تأسيس المدينة و الصراع عليها بين الأمويين والفاطميين
لا يختلف عليها اثنين، أن وهران، موجودة منذ الحقبة الرومانية والفنيقية،تعانق أعظم الحضارات وأقدمها، وإنك أينما حللت على هذه الأرض الشاسعة، يسافر بك الزمن عبر عصور،قد ولت وانتهت، تاركة وراءها بصمات دامغة من المعالم الأثرية والشواهد التاريخية…. لكن موضوعنا اليوم، هو “تأسيس في المرحلة الإسلامية”أي “القرن العاشر ميلادي”باعتماد وثائق وإثباتات تاريخية، تحدد الأحداث البارزة في تلك الفترة الزمنية.
وقد اتفق المؤرخون على أن وهران تأسست في الفترة الإسلامية عام 902م، وإذا كان الاختلاف في”من” بناها خلال هذه الحقبة في عالم صاخب بالاختلافات والتناقضات وتباين الآراء.ففريق يرى، أن وهران بنتها مغراوة بإذن أمراء الأمويين في الأندلس، والذي بناها خزر بن حفص بن صولات بن وزمار بن صقلاب، وهذا الأخير (صقلاب) عاش زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وابنه وزمار أسلم على يد الصحابي الجليل عبد الله بن سعد بن أبي صرح، ثم جدد إسلامه في المدينة المنورة علي يد خليفة رسول الله صلي عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا ما ذكره أبي رأس الناصري المعسكري، ونقله مازاري بن عودة، وكذلك الرحالة أبو زيد عبد الرحمان الجامعي، قال أن وهران بنتها مغرواة.
ومن بين مؤيدي هذا الرأي أيضا، ابن خميس التلمساني،أحد كبار العلماء والفقهاء (المولود سنة 1252م) والذي ورد عنه أن وهران بنيت من طرف قبيلة مغراوة، والذي بناها زعيمها خزر بن حفص، والدليل على ذلك أنه لما زار مدينة وهران، انبهر بجمالها، حتى قال قولته المشهورة “أعجبني بالمغرب مدينتين بثغرين وهران خزر وجزائر بلكين.”وفريق ثاني يرى، أن وهران بنيت علي يد محمد بن أبي العون ومحمد عبدون وجماعة من الأندلسيين، ينتجعون مرسى وهران وقبيلة نفزة وبنو مسرغين، التي هي بطن من بطون ازداجة، ومن بين هؤلاء المؤرخين، نذكر: محمد بن يوسف القيرواني، وأيضا الرحالة الجغرافي والعالم الأندلسي، أبو عبيد الله البكري والصفدي والرشاطي.
وهنا أعرب عن رأي آخر، يكشف عن وجود اختلاف في الخليفة الأموي الذي أمر ببناءها؛ فهناك من يرى أن الخليفة عبد الرحمانبن الحاكم بن هشام بن عبد الرحمان الداخل، هو الذي أمر ببناءها، فيما لا يتفق مع هذا الطرح، المؤرخ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل، بحجة أن هذا الخليفة تولي الحكم سنة 822م وتوفي 852م، ووهران بنيت سنة 902م (أي توفي قبل بنائها بخمسين سنة)، يوافق هذا الرأي أيضا أبي حافظ محمد أبي راس الناصري، ويقول أن الذي أمر ببناء وهران هو الخليفة أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن الحاكم؛ يعني حفيده (يقصد حفيد عبد الرحمان بن الحاكم) توفي في سنة 912م، أي (عشرة سنوات( بعد بناء المدينة …. (يتبع)
بقلم : بركان كراشاي هارون