سنواصل في عددنا اليوم تفاصيل صراع الزيانيينو و المرينيين لتولي أمور و شؤون مدينة وهران و التي تعد واحدة من الحقب التاريخية الهامة في تاريخ هذه المدينة العريقة و ما تعاقب عليها مع ممر السنين فبعد أن ذكرنا أن مدينة وهران رجعت إلى المرينيين في عددنا السابق بسبب صراع داخل بيت الزيانيين ها نحن اليوم نسلط الضوء على هذا الصراع و ما حدث بين ملوك بني زيان …
كان ملوك بنو زيان يفوقون بني مرين حربيا وسياسيا . فظل الصراع مستمرا بين القوتين بهجمات دولية او إثارة قبائل قوية.وكان أبو تاشفين الأول أوسعهم مملكة وأغناهم خزائن٫ وأبو حمو موسي الثاني أعضمهم قدرا وأوفاهم كبار علو كعبه في الحرب والسياسة والعلم والأدب. وكانوا أيام عضمتهم متحدين لا يتنازعون أمرهم بينهم هذا ما ذكره يحي بن خلدون.إلا أن وقع الصراع داخل الدولة الزيانية.
وهو أن أبي حمو موسي الثاني السلطان الزياني كان له ثلات أبناء أبو تاشفين وهو أكبرهم الذي عينه وليا عهده سنة 1375م . وجعل المنتصر علي مليانة . فقد عين أبو حمو موسي الثاني ابنه الثالت أبا زيان علي مدينة وهران سنة 1378م بعدما كان حاكما علي إقليم التيطري ٫ وهذا أن أبي حمو موسي الثاني إتهم ابنه بالقيام باتصالات مشبوهة مع بعض القبائل المعادية له لهذا حوله إلي حكم ولاية وهران .تعيين أبي زيان علي وهران جعل أبي تاشفين يطلبها من أبيه (ولاية وهران) مزاحمة لأخيه .هنا وقع الأب (سلطان أبو حمو) في وضع محير ٫ فسكت ولم يستجب لطلب أبي تاشفين وتماطل في عقد التولية حتي يتوصل إلي حل يرضي أبناءه بدل من قرار يرضي احدهما ويغضب الأخر .وهذا التريت من الوالد أي السلطان ٫ جعل من الإبن العاق أبي تاشفين أنه أصبح كثير الشكوك في أبيه ٫ فوضع عيون عليه تراقبه لأنه كان خائفا من أن يخلعه من ولاية العهد .وإشتدت غيرته من إخوته المنتصر وأبي زيان وعمير وأصبح منافسا لهم.
قضية مقتل يحي بن خلدون أخ المؤرخ عبد الرحمان وعلاقته بوهران : كما ذكرنا سابقا أن السلطان أبو حمو موسي الثاني لم يقبل طلب إبنه أبي تاشفين المتمثل في توليته لي وهران بدل من أخيه أبي زيان ٫ لكنه لم يصارحه بهذا الرفض وتظاهر بقبول طلبه ٫ لكنه في نفس الوقت طلب من كاتبه يحي بن خلدون الذي كلفه بكتابة العقد أن يتمهل ويتماطل في ذلك ٫ حتي يتوصل إلي مخرج يرضي جميع أبناءه هذا ما جاء به عبدالرحمن بن خلدون في كتابه لكن أبو تاشفين كان مستعجلا في كتابة عهد التولية علي وهران٫ فأصبح كثير الإلحاح علي يحي بن خلدون (كاتب السلطان أبو حمو) وهو يتهرب ويتماطل مطبقا وصية السلطان الذي أمره بالتريث.
بما أن أبو حمو موسي الثاني تظاهر بقبول طلب إبنه أبي تاشفين هذا الأخير لم يكن يعلم أن هذه المماطلة من يحي بن خلدون هي أمر من أبيه السلطان ٫ فظن أبي تاشفين أن يحي بن خلدون متواطئ مع أخيه أبي زيان ٫ وهذا والتأخر في عقد الولاية هو خدمة له .لذلك قرر التخلص من الكاتب إنتقاما منه ٫ وإتفق مع بعض الصعاليك ٫ فطعنوه بخناجرهم وقتلوه لما كان عائد من صلاة التراويح٫ وكان ذلك في تلمسان سنة 1379م
سجن السلطان الزياني أبو حمو موسي ثاني في قصبة وهران من طرف إبنه ابي تاشفين : وعندما سمع أبو حمو موسي بالخبر في الصباح في اليوم الموالي ٫ أمر بالبحث عن الجناة . لكن عندما علم إشتراك إبنه في الجريمة أوقف البحث .وأصبح أبو تاشفين يتدخل في سياسة أبيه ويشاغبه وكان طموحا فوق اللزوم .
لهذا السبب لم يطب المقام لأبي حمو مع إبنه العاق ٫ فأرسل إلي المنتصر عامل مليانة بأنه لاحق به متي تتيح الفرصة .علم أبو تاشفين بالخبر وغضب من أبيه وعزله من العرش سنة 1386م وأعتقله بقصبة وهران ٫ وتوجه نحو مليانة لقتال أخوه منتصر ٫ فأستولي عليها وخشي أن يكيده أبوه وإخوته من خلفه . فبعث من يقتلهم .
ولما بلغ أبا حمو مقتل أولاده صعد علي سور القصبة مستغيثا بالوهرانيين ٫ فساعدوه علي الهروب من السجن . وعاد إلي عرشه بتلمسان سنة 1387م .ولما علم بالخبر أبا تاشفين توجه إلي تلمسان فدخلها . فإلتجأ أبو حمو موسي إلي مأدنة الجامع الأعضم فاستنزله وعفي عنه ٫ فطلب منه أبو حمو أن يأذن له بالسير إلي البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج . فقبل ذلك أبا تاشفين فأركبه من وهران . لكن في بجاية نزل أبو حمو وعرضوا عليه الحفصيون المساعدة لإسترجاع ملكه ٫ فدخل تلمسان سنة 1388م .
وإلتحق أبو تاشفين بفاس مستنجدا بالسلطان المريني أبي العباس ٫ فوقعت معركة بين الأب و الإبن جنوب تلمسان ناحية سبدو ٫ فأنهزم أبو حمو ومات فقطع رأسه وجاءوا به إلي إبنه وأتوا بأخاه عمير أسير فقتله وكان ذلك سنة1389م.ولم يجن أبو تاشفين إلا الخزي والعار ٫ فخدعه السلطان المريني وإحتل تلمسان وهذا ما ذكره ديديي وابن خلدون .فملك وهران أبو العباس أحمد بن أبي سالم إبراهيم.ثم رجع ملك وهران لدولة الزيانية ؛ فملكها أبو زيان محمد إبن أبي حم موسي بن يوسف الزياني . وانقطع ملك بني مرين بالمغرب الأوسط . بقيت وهران تحت الحكم الزياني حتي أخدها منهم الإسبان سنة 1505م ( سقوط مرسي الكبير في أيدي الإسبان ) و 15 09 م (تاريخ سقوط وهران ) ….(يتبع)
بقلم: بركان كراشاي هارون