ذكرى وعد بلفور المشؤوم: تغييب الحقوق الفلسطينية ضوء اخضر لتنفيذ الاحتلال لمحرقة القرن الحادي والعشرين بغزة
حلت يوم أول أمس الخميس (2 نوفمبر) الذكرى ال106 لوعد بلفور, في ظروف استثنائية يعيشها الشعب الفلسطيني خاصة بغزة التي تتعرض لمحرقة صهيونية نازية لم تهدأ نيرانها منذ 27 يوما, لتشتد فيها المسؤولية التاريخية لبريطانيا والمجتمع الدولي عن تداعيات هذا الوعد المشؤوم.
وشكل وعد بلفور بداية المأساة التي وقعت سنة 1948 بتشريد الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه المشروعة, وقيام الكيان الصهيوني الاحتلالي على سياسات الاستيطان والعدوان العسكري والتهجير القسري والتطهير العرقي ومصادرة الأرض وتدمير الممتلكات وتهويد مدينة القدس الشريفة.ويقف العالم في هذه الذكرى على مشاهد دمار وخراب لا تعدو أن تكون نتيجة من نتائج ما وصف ب”المؤامرة الدولية” والتنكر لحقوق الفلسطينيين منذ ذلك التاريخ, حيث يشهد المجتمع الدولي على المذابح التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة وفي عموم الأرض الفلسطينية المحتلة, ومجازره الدموية وحربه التدميرية, مخلفا الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى المدنيين الأبرياء العزل, وخاصة الأطفال والنساء.
وتتعاظم مسؤولية بريطانيا, صاحبة الدور التاريخي والسياسي في القضية الفلسطينية, و ايضا المجتمع الدولي عموما, المطالب أكثر من أي وقت مضى بالضغط على الكيان الصهيوني حتى يخضع للقانون الدولي. وهي المطالب التي رفعت بقوة خلال المسيرات التي شهدتها المدن البريطانية مؤخرا وكانت من أكبر المسيرات المؤيدة للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة.ويؤكد الفلسطينيون والداعمون لقضيتهم ولحقهم في الحرية و اقامة دولتهم المستقلة على أن الأحداث التي يعرفها قطاع غزة حاليا, لا يمكن فصلها عن الوعد المشؤوم من الناحية التاريخية, ويحملون بريطانيا المسؤولية التاريخية لما يحدث في فلسطين بسبب فشلها المستمر في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.ويعد الوعد الذي اصدره وزير خارجية المملكة المتحدة, آرثر جيمس بلفور, في الثاني من نوفمبر 1917 والمعروف في الأدبيات السياسية والتاريخية بوعد “من لا يملك لمن لا يستحق”, نقطة الانطلاقة الرئيسية للقضية الفلسطينية والذي نتج عنه فيما بعد الاحتلال الصهيوني.
وقال المسؤول الاعلامي بغزة, سلامة معروف, إن ذكرى وعد بلفور المشؤوم, تتزامن مع وقائع محرقة الاحتلال الصهيوني النازي ضد الشعب الفلسطيني, في يومها ال27, مشيرا الى ان الذكرى تؤكد أن المشهد لا زال على حاله منذ أن “بدأت المؤامرة الدولية بتغييب حقوق الشعب وإنكار وجوده على أرضه وغرس هذا الخنجر السرطاني في قلب فلسطين”.كما أكد على أن “القوى التي خططت وسهلت وساندت الاحتلال في مراحل النكبة الأولى, بقت على موقفها المتجرد من الإنسانية والمخالف للأخلاق وقواعد القانون الدولي وحافظت على حماية ظهر هذا المحتل النازي, رغم كل الجرائم التي يرتكبها”, مؤكدا أن ذلك “منح الاحتلال الأمان من العقاب والمحاسبة وشجعه على استمرار الجرائم والمذابح بحق الشعب الفلسطيني”.
استمرار الاحتلال انتكاسة لقيم الحرية والعدالة والشرعية الدولية
كما حمل سلامة معروف, المسؤولية للمجتمع الدولي ومنظومته الأممية التي “عجزت عن وقف هذه المحرقة ومنحت الاحتلال ضوء أخضر لإكمال جريمته, خاصة الدول التي تقف موقفا يخالف ما تتشدق به من قيم وأخلاق وحقوق إنسان وتدعم فعليا قتلة الأطفال والنساء وتزودهم بالسلاح والذخيرة لإتمام جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعقاب الجماعي ضد قطاع غزة”.وبمناسبة الذكرى ال106 لإعلان بلفور, طالبت جامعة الدول العربية, في بيان لها, المجتمع الدولي بضرورة التحرك “الجاد والفوري” لوقف الحرب الشرسة التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل الى قطاع غزة, والعمل على وجه السرعة بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية الطارئة بشأن “الأعمال الصهيونية غير القانونية وحماية المدنيين والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية”.
كما ناشدت مجلس الأمن لممارسة اختصاصاته في تحمل مسؤولياته بتطبيق قواعد القانون الدولي بمعايير العدل والإنصاف وتجاوز حالة العجز والغياب, والعمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لهجمة صهيونية شرسة وغير مسبوقة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.
وقال البيان إن “ما يحدث هذه الأيام في قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة إنما هو استمرار لمسلسل المجازر والتهجير وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين الذي بدأ مع تصريح بلفور المشؤوم, وإن المسؤولية اليوم تقع على عاتق المجتمع الدولي, وخاصة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة, لحماية الشعب الفلسطيني وانصافه من تبعات ذلك التصريح المشين ومن هذه الحرب الإجرامية”.
من جهتها, جددت منظمة التعاون الإسلامي, بمناسبة ذات الذكرى, التزامها الدائم بدعم نضال الشعب الفلسطيني وثباته وتضحياته على امتداد عشرات السنين, “من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة التي لا تزال تشكل علامة قاتمة في التاريخ والذاكرة والضمير الإنساني, وانتكاسة لقيم الحرية والعدالة والشرعية الدولية”.ودعت المنظمة, المجتمع الدولي إلى “تصحيح هذا الظلم التاريخي, وتحمل مسؤولياته في إنهاء الاحتلال, وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة, بما في ذلك حقه في العودة وتجسيد إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية, وفي إطار تحقيق رؤية حل الدولتين, استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية”.