بدلا من السلم وتنظيم الاستفتاء: بعثة المينورسو تراقب الأعمال العدائية بين البوليساريو والمغرب
أفردت صحيفة “نويسدوتشلند” الألمانية في عددها الصادر مؤخرا، مقالا خاصا حول مهمة بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) التي تحولت الى مراقب للأعمال العدائية المندلعة مؤخرا في المنطقة إثر خرق المغرب لاتفاق وقف اطلاق النار في 13 نوفمبر الماضي بدلا من تطبيق خطة السلام و تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية.
وفي ريبورتاج عنونته “معارك يومية في الصحراء الغربية… بدلا من السلام : بعثة المينورسو تراقب اعمال الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو”، استهلت الصحفية كلوديا ألتمان مقالها بالتذكير بمهمة البعثة الأممية في الصحراء الغربية التي تم استحداثها منذ 30 عاما، من أجل تطبيق خطة السلام التي يفترض أن تفضي إلى حل لآخر مستعمرة في إفريقيا.وأشارت الصحفية الألمانية في ريبورتاجها إلى أنه بينما يحتل المغرب ثلثي المساحة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي للمحيط الأطلسي، تخضع المساحة المتبقية لقيادة جبهة البوليساريو التي تقاتل من أجل أن ينعم شعبها بدولته المستقلة.وذكرت السيدة ألتمان بأنه لم يتم تنظيم استفتاء تقرير المصير كما كان مخططا له منذ ثلاثة عقود، حيث أصبح اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه في عام 1991 من الماضي، كما عادت اصوات المدافع لتفرض نفسها من جهة أخرى.
نويسدوتشلند” تفضح تكتم المغرب وتنقل صورا حية عن الحرب في الصحراء الغربية
قدمت الصحيفة الألمانية صورة عن الحرب الدائرة في الصحراء الغربية التي يقودها الجيش الصحراوي قائلة “يستلقي الرجال أسفل التلال ويخاطرون فقط برفع رؤوسهم للحظة للنظر من خلال المنظار وهم يزحفون على بطونهم فوق تل تتناثر فيه الصخور و أمامهم المواقع العسكرية المغربية”.وأضافت الصحفية تقول : “على بعد كيلومتر ونصف، جدار رملي ضخم مجهز بأنظمة الرادار يمتد على طول 2700 كيلومتر منذ الثمانينيات. يقسم هذا الجدار مساحة الصحراء الغربية المقدرة ب 266.000 كيلومتر مربع الى جزءين ويفصل الصحراويين الذين عزلهم المغرب منذ 1975 عن وطنهم”.
وفجأة تقول الصحفية : “دوت نيران المدفعية و رعد الصدامات تمزق الصمت خلف الجدار الرملي، بعد ذلك بقليل، رد الجيش المغربي و ارتفعت سحب الدخان المنبعث من الإنفجار بالقرب من نقطة المراقبة”.
ونقلت الصحيفة تصريحات أحد القادة الصحراويين، حمة شداد، قائد الوحدة العسكرية التابعة للناحية العسكرية السادسة في منطقة المحبس، الذي التقته الصحفية بعين المكان، حيث قال ان عناصر الجيش الصحراوي تخوض هذا النوع من الهجمات كل يوم منذ ان انتهت الهدنة قبل عام تقريبا ويرد المغاربة بإطلاق النار عندما يكون هناك دمار في مواقعهم.واسترسل القائد العسكري يقول : “نحن نعرف بالضبط كيف يتمركز جيش العدو خلف الجدار الرملي وما هي الأهداف التي انتهجها. هذه المرة كان الهجوم المضاد فوريا هذا يعني اننا نصيب أهدافا للعدو”.وعن مهام بعثة المينورسو، قال شداد، ذو الشعر الرمادي الذي تعرض للإصابات في العديد من المرات : “في النهاية، اتضح لنا ان عملية الامم المتحدة لم تؤد عمليا اي شيء” .وضم قائد الناحية العسكرية السادسة، ابا علي حمودي، صوته الى صوت شداد لتصبح الامور اكثر وضوحا عندما صرح : “29 سنة من الهدنة كانت بلا جدوى بالنسبة لي.
هذه بقعة مظلمة في تاريخنا، لم يكن علينا أبدا قبول خطة لا يريد أحد فرض تطبيقها. بدون هذا القرار كنا سنصل إلى هدفنا منذ فترة طويلة”، يوضح ابا عالي بحزم.وبالرغم من تكتم المغرب عن نشوب هذه الحرب، تبقى البلاغات اليومية التي يقدمها جيش التحرير الصحراوي تؤكد وقوعها حيث “يتكبد جيش الاحتلال المغربي خسائر مادية وبشرية كبيرة على طول جدار العار”.
الصحيفة الألمانية تسلط الضوء على نهب الخيرات الصحراوية
لقد استغلت المملكة المغربية السنوات القليلة الماضية لفرض أمر الواقع في الأراضي المحتلة، وذلك من خلال توسيع البنية التحتية بشكل كبير وتسريع الانشطة الاقتصادية بمساعدة الشركات الاجنبية، من خلال نهب المواد الخام المهمة مثل الفوسفات والرمل، و الأمر يتعلق أيضا بالأسماك والصيد البحري.
وذكرت الصحيفة الألمانية أن جبهة البوليساريو تتهم الأمم المتحدة ب”التغاضي” عن هذا النهب وعن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في المناطق المحتلة، بالإضافة إلى ذلك لم تتخذ أي موقف من مناورات المغرب وعرقلته لإجراء الاستفتاء، وقد عملت فقط بفتور على تنفيذ خطة السلام. لهذا السبب تطالب قيادة البوليساريو الآن بضمانات و إشارات واضحة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.وتطرقت الصحيفة ايضا الى تمسك الامين العام لجبهة البوليساريو ورئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إبراهيم غالي، و استعداده لإجراء مفاوضات وذلك في ندوة أمام الصحافة الدولية مؤخرا.
ولفتت الى أن الرئيس غالي أكد أن “الحرب والمفاوضات لا يستبعد أحدهما الآخر”، مضيفة أن الرئيس البالغ من العمر 73 عاما أوضح أن “الحرب فرضت علينا وهي دفاع عن النفس في طريقنا الى دولة ذات سيادة”.وذكرت الصحفية ألتمان أن إبراهيم غالي ينتمي إلى المجموعة الأولى التي أطلقت أول رصاصة لحركة التحرير في عام 1973 ضد إسبانيا، القوة الإستعمارية آنذاك، مذكرة ايضا بأن قائد البوليساريو وجه خطابه أيضا إلى المبعوث الاممي الخاص الجديد ستافان دي ميستورا.واختتمت الصحفية مقالها بسرد تصريح لقائد الناحية العسكرية السادسة، أبا علي حمودي، الذي أعطى حسبها املا جديدا في خضم الحرب المندلعة، بقوله أن “هناك الكثير من الشباب الصحراويين المتطوعين للقتال وعددهم يفوق بكثير ما نحتاج الى تجنيده حاليا”.