعوى العمومية بالنسبة لمن سبق له أن استفاد من العفو, و لثلاثة من الطاعنين, الذين تنازلوا صراحة عن طعنهم بالنقض.
وشدد في هذا الاطار على أن “معتقلي الحراك لم يتمتعوا بحقهم في محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل نزيه ومحايد”.و كانت محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء,قد قضت في 5 أبريل 2019, بتأييد حكم ابتدائي بالسجن 20 عاما بحق ناصر الزفزافي, قائد الحراك، بتهمة المساس بالسلامة الداخلية للمملكة، إضافة إلى أحكام نهائية بالسجن لفترات تتراوح بين عام و20 عاما بحق آخرين.ويرى مراقبون , أن رفض الافراج عن ناصر الزفزافي و 5 من رفاقه, يعود الى تخوف السلطات المغربية من عودة الحراك مجددا, خاصة مع الظروف المعيشية الصعبة التي يتخبط فيها سكان المنطقة, لاسيما و ان الزفزافي و رفقائه يعدون النواة الصلبة لحراك الريف.
إدانة دولية لممارسات النظام المغربي ضد معتقلي حراك الريف
أدانت عدة منظمات حقوقية مغربية و دولية, ممارسات النظام المغربي ضد معتقلي حراك الريف, و على راسهم ناصر الزفزافي, معربة عن قلقلها إزاء تدهور صحة عدد منهم عقب إضرابهم عن الطعام احتجاجا على المعاملة غير الإنسانية التي يتعرضون لها داخل السجون.وخاض ناصر الزفزافي قائد حراك الريف, منذ اعتقاله في مايو 2017, سلسة من الاضراب عن الطعام لتحسين ظروف تواجده بالمعتقل , ولإطلاق سراحه وباقي سجناء الحراك.ويطلق “حراك الريف” على الحركة الاحتجاجية التي هزت شمال المغرب وحملت مطالب اجتماعية واقتصادية طوال أشهر بين خريف 2016 وصيف 2017 , وقد خرجت أولى تظاهراته احتجاجا على حادث مروع أودى بحياة بائع السمك، محسن فكري.وأسفرت هذه الأحداث عن اعتقال عدة نشطاء, قدرت جمعيات حقوقية عددهم بالمئات في غياب أي إحصاء رسمي, وأفرج عن بعضهم بعد انقضاء مدة سجنهم.وتقدر جمعية عائلات معتقلي “حراك الريف” عدد النشطاء الذين ما يزالون رهن الاعتقال بـ23 شخصا، بينهم ناصر الزفزافي.
و في اطار الممارسات القمعية للنظام المغربي في حق قائد حراك الريف, كشف ناصر الزفزافي,على إرغامه من قبل عناصر الأمن بسجن طنجة,على النطق بعبارة “عاش الملك”, للتوقف عن تعذيبه.وأوضح ناصر الزفزافي, في حوار مع يومية “الموندو” الإسبانية, من داخل السجن, أن “ما يتجاوز 20 عنصر أمن, هجموا عليه وجردوه من ملابسه, وقاموا بتقييد يديه ورجليه خلف ضهره” واغتصابه والتبول على وجهه.
ولم يخف الزفزافي أنه نطق بعبارة “عاش الملك”, موضحا أنه من أجل وقف التعذيب, طالبوا مني النطق بعاش الملك بأعلى صوت, ففعلت, لأن جسدي لم يقوى على تحمل ذلك”, مضيفا أنهم قاموا بتصوير جلسات تعذيبه بهاتف نقال.وعلى الرغم من كون الثمن الذي يتم دفعه في السجن مرتفع جدا, حسب ناصر الزفزافي, إلا أن “الأمر يستحق”, مواصلا “لا يمكن لأي ثورة شعبية أن تمر دون تضحيات جسام, وشخصيا تعرضت لمحاولتي اغتيال, كانت الأولى في الناظور, أما الثانية ففي آيت عبد الله”.وأكد المعتقل أنه ورغم الإغراءات التي تم عرضها عليه وعلى أفراد عائلته, إلا أنها قوبلت كلها بالرفض, مرجعا السبب إلى أن “الأمر غير مرتبط بالمصالح الشخصية”.وشدد المتحدث على أن ” الريف والبلاد بصفة عامة تستحق التغيير والحرية, ومصير الحراك ومستقبله لا يمكن توقعه”, مضيفا ” مطالب الحراك يجب أن تكون مستجابة. والبلد يستحق ذلك”.
وفي نفس السياق, دعا ناصر الزفزافي, الذي أعلن تنحيه عن قيادة حراك الريف, الشعب المغربي إلى ” الانضمام إلى الحراك لتحرير البلاد وتغيير الأوضاع”, مواصلا “أنا أطالبهم بالانخراط في مشروع التغيير التاريخي هذا, لا للمطالبة بحرية الزفزافي بل بحرية البلد عامة”.يشار إلى أن حراك الريف المغربي, انطلق عقب مقتل بائع السمك, محسن فكري, في 2016, طحنا في شاحنة النفايات, بعد أن قام رجال الشرطة برمي أسماكه في الشاحنة بحجة أن السمك الذي اصطاده ممنوع بيعه, ما دفع بالشاب إلى القاء نفسه فيها, احتجاجا على مصادرة سلعته, وعرفت الحادثة بـ “اطحن أمو” (إطحن أمه).وتم توقيف المئات من المحتجين على مقتل محسن فكري, حسب تقديرات المنظمات الحقوقية, ليتم الافراج عن البعض منهم, بعد نفاذ مدة محكوميتهم, بينما لايزال 23 من معتقلي حراك الريف يقبعون في السجن, ومن بينهم ناصر الزفزافي.