تواصل الاعترافات بدولة فلسطين يعمق العزلة السياسية للكيان الصهيوني
عمقت القرارات المتواصلة التي اتخذتها عدة بلدان مؤخرا حول الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين من العزلة السياسية التي يعيشها الكيان الصهيوني, بعد قرابة سبعة أشهر من الإبادة الجماعية والمجازر على قطاع غزة.وشكلت الحصيلة المتزايدة لأعداد الشهداء والجرحى والخراب الذي لحق بالبنى التحتية والمجاعة التي يعيشها سكان غزة وتفاقم الوضع الإنساني والصحي بالقطاع, نقطة تحول في الرأي العام العالمي, ما دفع عديد الدول لقطع علاقاتها الدبلوماسية وحتى الاقتصادية مع الكيان المحتل.
وفي هذا السياق, أعلنت بوليفيا وكولومبيا قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني, تنديدا بارتكابه جرائم ضد الإنسانية في عدوانه على قطاع غزة, فيما استدعت كل من تشيلي وكولومبيا وهندوراس سفراءها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.كما اختارت دول أخرى, على غرار نيكاراغوا, تركيا و كولومبيا والبرازيل, الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية, لارتكابه جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, منذ السابع أكتوبر من العام الماضي.
وكشفت بدورها تصريحات المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة, فرانشيسكا ألبانيز, حول تعرض الفلسطينيين لخطر التطهير العرقي الجماعي” من قبل الاحتلال الصهيوني, حقيقة جرائم هذا الكيان المحتل أمام العالم ومساعيه للقضاء على الوجود الفلسطيني بشكل كلي, تحت مسميات الدفاع عن النفس”.
كما قررت – بعد سبعة أشهر من العدوان الصهيوني المتواصل – كل من ترينيداد وتوباغو, بربادوس وجمايكا الاعتراف رسميا بدولة فلسطين, ليرتفع عدد الدول التي اعترفت بها, إلى 142 بلدا, في انتظار التحاق عديد دول تكتل الاتحاد الأوروبي, التي أبدت عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل نهاية مايو المقبل, حسب ما ذكره الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد, جوزيب بوريل وتشمل كلا من اسبانيا, ايرلندا, سلوفاكيا ومالطا.
وفي غضون ذلك, تواصل الجزائر جهودها الحثيثة في أروقة الأمم المتحدة من أجل قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة الأممية, بعد فشل مجلس الأمن في أبريل الماضي, في اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر باسم المجموعة العربية بهذا الشأن, حيث صوت 12 عضوا لصالحه, مقابل امتناع دولتين (بريطانيا وسويسرا), فيما استعلمت واشنطن حق النقض”الفيتو”.وتجسيدا لما قاله رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بأن “جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة”, أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة, السفير عمار بن جامع, بعد الفيتو الأمريكي, “سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة, فإن هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين”, مشيرا إلى أن “التأييد الساحق لتطبيق دولة فلسطين يبعث برسالة واضحة وضوح الشمس, بأن دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأمم المتحدة”.
الاحتجاجات المنددة بالعدوان الصهيوني على غزة تتواصل في الجامعات الأمريكية والأوروبية
تتواصل الاحتجاجات والاعتصامات الداعمة للفلسطينيين والمنددة بتواصل عدوان الاحتلال الصهيوني الوحشي على قطاع غزة, والتي امتدت من الجامعات الأمريكية إلى الجامعات الأوروبية, رغم العنف المستعمل لفضها وسلسلة الاعتقالات التي مست الطلبة.
وبدأ طلاب رافضون للعدوان الصهيوني على قطاع غزة منتصف أبريل المنصرم, اعتصاما بحرم جامعة كولومبيا في نيويورك, مطالبين إدارتها بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الصهيونية وسحب استثماراتها في شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية.
ومع تدخل قوات الشرطة واعتقال عشرات الطلاب, توسعت حالة الغضب لتمتد المظاهرات إلى عشرات الجامعات في الولايات المتحدة, منها جامعات رائدة مثل هارفارد وجورج واشنطن ونيويورك و ييل ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ونورث كارولينا.
وأثارت مشاهد العنف في جامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات الأمريكية, خلال الأيام القليلة الماضية, أين تم اعتقال العشرات بعد حملة قمع شنتها الشرطة الأمريكية والتي تم بثها عبر وسائل الإعلام العالمية, غضبا متجددا بين طلاب المملكة المتحدة وشعورا بالتضامن المشترك.
كما شهدت جامعات فرنسية, على غرار السوربون التاريخية, احتجاجات متصاعدة مطالبة بوقف عدوان الاحتلال على القطاع ووضع حد للشراكات القائمة بين الجامعات الفرنسية والكيان الصهيوني.ورغم لجوء السلطات إلى القوى الأمنية وإلى العنف في فض الاعتصامات, إلا أن الطلبة ماضون في دعمهم لغزة, ودفاعا عن حقوق الفلسطينيين.كما أصدر طلاب معهد العلوم السياسية, في مدينة مونتون الساحلية, بيانا يدعو إلى العمل على تنفيذ قرار “محكمة العدل الدولية” بشأن عدوان الاحتلال الصهيوني على غزة واحتمال حصول مجزرة ضد المدنيين, مشددين على ضرورة وضع حد للضغوط التي تمارس على الطلاب وانتهاج ازدواجية المعايير في التعاطي مع العدوان على القطاع, إلا أن مسؤول المعهد قرر غلقه إلى إشعار آخر ومتابعة التعليم عن بعد, للحيلولة دون تمكين الطلاب من الاعتصام دعما لغزة.
وقد أدى العنف الذي تعامل به رجال الأمن لفض اعتصامات الطلبة في مختلف الجامعات الفرنسية, إلى إضراب في جامعة “جان مونيه” بمدينة سان إتيان, والتي أكد طلبتها أنهم مضربون “من أجل السلام ووقف إطلاق النار في غزة”, في وقت تتأهب معاهد العلوم السياسية في مدن ستراسبورغ ورين وبوردو وليون وتولوز وسان جيرمين ــ أون لي وريمس وغرونوبل وجامعة تولبياك في باريس, وغيرها, لاعتصامات شبيهة لتلك التي حدثت في جامعة السوربون.
من جهتها, طالبت النقابات الطلابية في غرونوبل بتجميد الشراكة مع جامعة في النقب تابعة للكيان الصهيوني, لأنها تقدم منحا ومساعدات مالية للطلاب الذين يشاركون في عدوان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.يشار إلى أنه ومنذ السابع من أكتوبر 2023, يواصل الاحتلال الصهيوني شن عدوانه المدمر على قطاع غزة, حيث خلف أكثر من 34 ألف شهيد وأزيد من 77 ألف مصاب وكارثة إنسانية غير مسبوقة, تسببت في نزوح أكثر من 85 بالمائة من سكان القطاع وهو ما يعادل 1.9 مليون شخص.