الثقافة

 جوهرة المتوسط  التي عانقت أعظم الحضارات وأقدمها…..سقوط مدينة وهران تحت الإحتلال الإسباني

 بعد الإنتصار الذي حققه الإسبان بالمرسي الكبير، أصبح جيشهم يتحدي المسلمين ،وذلك بسبب تحصنهم الجيد في مرسي الكبير ، رغم الإنهزام المذل الذي تعرضوا له في معركة مسرغين ، الذي كاد أن يقطع توغلهم في البلاد ، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الإستعداد لحملة ضد جيش المسلمين في وهران ، حيث أنهم بعد هزيمة مسرغين ظلوا معتصمين بالمرسي الكبير عامين كاملين ، وذلك لنسيان النكسة التي تعرضوا لها في تلك المعركة، وأيضا لزرع الفتنة داخل البيت الزياني ، بإستعمالهم كل الأساليب لإضعاف الدولة الزيانية.

أبحرت الحملة من مرسي إسبانيا يوم 16ماي 1509 بقيادة الكاردينال كزيمينيسوكان عدد الجنود خمسة عشر ألف مقاتلا ، ويتولي قيادتهم بيدرو نافاروالذي كان مرافقا لي كزيمينيس ، وصلت الحملة يوم 17 ماي إلي مرسي الكبير ، فنزلت به بحكم أصبح تحت الحكم الإسباني مند أربعة سنوات ، وقد وفر الحاكم مرسي الكبير كل الأسباب والوسائل لنصر.فكان المسلمون جاهزين للقاء العدو كذلك ،بل كانوا أكثر عزيمة ورغبة لدفاع عن المدينة ، لكن إضطروا لإحتماء بحصونها، وأسوارها، أو وراء أبوابها لأنهم كانوا أقل عددا من الإسبان، وأقل عدة .هذا ما ذكره أحمد توفيق مدني

لكن الحاكم مرسي الكبير إستعمل طريقة أخري لإقتحام  المدينة، سهلت من مأمورية الجيش الإسباني. وهي أنه إشتري ذمة ياهودي أشطوراهو من مهاجري الأندلس ، الذي كان يشتغل قابض المكوس العام لمدينة وهران.

إتفق مع الإسبان علي فتح الباب للهجوم علي وهران ، وإشتري هذا الياهودي بدوره، ذمة إثنين من قابضي الذين كانا يعملان تحت إرادته ، وهما القائد عيسي العريبي، والقائد إبن قانص.وتجمع الجيش الإسباني أمام الباب ينتضرون موعد فتحه من طرف أشطوراوالخونة الذين معه ، وعندما جاءت الساعة تم فتحه ، فهجم الإسبان علي المدينة وإقتحموها بوحشية لا نضير لها ، يقتلون كل من وجدوه أمامهم ، لا يفرقون بين إمرأة أو رجل ، أو كبير وصغير  فذهل المسلمون من هول الفاجعة التي حلت بهم ، ولم يستطعوا أن يدافعوا عن المدينة ، بسبب تلك المؤامرة وتواطئ الياهودي اشطورا مع الإسبان.

فتراجع المسلمون إلي داخل المدينة من أجل الدفاع عن ديارهم وعن شرفهم ، عندما رأوا الجيوش الإسبانية كالجراد ، مقتحمين بقية الأبواب وحاصروا المدينة من كل جهة ، رغم هول الفاجعة لم يترك المسلمون الجهاد والدفاع عن مدينتهم وشرفهم ، وقاوموا مقاومة بائسة مدة خمسة أيام، فألتجأو الي حي الفقيه حول المسجد الأعضم وتحصنوا به ، بعدها سقطت المدينة وتم تحويل المسجد الأعضم إلي كاتدرائية . نفس المصدر ذكر ذلك

كانت الحصيلة أربعة آلاف قتيل وثمانية آلاف من الأسري ما جاء به أحمد توفيق مدني وذكر أحد مؤرخي الإفرنج أن الإسبان بالغوا في القتل حتي إحمرت مياه البحر . ونقل عنه هذا الكلام الدكتور يحي بوعزيز .

أما المسجد الأعضم إسمه جامع إبن بيطار أنشأ سنة 1347م حوله كزيمينيس إلي كنيسة بإسم إمراتنا المنتصرة ثم إلي كنيسة كريست الصبور . هذا ما جاء به المؤرخ بلوم نيلي

وتم سلب الكتب والمخطوطات القديمة والأشياء الثمينة ، وأخدها إلي متحف مدريد ، حوالي ثمانين بغل محمل بتلك المخطوطات والكتب، هذا يدل علي أن وهران كانت منبع فكري وثقافي .وأسس الإسبان في مكان الذي نزلت فيه قواتهم أين يوجد الباب الذي فتحه الياهودي ودخلوا منه إلي المدينة ،برج سموه برج لامونيعني برج القردة .

ويوجد ياهودي آخر شارك في الخيانة وهو رفيق أشطورا إسمه بن زهوة حسب ما ذكره يحي بوعزيز ، وتم تأسيس حصن سنة 1589م سمي برج بن زهوة وسماه الإسبان أيضا برج سان غريغواروتم وتكليف هذين اليهوديين مهمة إستخلاص الغرامات من السكان ، وإبقاهما قائدين علي المكوس كما كانا في السابق، وهذا مكافئة لهما علي تعاونهما مع الإسبان. نفس المصدر (بلوم نيلي )

بعد أن تمكن الإسبان من إحتلال المرسي الكبير ثم وهران ، فقد نجحوا في السيطرة علي رقعة إستراتيجية في المغرب الأوسط ، وانهارت الدولة الزيانية ، وأعترف سلطانها أبو حمو الثالت بسلطة الإسبان علي دولته ، وأصبح يدفع جزية سنويا.

رغم كل المحاولات المسلمين لإسترجاع وهران التي سوف نتكلم عليها لاحقا ، إلا أن الإسبان صمدوا مدة قرنين .إلا ان جاء الباي بوشلاغم المسراتي سنة 1708م، فقام بتحرير وهران من الإحتلال الصليبي الإسباني….(يتبع)

 

بقلم: بركان كراشاي هارون

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى