“قصيدة للأمير عبد القادر”… كتاب يسلط الضوء على الروابط التاريخية والثقافية بين الجزائر وبولونيا
صدر مؤخراً كتاب يحمل عنوان “قصيدة للأمير عبد القادر” وهو مؤلَّفٌ مستلهمٌ من شعر مدح كتبه المفكر البولوني الكبير سيبريان كاميل نورويد يثني فيه على الأمير عبد القادر لإنقاذه الآلاف من المسيحيين من موت محقق خلال القرن 19، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى المئوية الثانية لميلاد هذا الشاعر في إطار التبادل الثقافي بين الجزائر وبولونيا.
واُستُلهم هذا الكتاب الصادر عن دار النشر “داليمان” (77 صفحة) والذي كتبت توطئته وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، من نص شعري لسيبريان كاميل نورويد يحمل عنوان “إلى الامير عبد القادر بدمشق” الذي يشيد فيه بالروح الكونية والإنسانية لأب الأمة الجزائرية الذي تصدى عام 1860 لمقتلة الدروز التي استهدفت مسيحيي دمشق والذين آواهم لديه ووفر لهم الحماية.ويشكل هذا الموضوع جسرا ثقافيا وتاريخيا بين الجزائر وبولونيا وفرصة مثالية لإحياء الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشاعر البولوني الكبير و التي ستمتد طوال السنة.
ويسلط هذا الكتاب الضوء على ذكاء شخصيتين على قدر كبير من التسامح إذ أنهما لم يلتقيا أبدا إلا أن تبادلا صحفيا قد جرى بينهما بحيث نجحا في تجاوز اختلافهما الديني والحضاري والثقافي ليسمحا بذلك بالتقاء عالَمين توحيديين مختلفين وتتفق رؤيتهما حول الإنسان والحق في الحياة.وقد أرسى الشاعر البولوني حوارا بين الأديان معترفا بوفاء وشجاعة الامير عبد القادر من خلال ستة مقاطع تثمن لقاءً روحياً أبدياً بين “الرموز الكونية” وتساعد في الفهم الجيد للإسلام عبر رجال خدموه.ويتطرق الكاتب كذلك إلى مسار حياة الأديب البولوني الذي وصفت نصوصه في نقد عصره بالنصوص التي يتعذر فهمها إضافة إلى أسلوبه المبهم مما صعب من فهم الشاعر الذي تجاوز عصره وهو ما كلّفه البقاء مجهولا في القرن ال19.
من جهة أخرى، تناول الكتاب حياة الامير عبد القادر (1808-1883) بصفته “قائدا استراتيجيا ومحاربا فذا” علاوة على جوانبه الغامضة والعاطفية القريبة من فكر “ابن عربي” الذي يعد احد القادة الروحيين والبارزين للصوفية المعاصرة.وحظي هاذان الرجلان المعروفان بسماحتهما وقيمهما الكونية بتقدير واحترام كبير في النص الشعري “إلى الامير عبد القادر بدمشق” الذي صدر أولا في اللغة الأصلية البولونية ثم ترجم لاحقا إلى العربية والفرنسية والإنجليزية.
ويعد سيبريان كاميل نورويد (1821-1883) مؤلفا وكاتبا مسرحيا وناحتا علاوة على كونه مفكرا لمرحلة ما بعد الرومنسية ومدافعا عن الحداثة.وكانت وزارة الشؤون الخارجية البولونية قد بادرت تحت اشراف السفارة البولونية بالجزائر بكتاب “قصيدة غنائية لأمير عبد القادر” الذي ذاع صيته خلال اليوم العالمي للعيش معا في سلام المعتمد في 8 ديسمبر 2017 بموجب لائحة للأمم المتحدة وباقتراح من الجزائر والذي يحتفل به في 16 مايو من كل سنة”.