
بعد أن مات تاشفين بن علي في وهران إثر سقوطه من جرف عال وفشل أتباعه في مواجهة عبد المؤمن الموحدي وجيوشه، أصبحت وهران تحت حكم الموحدين . ويعتبر الموحدين الدولة الرابعة التي حكمت وهران بعد الأمويين والفاطميين والمرابطين
شهدت وهران خلال فترة الموحدين اتساع عمرانها وانتشرت فيها الصناعات التقليدية كنسيج الصوف والأواني ونشطت بيها الحركة الثقافية (حسب قول الشريف الإدريسي )
وعرفت وهران أيضا نشاطا تجاريا كبيرا وذلك بفضل صلاتها مع تجار معضم موانيء البحر المتوسط وكان ذلك حافزا لكثير من التجار المسيحيين على الإستقرار بوهران وهذا حسب ما ذكره (ليون في- وديدي) بقيت وهران هكذا حتى قامت الدولة الزيانية بتلمسان عام 1236م ففرضت سيطرتها على وهران والمرسي الكبير
من هم بنو زيان ؟
الزيانيون هم الدولة الخامسة التي ملكت وهران فتسميتهم بالزيانيين نسبة لجدهم لأبيهم زيان بن ثابت بن محمد.ويسمون أيضا بني عبد الواد نسبة لجدهم لأمهم عبد الوادي إبن يادين بن محمد بن رزجيك حسب ما ذكره يحي بن خلدون
فيري الكثير من المؤرخين أن نسب بنو زيان من الأشراف فقد إتفقوا علي أن شخصا إسمه القاسم قد دخل عن عبد الواد القانطين بصحراء تلمسان وعقب عقبا مباركا فاختلفوا في شخصية قاسم من ينسبه إلي بني سليمان بن عبدالله الكامل ومنهم من ينسبه إلي محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدريس إلا أنهم اتفقوا علي شرف بني زيان ومن بينهم يحي بن خلدون الذي يري أن القاسم ينسب إلي ولد إدريس وأيضا محمد بن عبدالله التنسي ألف كتاب كامل حول شرف نسب بنو زيان وهناك أيضا كتاب عبارة عن مخطوط محفوظ في مكتبة راياندس ببريطانيا لمؤلف مجهول يتكلم عن شرف نسب بنو زيان وانتسابهم إلي عبدالله كامل حسب قول محمود بوعياد.
وهناك من يري ان بنو زيان من أصل زناتة منهم عبدالرحمان بن خلدون معبرا عن ذلك أن ملوك بنو عبد الواد كانوا يتكلمون اللهجة الزناتية وبما أن هذا البطن كان يتمتع بنفوذ كبير من السهل أن يلحق نسبه بالنسب الشريف ونقل ذلك المحقق محمود بوعياد و حتي يغمراسن بن زيان رفض هذه الادعاءات الباطلة (أي انتساب للأشراف ) حسب ما ذكره عبد الرحمان بن خلدون وحدث بذلك قبله أخوه يحي بن خلدون ، وكذلك كتاب سالم “تاريخ المسلمين وأثارهم ” يقول أن بنو زيان من فرع زناتة .
ثم ملك وهران الدولة السادسة وهم المرينيون ويقال لهم بنو حمامة فتسميتهم بالمرينيين نسبة لجدهم مرين بن أمير الناس وأما تسميتهم بني حمامة فذلك نسبة لجدهم حمامة إبن محمد بن ورزين هذا ما ذكره مازاري بن عودة.
فهناك من يري أن نسب المرنيين من أشراف الأدارسة من ذرية يحي بن إدريس في ، ذكر هذا في كتاب أثمد الأبصار. وأيضا إسماعيل بن الأحمر قال هم أبناء عمومة بني عبد الواد وهم فخد من زناتة ثم ذكر في رواية أخري عن نسبهم حيث قال 《وجماعة من المؤرخين قالوا إنهم من زناتة وزناتة كلها عرب الأصل مضر، يجتمع نسبهم بنسب رسول الله صلي الله عليه وسلم 》وكأنه يلمح علي أنهم أشراف لكن لم يصرح بذلك هذا ما قاله المحقق محمود بوعياد.
وإتخد إبن أبي زرع موقفا مماثلا فرفع نسب بنو مرين إلي زناتة وزناتة إلي العرب لكن لم يلمح إلي انتسابهم للأشراف كما فعل إسماعيل بن الأحمر. وأيضا أحمد المقري أنكر نسب الشريف لبني مرين مستدلا بقصة حدثت لجده محمد المقري مع نقيب الأشراف بفاس كان ساخطا علي المقري الذي كان السلطان أبو عنان قد أخده معه إلي حاضرة مملكته وولاه قضاءها، وذلك لعدم قيامه اجلالا له كلما حضر المجلس مع أن ابا عنان نفسه وجميع من في المجلس كانوا يقومون له، فشكاه أولا للسلطان من دون جدوي، ثم لم يطلق صبرا حينما أصر المقري علي سلوكه، فعاتبه يوما بمحضر السلطان فقال :《أيها الفقيه ،مالك لا تقوم كما يفعل السلطان نصره آلله، وأهل مجلسه، اكراما لجدي وشرفي؟ ومن أنت حتي لا تقوم لي؟ فنظر إليه المقري وقال له《 أما شرفي فمحقق بالعلم الذي انا ابثه ولا يرتاب احد، وأما شرفك فمظنون،ومن لنا بصحته مند أزيد من سبعمائة سنة،ولو علمنا شرفك قطعا لأقمنا هذا من هنا :وأشار إلي السلطان أبي عنان، وأجلسناك مجلسه فسكت 》
وأول ما يتبادر إلي الذهن من خلال هذه القصة ان بنو مرين أبناء عمومة بنو زيان لم يدعوا الشرف .ولو فعلوا لما قام أبو عنان اجلالا لنقيب الأشراف ولما قال محمد المقري 《لأقمنا هذا من هنا 》مشيرا بصراحة إلي السلطان الجالس بجنبه، لم يدع شرفا
وهكذا نلاحظ أن موقف بني مرين يخالف موقف أبناء عمومتهم من ملوك بني عبد الواد الذين أدعوا النسب الشريف، وإن قال البعض أنهم لم يدعوا النسب الشريف إلا أنهم تركوا المتملقين لهم من المؤرخين والشعراء يلحقونهم بالأشراف.وأيضا سالم تاريخ المسلمين وأثارهم يري المرنيين هم أبناء عمومة بنو زيان كلاهما بطن من بطون زناتة
تعاقب الزيانيين مع المارنيين على امتلاك وهران
عرفت وهران صراع طويل بين دولة بني زيان وبني مارين علي من يحكم وهران تارة تكون تحت حكم الزيانيين وتارة اخري تكون تحت حكم المارنيين. في البداية حكم وهران الزيانيين كما ذكرنا في البداية. فأول من ملكها منهم جابر بن يوسف بعد أن استولي علي تلمسان. ثم ملكها ابنه الحسن بن جابر وبعد حصار مفروض من طرف بنو مرين ومعارك طاحنة معهم استشهد أبو تاشفين وأولاده ووزيره وكان ذلك سنة 1337م وإستولي بنو حمامة (مارنيين) علي وهران.
أول من ملكها أبو الحسن المريني أي أن تسعة ملوك من بني مرين الذين كانوا قبله لم يحكموا وهران .أمر أبو الحسن المريني ببناء البرج الأحمر في وهران ٫ ثم بني برج المرسي .ثم رجعت وهران لدولة الخامسة وهي دولة بني زيان. فحكمها أبو سعيد بن عبدالرحمن بن يحي بن يغمراسن الزياني ثم مرة أخرى رجعت وهران لدولة السادسة بني مرين فملكها أبو عنان وكان ذلك سنة 1353م_1354م بعد استلاءه علي تلمسان
ثم رجع ملك وهران لدولة الزيانية فملكها أبو حم موسي فتحها عنوة علي يد أبي موسي عمران سنة 1360م_1361م ثم رجعت وهران لدولة بني مرين نتيجة لصراع حدث داخل البيت الزياني …. هذا و سنتحدث في عددنا المقبل عن هذا الموضوع بالتفاصيل الشاملة و الكاملة و مدى وعلاقته بوهران ….(يتبع)
بقلم: بركان كراشاي هارون