قضت محكمة الجنايات الاستئنافية لدى مجلس قضاء وهران بعقوبة 5 سنوات سجنا ضد موظف شرطة (ب.م.جمال الدين) عن جناية التزوير واستعمال المزور وطلب وقبول مزية غير مستحقة،و زميله (ب.محمد) بعامين حبسا نافذا جنح مساهمة موظف في جريمة كلف بضبطها ومراقبتها، والحيلولة دون القبض على شخص تبحث عنه العدالة ومساعدته على الاختفاء والهروب، وطلب وقبول مزية غير مستحقة، كما أدين المدعو (ي.محمد) عن جنحة تسليم مزية غير مستحقة لصالح موظف و معاقبته بعامين حبسا نافذا.و تجدر الإشارة أن سبق للمحكمة الابتدائية و أن إدانتهم بنفس العقوبة .
وتعود وقائع القضية إلى السادس نوفمبر من سنة 2018 عندما فتح تحقيق قضائي ضد المتهم (ي.محمد)،الذي كان محل بحث من طرف العدالة، بموجب أمر بالقبض، صادر خلال سنة 2014 عن محكمة وهران، من أجل جنحة السرقة بالكسر، وقصد تسوية وضعيته القانونية، لجأ هذا الأخير إلى صديقه موظف الشرطة (ب.م. جمال الدين)، بحكم طبيعة عمله بقسم المحفوظات بأمن ولاية وهران، أين تحفظ ملفات الأشخاص المتابعين قضائيا، فساعده في الحصول على وثيقة الكف عن البحث، عن طريق التزوير، مقابل عشرين مليون سنتيم، غير أن كل منهما نفي علاقته بالوثيقة المزورة، وينسب مصدرها للآخر، و لحل مشكل صديقه استعان موظف الشرطة (ب.م.جمال الدين) بزميله الشرطي (ب.محمد)، لاعبا دور الوساطة بينهما ،وكان هذا الأخير يلتقي والمتهم (ي.محمد)، -مرتين على الأقل. بالمقاهي وخارج مقر الأمن، مخلا بوظيفته وواجباته المهنية. وثبت من جدول اللوائح الهاتفية، خلال تلك الفترة وجود اتصالات هاتفية بين المتهمين الشرطيين.
المتهم (ي.محمد) اعترف عبر مراحل التحقيق أن وثيقة الإخطار الكف بالبحث المزورة أحضرها المتهم (ب.م.جمال الدين)، وسلمها للمتهم (ب.محمد) في ظرف مغلق، وتربطه علاقة صداقة بموظف الشرطة بأمن ولاية وهران -مصلحة الأرشيف- منذ سنة 2000، وكان يلتقي به بمقهى بالحي الذي يقيم فيه (تريقو )، وفي كل مرة كان يطرح عليه نفس الأمر، أنه اطلع بالمصلحة التي يعمل بها على الأمر بالقبض، ويعده بحل المشكل، مقابل مبلغ عشرين مليون سنتيم. ثم رتب موعدا قرب محور الدوران “روكس”، والتقيا بالمتهم موظف الشرطة (ب.محمد)، وتكلموا عن المشكل، فأجابه هذا الأخير بعبارة (ما كانش مشکل.. نريقلوها). وفي موعد ولقاء ثان، قام (ب.م.جمال الدين) بتسليم ظرف ل(ب.محمد) (لا يعلم ما يحتويه). وبعده سلم المبلغ المالي (عشرين مليون سنتيم) لموظف الشرطة الأول وكان في اتصال دائم معه، إلا أنه في الآونة الأخيرة، أصبح لا يرد على اتصالاته.
من جهته المتهم (ب.م.جمال الدين) أصر خلال جميع مراحل التحقيق. أن الوثيقة المزورة (الإخطار بالكف عن البحث )لم يطلع عليها، ولم يستلمها من (ي.محمد)، ولم يسلمها لزميله الشرطي، ولا علم له بها،في حين لم ينف علاقة الصداقة التي تربطه بالمدعو (ي.محمد)، لكن لم يسبق أن تكلم معه أنه محل بحث من طرف العدالة. ولما علم منه بذلك، اتصل بزميله موظف الشرطة للتكفل بالأمر، ورتب له موعدا معه والتقوا الثلاثة، وتكلموا عن المشكل، ولم يكن (ي.محمد) يحمل أية وثائق ومنذ ذلك الحين بقي هذا الأخير على اتصال بزميله الشرطي نافيا تلقي أية مبالغ مالية، أو استلام أية وثائق منه.
أما المتهم (ب.محمد) -موظف شرطة تابع لفرقة التفويضات القضائية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية وهران، صرح أنه تسلم الوثيقة المزورة الإخطار بالكف عن البحث من المتهم (ي.محمد) خارج مقر الأمن الولائي ولما راودته شكوك في صحتها، تم إرسالها إلى وكيل الجمهورية بمحكمة وهران، للتأكد منها فجاء الرد بتقديم المعني وفور تلقي التعليمة النيابية، تم تكثيف الأبحاث من أجل إيقافه بكل الطرق القانونية، وإنجاز الغرض المطلوب من العدالة،مضيفا أنه تعرف عليه عن طريق موظف الشرطة (ب.م.جمال الدي)، الذي قدمه له على أنه قريبه (ابن خالته)، ولديه مشكل في مغادرة أرض الوطن، كونه محل بحث، بموجب أمر بالقبض، عن جريمة نفذ عقوبتها،غير أن الأمر بالقبض لا زال ساري المفعول. طالبا منه مساعدته في حل المشكل، الذي هو من اختصاصه.
خلال جلسة المحاكمة تمسك الشرطيين المتهمين بإنكارهما التهم المنسوبة اليهما نافيين أن يكونا تسلما أموالا من قبل (ي.محمد) هذا الاخير من جهته واجه سابقيه ، مصرا أنه طلب منه الأول مبلغ 20 مليون سنتيم، وأنه سلمه له فعليا، نضير مساعدته له في تسوية الأمر بالقبض الصادر ضده.ممثل الحق العام خلال مرافعته أكد ثبوت التهم ضد جميع المتهمين ملتمسا توقيع عقوبة 5 سنوات سجنا نافذا لجميع المتهمين ،لتنطق هيئة المحكمة بعد المداولة بالحكم المذكور أعلاه.
بن شارف.أ