أكد وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، يوم أمس ، أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون،جعل من حرية الصحافة “مبدأ ثابتا” في الدستور الجديد من خلال “جملة من الضمانات توفر للصحفي ممارسة مهامه باحترافية وأخلاق”، مبرزا “التحول الجوهري الذي تعرفه المهنة في ظل مسار التأسيس لجزائر جديدة”.
وقال السيد بلحيمر في رسالة وجهها إلى الأسرة الاعلامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف ل 3 ماي من كل سنة: “اليوم ونحن نتطلع إلى مستقبل أرقى للصحافة, فإننا نسترشد بالتضحيات المشرفة وبالتحول الجوهري الذي تعرفه المهنة في ظل مسار التأسيس لجزائر جديدة ترتكز على الانتقال الآمن والشامل للرقمنة التي كانت موضوع مسابقة جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف بمناسبة اليوم الوطني للصحافي في 22 أكتوبر 2020”.وأضاف أن رئيس الجمهورية “جعل من حرية الصحافة مبدأ ثابتا كرسه دستور الفاتح نوفمبر 2020 بكل الضمانات التي توفر للصحافي مساحة الحرية اللازمة لممارسة مهامه باحترافية وأخلاق”, وهو ما لخصته المادة 54 من الدستور بالنص على أنه “لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية”.
وأبرز في هذا السياق أن مواقف الرئيس تبون بهذا الخصوص “اقترنت بأفعال منحت لهذا التوجه الجديد بعده الفعلي, لاسيما من خلال لقاءاته الدورية مع مختلف وسائل الإعلام الوطنية العمومية والخاصة, بل وحتى الأجنبية منها”, كما جعل من منصات التواصل الاجتماعي “وسيلة مباشرة وتفاعلية يخاطب من خلالها المواطنين أينما كانوا بكل صدق وشفافية”.ومسايرة لهذا الواقع –يضيف الوزير– “تم لأول مرة في نوفمبر الماضي استحداث مرسوم تنفيذي يتعلق بنشاط الإعلام عبر الإنترنت, والذي يشترط أن يكون النشر عبر الموقع الإلكتروني موطنا حصريا من الناحية المادية والمنطقية بالجزائر ومسجلا في النطاق .dz“.وأكد السيد بلحيمر أنه “يجري تنفيذ هذه العملية التي تعد إجراء سياديا, بكفاءات وطنية خالصة وفقت بنجاعة في إفشال محاولات القرصنة التي تستهدف مواقع إلكترونية معروفة بدفاعها عن مصالح الجزائر, لاسيما أثناء عملية نقل المحتوى والتوطين إلى داخل الوطن”, مشيرا إلى أن إصدار المرسوم الخاص بالإعلام الإلكتروني “يندرج في سياق ورشات الإصلاح الكبرى المرتكزة على محوريين أساسيين”.ويتمثل المحور الأول في “تعزيز المنظومة التشريعية والتنظيمية لقطاع الاتصال ومطابقتها مع أحكام الدستور, إذ وعلى سبيل المثال, تم مؤخرا إنشاء لجنة على مستوى الوزارة بالاشتراك مع سلطة ضبط السمعي البصري وبمساهمة الخبراء المختصين تعنى بتكييف وتحيين قانون السمعي البصري لعام 2014”.كما تشمل عملية التكييف والتحيين “مشاريع تتعلق بوكالات الاستشارة في الاتصال, الإشهار, القانون العضوي للإعلام وقرار فتح الإعلان عن الترشح الهادف إلى منح رخص إنشاء خدمات البث التلفزيوني الموضوعاتي”.أما المحور الثاني فيتعلق ب “التحكم في الرقمنة من خلال التزود بالتجهيزات المتطورة والتكوين ذي الصلة قصد التمكن من إنتاج محتوى سيبرياني وطني آمن ومتنوع”.
وبعد أن أبرز أهمية الإعلام الإلكتروني في أداء الصحافي لمهامه, ذكر السيد بلحيمر بأنه قام في الفترة الممتدة من يناير إلى أفريل 2021 بإجراء عديد الحوارات مع الجرائد والمواقع الإلكترونية الوطنية والأجنبية تمحورت حول قضايا الساعة كجائحة كوفيد-19, الحرب السيبرانية الممنهجة التي تستهدف الجزائر والوضع في منطقة الساحل والتطبيع مع الكيان الصهيوني, مشيرا إلى أنه تم التركيز خلال ذات اللقاءات على “واقع قطاع الاتصال والإصلاحات التي باشرها سعيا إلى ترقية مهنة الصحافة وتطوير أداء القطاع في مختلف المجالات”.وسعيا إلى ترشيد استغلال قدرات ألكومسات1 وهو أول ساتل جزائري في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية, صدر سنة 2020 مرسوم تنفيذي يعدل ويتمم القانون الأساسي للمؤسسة العمومية للبث الإذاعي والتلفزي الجزائري.
وأوضح الوزير في هذا السياق أنه بموجب هذا التعديل, أصبح بإمكان مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي الجزائري “إبرام أي عقد تجاري يهدف إلى تقديم خدمة البث المباشر عبر الأقمار الصناعية للخدمات السمعية-البصرية بجميع الوسائل التقنية الملائمة وتأجير القدرات الملائمة عبر الأقمار الصناعية الوطنية والأجنبية”.من جهة أخرى, أكد السيد بلحيمر أن الصحافة الجزائرية التي تحيي, على غرار الصحافة العالمية, مناسبة حرية الصحافة هذه السنة تحت شعار “المعلومات كمنفعة عامة”, “تدرك حجم التحديات التي تواجهها في مجال المساهمة في بناء مجتمعات قوية, لاسيما من حيث توظيف المعلومات الموثوقة بشفافية قصد إنتاج وتوزيع محتوى إعلامي احترافي والتصدي للمعلومات المضللة وللمغالطات الخطيرة التي تشكل سلاح حروب الجيل الرابع”, مبرزا أن “الجهد الوطني يتأكد في ظل الوجود الإعلامي التنافسي القوي الذي يستقطب الجمهور الجزائري عبر مختلف وسائط الاتصال الأجنبية”.
وأضاف أنه “تماشيا مع هذا الواقع وتعزيزا لدور الإعلام العمومي الموضوعاتي, تم سنة 2020 إطلاق قنوات تلفزيونية متخصصة تتمثل في قنوات الثالثة, المعرفة والذاكرة في انتظار استكمال العملية بقنوات أخرى, على غرار القناة البرلمانية والقناة الدولية, إلى جانب فتح مكاتب للتلفزيون الجزائري بعواصم العالم”.كما أنه تكريسا لحرية الصحافة وحق المواطن في الإعلام –يستطرد وزير الاتصال– “شهدت نفس الفترة إنجاز مقرات إذاعية جهوية جديدة في ولايتي مستغانم وتبسة إلى جانب بروز عناوين جديدة وتسجيل 75 موقعا إلكترونيا, إضافة إلى تسليم 37 شهادة تسجيل جهاز للإعلام عبر الإنترنت بعد التأكد من توطين مواقعهم عبر نطاق dz على أن يبلغ عدد المواقع الالكترونية المؤمنة والمحصنة في الجزائر 100 موقع من الآن إلى غاية الصائفة المقبلة”.
وتابع الوزير قائلا أنه “بقدر ما نفتخر بوجود قرابة 8500 صحفي و180 جريدة يومية تستفيد من دعم الدولة لورق الطباعة ومن الإشهار العمومي, بقدر ما نتطلع دوما إلى ترقية دور الصحافة التعددية الحرة والمسؤولة التي تظل حليفا محوريا في تطوير حقوق الإنسان والديمقراطيات وفي تحقيق التنمية المستدامة وكذا في المساهمة في إحداث التأثير المرجو في سلوك المتلقي وتفاعله الإيجابي مع الأحداث من حوله”.وبهذا الخصوص, أكد السيد بلحيمر تشجيعه “للمقاربة التكاملية الهادفة إلى تعزيز علاقة الثقة بين الصحافة والمواطن, خاصة وأن 69 % من الجزائريين مقتنعون بأن الصحافة الوطنية تمارس حرية الانتقاد المنتظم والدائم لأداء الحكومة دون التعرض لأية متابعات حسب نتائج عملية سبر آراء أجرتها إحدى الجامعات الأجنبية”.ولم يفوت الوزير مناسبة احياء اليوم العالمي لحرية الصحافة ليتقدم إلى كافة الصحافيات والصحافيين بخالص التهاني, مجددا دعمه “المطلق” لكل الجهود الرامية إلى ترقية المهنة, متمنيا لهذه الاسرة “كل التألق الذي يليق بعطاءاتها وبطموحاتنا المشتركة في تطوير أدائها باستمرار في ظل حرية الكلمة وصدق المعلومة ومسؤولية المصدر”.كما ترحم أيضا على أرواح شهداء مهنة الصحافة الذين “دافعوا عن شرفها وعن قيم الحق والسلام والعدالة بأرواحهم الزكية, خاصة خلال الفترات الصعبة التي مرت بها الجزائر ولعل أحدثها جائحة كورونا”.
م.حسان