
خبراء:”القدرة الشرائية للمواطن تراجعت بنسبة 50 بالمائة خلال العشر سنوات الأخيرة”
طالبت كنفدرالية النقابات الجزائرية السلطات بإنشاء المرصد الوطني للقدرة الشرائية، متوعدة بالرد على انهيار الوضعية الاجتماعية عبر كل السبل المتاحة قانونيا على رأسها الاحتجاجات.واعتبرت الكنفدرالية –قيد التأسيس-، في بيان لها، أعقب جلسة عمل لمكتبها التنفيذي، أن الأوضاع المهنية والاجتماعية الراهنة والمزرية تنذر بانفجارات خطيرة للجبهة الاجتماعية، في ظل التدني الرهيب للقدرة الشرائية عشية الدخول الاجتماعي.
وانتقدت الكنفدرالية التي ينضوي تحت لوائها 14 نقابة مستقلة، الوضع القائم، الذي يطغي عليه الارتفاع الفاحش للأسعار،خاصة المواد ذات الاستهلاك الواسع أمام غياب مراجعات لسياسة الأجور مند سنوات رغم المتغيرات المتسارعة في ارتفاع نسبة التضخم وانخفاض قيمة الدينار والتي أدت إلى تدني رهيب للقدرة الشرائية.وأفادت الكنفدرالية أن السياسات الحكومية المتعاقبة والحالية تفتقر لمقاربات فعلية و بدائل وإجراءات عملية تضمن إعادة التوازن للقدرة الشرائية من خلال التعجيل فى فتح ملف الأجور والتعويضات كأولوية أولي.
كنفيدرالية النقابات تلوّح بالاحتجاج ضد انهيار القدرة الشرائية
وتوعدت الكنفدرالية بالتصدي لهذه الوضعية غير المقبولة عبر كل أشكال الاحتجاجات القانونية والسلمية لحمل الحكومة على اتخاذ القرارات المناسبة والسريعة للتحسين من القدرة الشرائية للعمال والموظفين، داعية وتدعو العمال إلى التجنيد التام ورص الصفوف استعدادا للمساهمة في رد الاعتبار للطبقة العمالية وتعزيز الحياة الكريمة للموظف في جميع القطاعات خصوصا أمام صمت السلطات العمومية واستمرار الوضع على حاله.ويتوقع ملاحظون عودة التوتر مجددا إلى علاقة الحكومة مع العديد من النقابات خلال الأيام المقبلة بسبب التصعيد الذي تعرفه الجبهة الاجتماعية إثر ارتفاع الأسعار، ما دفع العديد من ممثلي النقابات إلى المطالبة بضرورة مراجعة سياسة الأجور والتعويضات.ويحظى موضوع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية واسعة الانتشار باهتمام بالغ وسط المنظمات النقابية، خاصة أن الأمر تزامن مع الدخول الاجتماعي الجديد 2021/2022.ويؤكد خبراء في الجزائر أن القدرة الشرائية للمواطن تراجعت بنسبة 50 بالمائة خلال العشر سنوات الأخيرة مقارنة بالأعوام التي سبقت الفترة المذكورة، على اعتبار أن أسعار أغلب المواد الاستهلاكية تضاعفت إلى نصف أثمانها السابقة.
مراجعة سياسة الأجور والتعويضات مطلب جميع العمال الجزائريين في الظرف الراهن
وقد حاولت الحكومات المتعاقبة طوال هذه المرحلة امتصاص غضب الجزائريين من خلال “سياسة شراء السلم الاجتماعي” التي تعتمد على الزيادة في الأسعار ومواصلة دعم العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية.وفي السياق ذاته، أمر الرئيس عبد المجيد تبون برفع الحد الأدنى للأجور إلى 20 ألف دينار جزائري مع إصداره قرارات أخرى تقضي بإدماج العديد من الموظفين الموسميين. لكن كل ذلك يعتبره البعض غير كاف لإخماذ نيران الجبهة الاجتماعية المشتعلة هذه الأيام، خاصة وأن مخطط الحكومة التي تم عرضه امام البرلمان، أول أمس، لم يتضمن أي إشارة مباشرة إلى نية الحكومة في إضفاء زيادات جديدة في أجور العمال.ويؤكد مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بنقابة “الكنابست”، واحدة من أكبر التنظيمات العمالية في قطاع التربية، أن “المطالبة برفع أجور العمال يبقى حقا ثابتا تشترك فيه العديد من النقابات في قطاع التربية وفي قطاعات أخرى تابعة للوظيف العمومي”.
وأضاف المتحدث “أصبح مطلب مراجعة سياسة الأجور والتعويضات الشغل لجميع العمال الجزائريين في الظرف الراهن بسبب الوضع المزري الذي خلفه الارتفاع الكبير المسجل في المواد الاستهلاكية الأساسية”.وأكد أن “الأمر أضر بشكل كبير بالقدرة الشرائية لجميع العمال والموظفين”.وكشف بوديبة أن “العديد من النقابات أصدرت في نهاية الموسم الدراسي الماضي بيانا أعلنت من خلاله أنها تفضل تأجيل كل حركة احتجاجية وتمهل الحكومة وقتا إضافيا من أجل البحث عن آليات تسمح برفع القدرة الشرائية للجزائريين، لكن ذلك لم يحدث لحد الساعة”.
وقال المتحدث ذاته “لقد أجرينا دراسة علمية موثقة تشير إلى أن الدخل الأدنى للعيش الذي ينبغي على الجزائري تقاضيه شهريا يجب أن يكون في حدود 80 ألف دينار جزائري، في حين أن معدل الدخل الشهري للأستاذ في الجزائر لا يتجاوز 40 ألف دينار فقط”.وشدد المتحدث على أن “الوضع الاجتماعي والمهني لوظفي قطاع التربية صار لا يطاق في المدة الأخيرة”، لافتا إلى أن “العودة إلى الاحتجاجات وحركة الإضرابات أصحى أمرا منطقيا في هذه الظروف”.وتواجه الجزائر، منذ أزيد ست سنوات، أزمة مالية بسبب تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، وهو الأمر الذي أثر بشكل مباشر في ميزانية الدولة وفي العديد من القطاعات.ودفع الوضع الحكومة إلى التعامل مع الوضع وفق “سياسة التقشف” وعلى عكس سنوات البحبوحة المالية.ويعتقد أستاذ الاقتصاد، عبد القادر بن سهلي، أن هذه السياسة التي تبنتها الحكومة قد تطول لأشهر عديدة بل لسنوات في ظل استمرار أزمة أسعار النفط.ويشير بن سهلي إلى أن “أكبر تحد تواجهه الحكومة الآن هو الابتعاد قدر الإمكان من احتياطي الصرف والاعتماد فقط على الإيرادات التي تحققها مؤخرا”.
ويضيف المتحدث ذاته إلى أن “الأمر يحيل إلى قراءة واقعية تؤكد أن مطلب الزيادات في الأجور يبقى مشروعا مؤجلا لوقت لاحق في ظل هذه الأزمة المالية”.مقابل ذلك، يطرح القيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين والأمين العام لفدرالية الجماعات المحلية والإدارة، أحمد منتفخ، فكرة “ضمان حق الزيادات في الأجور لكن وفق مبدأ الأولوية حسب كل قطاع”.ويقول “الزيادة في الأجور أو التعويضات حق مشروع لجميع العمال في الجزائر، لكن الوضع الاقتصادي للبلاد لا يسمح بتجسيده على مستوى كافة القطاعات المهنية”. ويؤكد أن “عصر البحبوحة المالية انتهى”.ويكشف منتفخ عن “وجود شرائح مهنية في الجزائر تبقى تتقاضى أجورا زهيدة لا تتعدى 9 آلاف دينار شهريا، مثل عمال النظافة وغيرهم، تعتبر أولى من غيرها بقضية الزيادة في الأجور”.كما تحدث الأمين العام لفدرالية الجماعات المحلية والإدارة عن عمال قطاع الصحة وأكد “أنهم الجيش الذي يواجه بصدر عار جائحة كورونا لذا يستحقوا أن يكونوا في قائمة المعنيين بالزيادات في الأجور”.
محمد/ل