الثقافة

ثورة التحرير … المحور الأساسي للسينما الجزائرية لتخليد بطولات صانعيها

كان موضوع حرب التحرير المحور الأساسي في الأعمال السينمائية الجزائرية التي قدمت في السنوات الأولى من الاستقلال حرصا على تكريس انتصارات الثورة وبطولات فاعليها حتى تبقى خالدة في الذاكرة.

و قد حرص الرعيل الأول من السينمائيين الذين عايشوا أحداث هذه الثورة العظيمة في قلب “الجبل” على تصوير و نقل أوضاع الجزائريين و معاناتهم الى كل العالم و هكذا و من رحم الثورة ولدت اعمال خالدة مثل “جرائرنا” لجمال شندلري و لخضر حمينا و “ياسمين ” و “الجزائر تلتهب ” وشكلت كلها الإرهاصات الاولى للسينما الجزائرية .

يوضح الصحافي و الناقد السينمائي نبيل حاجي في حديثه عن حرب التحرير الحاضرة في السينما الجزائرية منذ السنوات الاولى من الاستقلال قائلا “ان السينما الجزائرية تعاملت مع موضوع حرب التحرير و كذا التلفزيون الذي انتج افلام و اعمال وثائقية و تسيجيلية ظلت لاصقة بذاكرة و وجدان المشاهد .و اعتبر المتحدث ان تعاطي المخرجين في البداية مع هذا الموضوع التاريخي يعود لكون هؤلاء عاشوا في الفترة الاستعمارية وواكبوا الثورة عن قرب و كانت لهم علاقة قريبة جدا بالمخيل وواقع الأحداث و ايضا  علاقة مع الاخر (المستعمر الفرنسي )، و تميز تعاملهم  مع هذا الموضوع  ب” حسية جمالية وعمق تاريخي مهم جدا ” كما اكد،  و هذا ما جعل حسبه هذه ا لأعمال تحظى ب”قبول لدى المتلقي الجزائري و كانت  لديها قيمة تاريخية  و فنية كبيرة”.

و اضاف السيد حاجي بهذا الشان انه الى جانب قدرات الإخراج كان  للممثلين دور كبير في تقديم  قيمة مضافة  لهذه السينما لان “اغلبهم عايشوا الثورة فجاء أدائهم  في المستوى”.و ذكر المتحدث ايضا معاير اخرى ساهمت في نجاح هذه الأعمال من ضمنها الديكور و الفضاءات و الاكسيسورات خاصة بالنسبة لأفلام الستينيات والسبعينات لان  المدن و القرى التي صورت فيها الاحداث تعود للفترة الاستعمارية كما قال .

و جعلت كل هذه العوامل الاحداث الدرامية منسجمة مع  هذا الموضوع كما ساهم  توظيف الاسود و الابيض في كثير من هذه الافلام “في اعطاء المصداقية و الواقعية “لهذه السينما مستشهدا بأفلام ناجحة مثل “معركة الجزائر ” للايطالي بورتي كورفو و “دورية نحو الشرق “لعمار لعسكري و فيلم “الطريق “لمحمد سليم رياض و غيرها من الانتاجات خاصة التلفزيونية .و من بين الخصوصيات التي ميزت هذه الاعمال حسب المتحدث “مسالة المتلقي “مبرزا الدور الكبير الذي لعبته  قاعات السينما في الترويج للأفلام لجلب المتلقي الجزائري و اندماجه مع هذه  الأعمال في مختلف المدن الجزائرية. كما ذكر ايضا بأهمية عرض التلفزيون لهذه الأفلام و الذي خلق نوع من  “التجانس و التقارب بين المنجز السينمائي و المتلقي الجزائري “.

وخلص السيد حاجي الى ان كل المنجز الفني الجزائري من افلام سينمائية و تلفزيونية التي انجزت في هذا السجل هي افلام تاريخية لانها تتعاطى في الاساس مع هذه الفترة بكل تداعياتها و ابعادها .و بخصوص مسالة تعامل  السينما مع اول نوفمبر تاريخ انطلاق حرب التحرير اكد الناقد السينمائي و الجامعي احمد بجاوي ان استحضار هذا الحدث في السينما الجزائرية التي انتجت بعد الاستقلال ليس بالقوي.

و اعتبر ان الحدث بالنسبة لمعظم الاعمال تجري وقائعها في قلب الكفاح المسلح . وذكر فيلم “نوة ” للمخرج عبد العزيز طلبي الذي انتجته الاذاعة و التلفزيون الجزائري في 1972 و الذي يصف الحياة في قرية ريفية و الحياة  الضنكة  لسكانها  و ينتهي الفيلم  باطلاق الرصاصة الاولى و اعلان اندلاع الحرب التحريرية .و قال السيد بجاوي بهذا الشان ان اكثر الأفلام إقناعا هي تلك التي انتجتها مؤسسة الاذاعة و التلفزيون على غرار افلام  لمين مرباح “بني هندل ” وموسى حداد “ابناء نوفمبر ” و مصطفى بديع “الليل يخاف من الشمس ” و بن عمر بختي “المكافح ” و قال متهكما “ان  الميزانيات الصغيرة تفرض  الذهاب الى لب الموضوع .

 واضاف في حديثه قائلا “شهدنا لاحقا انتاج  افلام وثائقية غير مقنعة ” على غرار فيلم مالك بن اسماعيل “الصين لا تزال  بعيدة ” .و بشأن  وجود  افلام  روائية تاريخية حول الحرب التحريرية  اكد السيد بجاوي “كان علينا انتظار فيلم “سنين الجمر” لحمينا لنتابع المسار الشاق و الطويل للحركة الوطنية نحو  اندلاع حرب التحرير و ان كانت كما اوضح “بعض الاشارات العابرة  لتاريخ اول نوفمبر” لكن في العموم “افلامنا مجدت اكثر مما اوضحت معنى هذا اليوم المصيري في تاريخنا”. وواصل وفي هذا الصدد يمكن القول “اننا انتجنا افلام حربية اكثر من الافلام التي تتحدث عن حرب التحرير بخصوصياتها .و اعتبر السيد بجاوي توقف انتاج الافلام التاريخية لمدة طويلة أنه من الطبيعي ان يقدم الجيل الثاني من السينمائيين شهادات حول التحولات التي حدثت في المجتمع الجزائري.

و عرفت هذه المرحلة تقديم افلام جيدة مثل “الفحام ” لبوعماري و “تحيا يا ديدو” لمحمد زينات و “عمر قتلتو ” لمرزاق علواش” و التي لم تخلو من اشارات لحرب التحرير. و قال السيد بجاوي بخصوص عودة الافلام التاريخية في 2008 مع اتجاه نحو السيرة الذاتية ان  هناك فعلا امن  اعاب على قطاع السينما الكثير من الافلام الثورية التي تستثني تماما قادة الثورة لكن الشعار كان انذاك “بطل واحد هو الشعب “.و بعد حوالي عقدين، ظهرت افلام مكرسة للسيرة الذاتية التي تمجد اسماء ثورية كبيرة تستحق ذلك لكنها بالمقابل تغض النظر عن المظهر الشعبيلثورتنا العظيمة على المستوى السياسي و الاجتماعي و الثقافي .

 

ق.ث/الوكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى