يعد الإحصاء العام السادس للسكان والإسكان، الذي سينطلق هذا الأحد الـ 25 سبتمبر, وسيلة لتوفير قاعدة بيانات ثرية ومؤشرات إجتماعية وإقتصادية للمساعدة على إتخاذ القرار, بهدف ضمان تكفل أفضل بالإحتياجات المتزايدة للسكان وتحسين الخدمة العمومية.كما تكتسي هذه العملية , التي تدوم الى غاية الـ9 أكتوبر القادم “طابعا استراتيجيا”, حيث ستعكس نتائجها مستوى الجهود والنتائج الميدانية للإصلاحات التي باشرتها الدولة, خلال السنوات الأخيرة, لاسيما في إطار تنفيذها لالتزاماتها الدولية على غرار تحقيق أهداف التنمية المستدامة في آفاق 2030.
وفي ذات السياق, سيمكن استخدام بيانات الإحصاء العام القادم من وضع السياسات العمومية بطريقة أنجع ومتابعتها وتقييمها على المستوى الوطني والمحلي من خلال جمع المعلومات ذات الطابع الاجتماعي والديموغرافي والاقتصادي لكل فرد من أفراد الأسرة, ناهيك عن بيانات الزواج والتنقل والهجرة والتربية والتعليم والاستفادة من الخدمات العمومية الرئيسية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
نتائج العملية ستعكس مستوى الجهود والنتائج الميدانية للإصلاحات التي باشرتها الدولة
ويتعلق الأمر أيضا بإحصاء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والذين هم بدون مأوى, مع التعرف على خصائص المباني والمساكن وغيرها, وكذا الحرص على تحقيق أعلى درجة من مراقبة جودة الإحصاء وتطبيق المعايير الدولية التي تساهم بشكل فعال في تقييم النتائج ودراستها بدقة, كما من شأن هذا الإحصاء أن يساعد أيضا في مجالات البحث والدراسات والتحاليل وإنشاء قاعدة معاينة لجميع الممسوحات الإحصائية المستقبلية لدى الأسر المعيشية في الجزائر.
وبغية التكفل الأمثل بجميع مراحل هذا الحدث الوطني الهام الذي سيضطلع به الديوان الوطني للإحصائيات بالتعاون مع لجنة وطنية يترأسها وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بالتنسيق مع لجان ولائية وبلدية على المستوى المحلي في كل ربوع الوطن, فقد سخرت الدولة الجزائرية كل الموارد البشرية المؤهلة والمالية والوسائل اللازمة, حيث تم تكوين أزيد من 2467 مكون وتجنيد أكثر من 61 ألف عونا من بينهم أزيد من 51 ألف عونا مكلف بالإحصاء ونحو 8032 عونا مراقبا, بالإضافة إلى 2000 عونا احتياطيا.ومن أجل ضمان نجاح الإحصاء, سيتم ولأول مرة منذ الإستقلال, استخدام وسائل تكنولوجية حديثة في عملية هيكلية بهذا الحجم, من خلال توفير أكثر من 57 ألف لوحة إلكترونية ذكية, مجهزة بشرائح هاتف من الجيل الرابع بغلاف مالي قدر بـ1 مليار دج, فيما تم تخصيص 5 مليار دج لإنجاز عملية الإحصاء الذي سيكشف عن نتائجه في غضون الثلاثة أشهر التي تعقب نهاية العملية.
تخصيص 5 مليار دينار و تجنيد أكثر من 61 ألف عونا توفير أكثر من 57 ألف لوحة إلكترونية ذكية
ومن شأن استعمال التكنولوجيات الحديثة, أن يسير عملية جمع المعلومات الإحصائية بشكل يسهل استغلال المعطيات ويقلص تكاليف وآجال جمع هذه المعلومات ومعالجتها, وذلك تماشيا مع توصيات هيئة الأمم المتحدة لدورة 2020, المتعلقة بتعدادات السكان والإسكان الرامية إلى استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال على نطاق واسع في العمليات الإحصائية.
من جهة أخرى, فقد عرف التحضير لعملية الاحصاء خطوات هامة, حيث تم في الفترة من الـ14 إلى الـ18 سبتمبر الجاري, تنظيم دورات تكوينية على مستوى الولايات لفائدة ما يقارب 8000 مكونا في تقنيات جمع المعلومات وإقامة دورات أخرى على مستوى البلديات, كانت قد انطلقت يوم الـ 18 سبتمبر وذلك تحت إشراف مكونين بهدف تمكين أعوان الإحصاء والمراقبين من تقنيات ملء الاستمارات ومختلف الوثائق المتعلقة بالعملية, علما أن المرحلة التحضيرية لعملية الإحصاء العام انطلقت منذ أفريل 2019 وشملت أعمالا تحضيرية خرائطية (تقسيم تراب كل بلدية إلى مناطق تسمى “مقاطعات الإحصاء” وتحضير كل الخرائط وقائمة البنايات لكل عون إحصاء على مستوى 1541 بلدية).كما شملت هذه المرحلة إعداد الملف التقني (إعداد الاستمارات و الوثائق الأخرى الضرورية لجمع البيانات واستغلالها) إلى جانب إنجاز الإحصاء التجريبي و طباعة الاستمارات وحملة الإعلام والتحسيس.
يذكر أن آخر تعداد عام للسكان والإسكان في الجزائر كان سنة 2008, وبموجبه حدد عدد سكان الجزائر آنذاك ب34.5 مليون نسمة, الأمر الذي يبرز أهمية الإحصاء السادس بالنظر إلى التحولات الكبيرة التي عرفتها الجزائر طوال هذه الفترة على مستوى تركيبتها السكانية المقدرة حاليا ب45 مليون نسمة بالإضافة إلى حركة تنقل السكان من منطقة إلى أخرى وزيادة حجم التجمعات السكانية.
للإشارة, فإن تنظيم عملية الإحصاء يخضع إلى نصوص تشريعية, أهمها القانون رقم 09 86 المؤرخ في الـ29 جويلية 1986 المتعلق بالإحصاء العام للسكان والإسكان, وكذلك المرسوم التنفيذي رقم 21-465 المتعلق بوضع الهيكل التنظيمي العام للإحصاء السادس للسكان والإسكان.
م.حسان