روسيا/أوكرانيا: مؤشرات على مزيد من التصعيد في ظل تعذر الدخول في مفاوضات
تدخل العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا يومها الخامس، في ظل مؤشرات تنذر بمزيد من التصعيد، وفي وقت شددت فيه الدول الغربية والولايات المتحدة عقوباتها على روسيا المصرة على المضي قدما في عملياتها “إلى غاية تحقيق أهدافها المسطرة”.فقد أصدرت وزارة الدفاع الروسية أوامرها لقواتها بتوسيع زحفها على جميع المحاور في أوكرانيا, بعدما رفضت كييف التفاوض مع موسكو, بحسب بيان للوزارة, التي قالت: “بعد أن تخلى الجانب الأوكراني عن التفاوض, صدرت يوم (السبت), أوامر لجميع تشكيلاتنا بتوسيع زحفها على جميع الاتجاهات وفقا للخطة العسكرية الموضوعة”.
و حسب البيان فإن مجموعات من قوات الجمهوريتين (دونيتسك ولوغانسك), اللتان أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميا الاعتراف بهما كجمهوريتين منفصلتين عن اوكرانيا قبل أيام, انضمت لدعم القوات المسلحة الروسية وأن قوات الجمهوريتين قد “تقدمت ميدانيا و دخلت إلى عدة بلدات أوكرانية”.و وسط إعلانات متبادلة ب “تحقيق النصر”, وبإلحاق كل طرف خسائر بالطرف الآخر, ذكرت تقارير إعلامية أن المعارك بين القوتين الروسية والأوكرانية تشهد استخداما لأسلحة ثقيلة وصواريخ مضادة للطائرات في عديد المحاور وجبهات القتال.
و استنادا لأحدث بيانات وزارة الدفاع الروسية فإن الجيش الروسي واصل تقدمه على عدة محاور, وشن ضربات جديدة بأسلحة دقيقة ضد منشآت البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا, ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا الخميس الماضي, تم تدمير 975 من هذه المنشآت إلى جانب تدمير 223 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى, و28 طائرة عسكرية و 143 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة فضلا عن احتجاز 471 جنديا أوكرانيا.
بدورها, أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية عن اعتراض سلاحها الجوي لطائرة هجومية روسية وطائرة نقل في سماء العاصمة كييف, إلى جانب تعطيل عملية إنزال بحري في منطقة عمليات البحر الأسود, فيما أكد المكتب الصحفي لإدارة العاصمة كييف, أن المدينة “تخضع لسيطرة الجيش الأوكراني” مع إعلان حظر التجول فيها.و في مسعى لتعزيز قواته على جبهة المعارك, أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي, عزمه “إنشاء فيلق دولي للدفاع عن أراضي البلاد يضم أجانب يرغبون في الانضمام” لدعم الجنود الأوكرانيين, موضحا أنه “يمكن لجميع أولئك الذين يريدون الانضمام إلى الدفاع عن الأمن في أوروبا والعالم أن يأتوا ويقفوا جنبا إلى جنب مع الأوكرانيين”.
كييف تبحث عن قرار ملزم لوقف إطلاق النار
و على الصعيد الدبلوماسي, فشل مجلس الأمن الدولي السبت في اتخاذ قرار بوقف العملية العسكرية ضد أوكرانيا بسبب استعمال موسكو حق النقض في المجلس, ما دفع بكييف إلى المطالبة بعقد جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة الأممية.و قال مبعوث أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا في تغريدة عبر موقع “تويتر” إنه على خلفية استخدام روسيا حق النقض ضد مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة وألبانيا يستنكر “بأشد العبارات” العملية العسكرية ويدعو موسكو إلى “سحب قواتها فورا”, “وجهت طلبي إلى أعضاء المجلس باتخاذ قرار ملزم لعقد جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة”.و يلزم مجلس الأمن الدولي لاتخاذ هذا القرار تسعة أصوات من الأعضاء ال 15 في مجلس الأمن, وبسبب الطابع الإجرائي لهذه الخطوة, لا يمكن لأي دولة استخدام حق النقض “الفيتو”, وبالتالي لن تتمكن روسيا من إسقاط هذا القرار.
من جهة أخرى وفي مسعى لعزل موسكو دبلوماسيا وماليا “عقابا لها” على العملية العسكرية في أوكرانيا, فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا تراوحت بين وقف التعامل مع نظام موسكو المصرفي, وقيود على التصدير وحرمانها من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة.كما تم استهداف الشركات الحكومية الرئيسية, فضلا عن قطاعات الطاقة والمالية والنقل, وفرض قيود على منح التأشيرات, وتم تسليط عقوبات على عدد من كبار المسؤولين الروس على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف, إلى جانب مسؤولي الرئاسة المشاركين في قرار روسيا الاعتراف استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين.كما أغلقت عدة دول من أوروبا والبلطيق, على غرار ألمانيا وبولونيا وتشيكيا وإستونيا وبلغاريا, مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية, فيما ردت موسكو بالمثل على هذه القرارات.
و قللت موسكو من شأن العقوبات الجديدة قائلة على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف, إن تلك الإجراءات “لن تغير شيئا ولن تؤثر على العملية العسكرية التي سيتم إنجازها بالكامل حتى تحقيق جميع أهدافها”, كما هددت بمراجعة علاقاتها الدبلوماسية مع الدول التي فرضت عليها عقوبات, معتبرة أن هذه العقوبات فرضت بسبب “العجز السياسي للزعماء الغربيين وعدم قدرتهم على تغيير مسار روسيا, وبسبب الإجراءات المخزية” في إشارة إلى حشد حلف شمال الأطلسي (الناتو) قواته على الحدود الروسية.و كان الرئيس الروسي قد برر إطلاق عملية عسكرية في أوكرانيا بـ “حماية سكان منطقة دونباس”, وقال في خطاب متلفز للأمة: “خططنا لا تشمل احتلال الأراضي الأوكرانية”.و أكد أن تحرك روسيا جاء ردا على “التهديدات الجوهرية” من قبل حلف (الناتو) الذي توسع إلى أوروبا الشرقية و”جلب بنيته التحتية العسكرية” قرب الحدود الروسية.