
تحت الحكم الإسباني… حقبة أخرى من تاريخ مدينة وهران
لقد أصبح ملك بني زيان يتساقط بسبب تخادل ملوكه وتكاسلهم عن قيام المصالح العامة وإكتفوا منشغلين بأمورات شخصية ،و تصارعهم علي الرئاسة لهذا إنتشرت الفوضي بين الناس ، ونقصت هيبتهم أمام الرعية وإزداد ظلم الولاة ورؤساء القبائل والشيوخ .
هذا ما جاء به صاحب كتاب 《تاريخ الجزائر العام》ويقول أيضا مبارك ميلي ان من أسباب إنهيار الدولة الزيانية هي الحروب الداخلية كصراعها مع مغراوة وكذلك عداءها لقبائل السويد وتارة أخري شقاقها مع بني عامر .بالإضافة إلي الصراعات علي الحكم داخل البيت الزياني كما ذكرنا سابقا ما حدث بين السلطان الزياني أبو حمو موسي الثاني وإبنه أبي تاشفين ومضيفا دائما مبارك ميلي الحروب الخارجية : إذ ان الدولة الزيانية كانت تتعرض لهجمات المارنيين من الجهة الغربية وغارات الحفصيين من الجهة الشرقية.
وفي نفس الضرف الإسبان يتربصون ويترقبون لإستغلال هذه الضروف والأزمات داخل الدولة الزيانية للقضاء عليها بصفة خاصة والقضاء علي الدولة الإسلامية المتمثلة في المارنيين والحفصيين بصفة عامة
الغارات البرتغالية على وهران والمرسي الكبير
قبل الإحتلال الإسباني لوهران كانت هناك غارات برتغالية ،وتم إحتلال وهران والمرسي الكبير الحملة الأولي : كانت يوم 14أوت1415م حتي تم طردهم من وهران سنة 1437م الحملة الثانية : وقعت عام 1471م إلي غاية 1477 حوالي ستة سنوات وهذا ما ذكره الدكتور يحي بوعزيز وأيضا المؤرخ ليون في لكن ديديي يري أن هذه الرواية ليست موجودة ولا أحد من الباحثين ذكرها خاصة منهم الباحثين البرتغاليين (يقصد رواية إحتلال البرتغالي لوهران ). مضيفا أن ليون في الوحيد من ذكرها لذا يجب حذفها من تاريخ وهران .
الإحتلال الإسباني لمرسي الكبير : كان ذلك سنة 1505م لما قاد 《دون رايموند دي》جيشا قوامه خمسة ألاف رجل تحت إمرة القائد 《دون ديقو فرناند يزدي 》قادما من مدينة مالقة. وصل الأسطول الإسباني إلي المرسي الكبير متأخرا بعد أن إعترضته رياح معاكسة،لكن هذا التأخر كان مفيد للإسبانيين، وذلك أن جماعة المسلمين الذين جاءوا من كل الجهات تلبية للجهاد عند سماعهم إقلاع الأسطول الإسباني،قد ملوا الإنتضار وقلت لديهم المؤن، فرجع أكثرهم الي دياره أما الذين بقوا في المرسي الكبير مرابطين لم يتجاوز عددهم خمسة مئة من المجاهدين.
لذلك لم يستطعوا منع الإسبان من النزول إلي البر رغم المقاومة العنيفة التي إستمرت ثلات أيام متواصلة خمسة مئة مجاهد يقفون ضد خمسة ألاف جندي إسباني مجهزين أحسن تجهيز. فأحتل الإسبان القلعة وتحصنوا فيها.وإجتمع المسلمين وأصحاب المشورة في دار مزوار فمنهم من كان له رأي وجوب الجهاد والدفاع عن المدينة.
وفريق ثاني وهم كثرة كان لهم رأي عقد إتفاقية مع الإسبان تضمن لهم الحياة وحرية الإنسحاب من المدينة، وأن هذه المقاومة لن تنفعهم نضرا لكثرة عدد الإسبان وقوة أسلحتهم، وأيضا أنهم سيطروا علي القلعة، فأي مقاومة يتبعها الموت للجميع زيادة علي ذلك إغتصاب النساء وإنتهاك الحرمات. بالرغم من التحريض الذي قام به المجاهد موسى بن علي ومحاولا زرع حب المقاومة في نفوسهم وإلهاب حماسهم إلا أنه لم ينجح في ذلك وفظلوا الإستسلام..وقد أعطي القائد العام مهلة ثلات ساعات للمسلمين لإخلاء المدينة بشرط أن يتركوا الزاد والمؤن لا من الحيوانات ولا من الأسلحة الإ ثيابهم وجزء قليل من أموالهم .
فخرج المسلمون من المدينة ودخلها الإسبان، فحولوا مسجد الجامع الأعضم إلي كنيسة للنصاري وأطلقوا عليها إسم كنيسة《 القديس ميكائيل 》.فأصبحت المدينة تحت الحكم الإسباني بالرغم من أن بعض المسلمين جاءوا من مختلف المناطق للمشاركة في الجهاد والدفاع عن المدينة ،إلا أنهم وجدوا الأمر قد إنقضي فوقعت بعض المناوشات مع الإسبان لكنها لم تجدي نفعا.ويؤكد المؤرخون خاصة منهم الإفرنج أن حصار الإسبان للمرسي الكبير قابله مقاومة شرسة من المجاهدين وإنبهروا (المؤرخون ) بالدفاع المجيد الذي قام به المسلمين لولا المدفعية الاسبانية التي أجبرتهم علي ترك مواقع الدفاع .وهذا ما ذكره المؤرخ الفرنسي 《قرامون》.وكذلك 《قونز الزدي أخورا》وكان حاضرا المعركة أعجب بجيش المسلمين من حيث جمال خيولهم و لباسهم الفاخر المطرز .
وفي الأخير يري أحمد توفيق المدني أن سبب نكسة المرسي الكبير هو عدم تنضيم الإتصال بين فرق الجهاد .ويقول《 لو أن الجيش الإسلامي الذي وصل المدينة يوم السبت ، أخبر المدافعين بواسطة رجال الإتصالات قبل وصوله ، لواصلوا كفاحهم إلي حين وصول النجدة وما كانوا يسلمون المدينة يوم الجمعة ، وتنقلب المعركة من هزيمة إلي إنتصار إسلامي. وهذا الإنهزام بسبب الإستهانة بشأن المخابرات 》…(يتبع)
بقلم: بركان كراشاي هارون