“تكراويت” … مشروب تقليدي يزين موائد الإفطار بغرداية طوال شهر رمضان
يعد المشروب التقليدي المعروف بـ “تكروايت” من أهم المشروبات المحلية التقليدية التي يزين بها الغرداويون موائد الإفطار طوال شهر رمضان الفضيل، وهو من بين المشروبات المحلية المتوارثة ولا يزالون يحافظون عليه إلى غاية الآن.
ويتم حفظ مشروب “تكراويت” الذي لا يغيب عن موائد الإفطار والسحور لدى العائلات الغرداوية عموما في جوف اليقطين الأخضر (القرع الأخضر الكبير) المعروف محليا ب”تخسايت”، بعد نزع اللب منه وتصفيته بالكامل، وتركه في حرارة الشمس لمدة طويلة حتى يتصلب فيصبح على شكل إناء صلب يوضع فيه مشروب “تكروايت”.
وتحرص معظم العائلات الغرداوية على تحضير مكونات هذا المشروب بداية من منتصف شهر شعبان باستعمال خليط متنوع من الأعشاب الطبيعية التي يتم جمعها ومزجها بمقادير محددة، حسبما أوضح لوكالة الأنباء الجزائرية أحد صانعي ”تكروايت” بمدينة غرداية بضليس عمر.
وأشار السيد بضليس أن هذا المشروب الذي يعود استهلاكه إلى عهود قديمة بالمنطقة، يعد تحضيره حرفة متوارثة عن الأجداد، وله فوائد صحية كثيرة، حيث كانوا يحضرونه كمشروب لعلاج عدة أمراض منها تلك التي تتعلق بالجهاز الهضمي (إزالة العسر الهضمي)، والتخفيف من أوجاع المعدة، فضلا على أنه مشروب منعش يقدم باردا في مائدة الإفطار برمضان كبديل عن المشروبات الغازية”.ويشتهر استهلاك هذا المشروب عادة في الأعراس الغرداوية المحلية، حيث يقدم للعريس في ليلة زفافه من قبل أهل العروس، وهي عادة متوارثة ومنتشرة بكثرة عند المجتمع الميزابي، مثلما أضاف السيد بضليس.
ويتم تحضير مشروب ”تكروايت” وهو يشبه عشبة تيزانا، وذلك باستعمال مزيج من الأعشاب الطبيعية، من بينها السرغين والقمام والريحان والقمحة والقرنفل وأعشاب أخرى، ويضاف إليها في الأخير عصير الليمون الذي يعطي مذاقا منعشا بنكهة معطرة، ويقدم إلى الضيوف باردا، استنادا لذات المتحدث.وتجمع تلك الأعشاب في خليط موحد، ويتم تنقيعها في الماء الدافئ الذي يترك إلى أن يبرد، ثم يضاف فيه السكر أو العسل أو دبس التمر، وعصير الليمون أو البرتقال، ويشرب بدون أي إضافات أخرى، حيث يتم وضعه في قارورة نباتية مصنوعة من خضار القرع الأخضر اليابس، مثلما جرى شرحه.
”تكروايت” … مشروب تقليدي وموروث ثقافي عريق
وتعود تسمية هذا المشروب بـ”تكروايت” إلى خضار القرع الأخضر الكبير عندما يكون يابسا بعد تعريضه لحرارة الشمس، حيث كان الأجداد والأمهات في قديم الزمان ينزعون منه اللب ويتركونه في حرارة الشمس لمدة طويلة إلى أن يصبح يابسا، لكي يستخدمونه كإناء لعدة استخدامات مثل خض الحليب، وحفظ فيه بعض الوسائل على غرار الماء أو مشروب “تكروايت”، يقول السيد بضليس عمر.ويباع خضار القرع الأخضر الكبير الذي يسمى بـ “تخسايت”، في شكلها اليابس بمحلات الأعشاب، ويغلف بالقماش المطرز التقليدي بهدف الحفاظ على هذا الموروث الثقافي المحلي.
للإشارة فإن الأعشاب التي يستخلص منها مشروب ”تكروايت” لا ترمى، وإنما يتم إعادة استعمالها كسماد للنباتات، ويعاد تدويرها لصناعة عدة وصفات تقليدية مثل البخور، فضلا عن أنها تستعمل كمعطر للجو.ولعل من أبرز المميزات والفوائد الصحية لهذا المشروب أنه يقضي على العطش ليوم كامل خاصة في فصل الصيف الذي يتميز بارتفاع محسوس في درجات الحرارة بالمناطق الجنوبية حيث يكثر الطلب عليه ويمنح الجسم حالة من الاسترخاء ويحمي المعدة من الانتفاخ.وينتشر نشاط تسويق هذا المشروب المحلي التقليدي، في الأسواق المحلية، سيما وقد أصبح من التجارة الموسمية التي تنتعش بحلول الصيف وكذا في شهر رمضان المبارك، حيث يعرض في قارورات بالأسواق سعرها يصل من 200 إلى 300 دج، حسب التركيز ونوعية الليمون.