بن عمر مدين يوقع آخر إصداراته “امحمد إسياخم، يدي في النار، بورتريه بالحبر”
يقدم الأكاديمي والروائي والكاتب المختص في تاريخ الفن، بن عمر مدين، في آخر أعماله “امحمد إسياخم، يدي في النار، بورتريه بالحبر”، سيرة غير معتادة للتشكيلي الجزائري المعروف امحمد إسياخم، وهو عمل يجمع بين الصداقة التي جمعته بالفنان والمتطلبات الأكاديمية لكتابة سيرة ذاتية.
هذا المؤلف، الصادر مؤخرا عن منشورات “القصبة” في 355 صفحة، يدعو القارئ لمشاركة أوقات من حياة إسياخم ولقاءات ونقاشات معه وفي كثير من الأحيان عواطف ولكن من دون أي حنين، وكذا أوقات مع الشاعر والروائي والكاتب المسرحي كاتب ياسين، رفيق درب الفنان.
هذا الإصدار الذي يجمع بين فرشاة الرسام وقلم الكاتب بهدف إنجاز “بورتريه بالحبر” يبدو وكأنه وعد بالحقيقة، يعيد بالتفصيل المشهد الدرامي حين انفجار قنبلة يدوية عن طريق الخطأ والتي أودت بحياة ثلاثة أفراد من عائلته، ويفقد بسببها أيضا إسياخم ذراعه اليسرى والعلاقة العاطفية مع والدته.إن أحد أكثر الفصول تأثيرا في حياة إسياخم قد استعاده صديقه وكاتب سيرته مدين في فصل “أمي تحدثي إلي حتى أتوقف عن الموت” والذي يعود فيه إلى الإقامة الطويلة ل “امحمد” وأخته الصغيرة “ياسمين” في المستشفى وعالم العمليات الجراحية، وكذا صمت الأم القاتل الذي حمل ابنها المسؤولية.
بعد مغادرة المستشفى، غادر إسياخم إلى العاصمة حيث بدأ بكسب رزقه من خلال القيام بما يعرفه على أفضل وجه، رسم بورتريهات للمارة ولزبائن الأسطح.
في عام 1947 أعلن تجمع الأساتذة بجمعية الفنون الجميلة للجزائر العاصمة أن “هذا الشاب البالغ من العمر 19 عاما، المشلول والموهوب والعاطفي والمتمرد سريع الانفعال، مقاوم لكل أبوة في الفن ولجميع الأشكال الفنية المفروضة”، يقول مدين، قد تم قبوله رفقة شكري مسلي ومحمد لوعيل في “قسم الأهالي” لمدرسة الفنون الجميلة للعاصمة.
يعرف الكاتب أيضا في هذا الإصدار بالمؤسسين الأوائل للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية وظروف نشأته وهم 12 فنانا تشكيليا بينهم خيرة فليجاني وبشير يلس ومحمد خدة وشكري مسلي وكذا إسياخم، كما يورد قراءات ونوادر جمعت الصديقين، إسياخم وكاتب، حول لوحة “امرأة على قصيدة شعرية” التي رسمها إسياخم وكتب نصها كاتب.
وفي مقاطع حياتية أخرى مثلت علامات بارزة وتركت آثارا حزينة يتحدث أيضا مدين عن يوم وفاة اسياخم، 1 ديسمبر 1985، وبأسلوب أكثر تعبيرية عن يوم وفاة كاتب، 28 أكتوبر 1989، وهو الذي رافقه من مستشفى غرونوبل بفرنسا أين وافته المنية إلى غاية نقل جثمانه إلى الجزائر العاصمة ودفنه بمقبرة العالية.هذا الإصدار الجديد، الذي يحمل في غلافه الخارجي لوحة تشكيلية لإسياخم بعنوان “بورتريه شخصي” (1976)، يضم أيضا العشرات من الصور الفوتوغرافية والعديد من اللوحات التشكيلية للفنان الراحل.
بن عمر مدين، دكتور في علمي الاجتماع والتاريخ، درس بجامعة وهران وأيضا بجامعة “إكس أون بروفونس” بفرنسا وقد كان صديقا مقربا للراحلين إسياخم وكاتب، وفي رصيده عدة مؤلفات من بينها “حاملي العاصفة” (2003) و”كاتب ياسين، القلب بين الأسنان” (2006) وكذا رواية “جورج بوقبرين” (2013).