وجه رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، اليوم السبت، رسالة بمناسبة الذكرى السابعة والسّبعون لمجازر 8 ماي 1945.وجاء في رسالة الرئيس تبون التي نشرها موقع الرئاسة، أن الفظائعَ التي عَرَفتهَا سطيف وقالـمة وخراطة وغيرها من الـمدن في الثامن من ماي 1945، سَتبقَى تَشْهَدُ على مَجازرَ بشعة، لا يُمْكِنُ أَنْ يَطْوِيَهَا النّسيانُ.وأضاف أنه سَتَظَلُّ مَحْفُورةً بِمآسيها الـمروّعةِ في الذاكرة الوطنية، وفي المرجعيةِ التاريخية التي أسَسَ لَهَا نِضالُ شعبِنا الأبي ضِدّ ظُلْمِ الاستعمار، وتَوْقًا للحرية والكرامة، عَبْرَ الـمُقاومات الشعبية، وتَوّجَها بثورةِ التحريرِ الـمُباركة في الأول من نوفمبر 1954.
بالمقابل أكد الرئيس تبون أن من أَيّامِنَا الشّاهدةِ على عظمةِ كفاحِ الأُمّةِ، اليوم الوطني للذاكرة، الـمُخلّد لـمجازر الثّامن من ماي 1945، الْذِي تَعُودُ ذكرَاهُ السّابِعةُ والسّبعون (77)، لتكونَ كَمَا في كُلّ عَامٍ مُناسبةً جليلةً، لـِمهابَةِ مَعانيها، وعُمقِ دَلالاتِها في مسيرةِ نِضال الشّعبِ الجزائري، وتاريخِ الحَركةِ الوطنية.
تاريخنا الـمجيد مناطُ فَخرنا ومصدر عزّتنا ويزداد إشْعاعا ورسوخا كلّما اشتدّ حقد الذين لم يتخلصوا من تطَرفهم
وأضاف قائلا:”إن تاريخَنا الـمجيدَ مناطُ فَخْرِنَا، ومَصْدَرُ عِزّتِنا، ومُلهِمُ الأجيالِ على مرّ العصور، يَزْدَادُ إشْعَاعًا ورُسُوخًا في الوجدان،وتابع:”كُلّمَا اشْتَدّ حقدُ الذينَ لَمْ يَتَخَلّصُوا مِن تَطَرفهم وارتِبَاطِهم الـمُزمِنِ بالعقيدةِ الاستعماريةِ البَاليةِ البَائسة، والذينَ لَمْ تُعلّمهم خَيْباتُهم الكفّ عن مُحَاولاتِ حَجْب حقائق التاريخ بالتَضليلِ أو الدّفْعِ إلى النسيان.”
ولذلك فإن حِرْصَنا على ملف التاريخ والذاكرة يَنْبَعُ من تلك الصفحات المجيدة، ومن تقديرِ الدّولةِ لـمِسَؤُوليتها تجَاه رصيدِها التـاريخي، باعتبَارِه أَحَدَ الـمُقَوّمـــــاتِ التي صَهَرتْ الهويــةَ الوطنيــــةَ الجزائريــةِ .. ومُرتكزًا جوهريًا لبنــاء الحـــاضر واستشراف الـمستقبل، عَلَى أُسُسِ ومَبَادئ رسالةِ نُوفمبر الخالدة .. وهو حِرْصٌ يَنْأَى عن كُلّ مُزايدةٍ أو مُساومةٍ، لصَونِ ذاكرتنا، ويسعى في نفس الوقت إلى التعاطي مع ملف الذاكرة والتاريخ بنـزاهــــةٍ وموضوعيــــة، في مَسارِ بناءِ الثّقَـــة، وإرساءِ علاقاتِ تَعَاوُنٍ دَائمٍ ومُثْمِرٍ، يَضْمَنُ مَصَالحَ البلديْن في إطَارِ الاحترام الـمُتَبادل.
في هَذِه الذّكرى الـمهيبةِ، يضيف الرئيس وفي الوَقْتِ الذي نَسْتَحْضِرُ تَضحياتِ الشّعْبِ في تِلك الـمَرحلةِ الفَاصلةِ من تاريخ الأمة، فَإنّ أَصدقَ تَعبيرٍ عن الوفاء للوطن، في ظُروفٍ تَطْبَعُهَا تَحدياتٌ عَديدة، يَتَجَلّى في رَصّ الصفوفِ لـمُعَالجَةِ أَوضَاعِنَا الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ بالفعاليةِ والسّرعةِ الـمطلوبتين، وللتفاعل مع العالم الخارجي، وما تُفرزُه التوتراتُ والتقلبات الـمتلاحقة بجبهةٍ داخليةٍ متلاحمة، تُعزّز موقعَ ومكانةَ الجزائر، في سِياقِ التّوازُنَاتِ الـمُستجدّةِ في العالم ..
الرئيس تبون:”حرصنا على ملف التاريخ والذاكرة يَنْأَى عن كلّ مزايدة أو مساومة”
وتُحْبِطُ نَوايَا الاستفزازِ والـمُغَالطَات العِدائية، التي لَنْ تُثْنِي الجزائرَ عن الخياراتِ الكُبْرى، والتوجّهات الاستراتيجية، سواء تَعلّق الأمرُ بالـمسارات التي اعْتَمدتْـهَـــــا لتحقيـــــق وتيــــرةٍ مُتَصّاعِـــــدَةٍ، فـي مجـــــالِ التنميــــــة الـمستدامة، من خلال تسخيرِ قُدُراتنَا الذاتية، ومُحَاربَةِ الاستنزافِ الـمشبوه لـمواردِ الأمة، أو تَعَلـقَ الأمــرُ بالرؤيــةِ التي نَتَـبــنَــاهَا في سِيَاستِنَا الخَارجيةِ للدّفَــاع عن مصالحنا، واسترجاعِ مَا تَسْتَحِقّه الجزائرُ من القوّةِ والهيبةِ الـمُسْتَمَدّتيْنِ من تاريخِها العَريقِ الـمجيد .. ومِنْ وِحْدَةِ شَعْبِها، ومن مُقَدّراتِها ومَواردِها .. ومن إرادَتها في توطيدِ عَلاقات مُتوازِنة مَعَ شُركَائِها في الـمنطقة وفي العالم، وهي الرُؤيةُ التي تدعو إلى إعلاء صَوتِ الحقّ وإلى الوُقوفِ إلى جَانبِ القَضَايا العَادلة، وتجعل من بلادنا عاملَ تَوازنٍ واستقرارٍ في الـمنطقة.
وفي الأخير، قال أنه في هذه الذكرى السابعة والسبعين لـمجازر 08 ماي 1945، أقف معكم بخشوعٍ وإجلال تَرحّمًا على أرواح الشهداء الزكية .. وأتوجه بتحية التقدير والإكبار للمجاهدات والـمجاهدين أطال الله في أعمارهم، داعيًا الـمولى عزّ وجلّ أن يعيننا جميعًا على خدمة بلدنا العـزيز وشعبنا الأبيّ وفاءً للشهداء والوطن.