
ليبيا: هجوم سبها الإرهابي يؤكد الحاجة الملحة لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية
أظهر الهجوم “الإرهابي” الذي طال مدينة سبها, أكبر مدن الجنوب الليبي, يوم الأحد, الحاجة الملحة لتسريع عملية توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا, في وقت تبذل فيه السلطة الليبية بدعم دولي, جهود مكثفة لإنجاز هذه المهمة الصعبة, بعد أن تمكنت من توحيد أغلب مؤسسات البلاد.
وأسفر التفجير الانتحاري, الذي استهدف, يوم الأحد, نقطة تفتيش تابعة لمديرية أمن سبها عن مقتل رئيس قسم البحث الجنائي-فرع سبها, إبراهيم عبد النبي مناع, والضابط بالجهاز عباس أبوبكر الشريف, بالإضافة إلى عدد من المصابين, وتدمير سيارات تابعة لمديرية الأمن بالمدينة.ردود فعل منددة عديدة نتجت عن هذا الهجوم الإرهابي المفاجئ, الذي يأتي في وقت تحاول فيه ليبيا الخروج من حالة الفوضى التي عاشتها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 , فقد أعلن المجلس الرئاسي الليبي عن تشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية, وعضوية كل من رئيس جهاز المخابرات العامة ومنسق مكتب مكافحة الإرهاب, ل”كشف المتورطين وملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة, وتوفير الدعم اللازم والاحتياجات العاجلة للأجهزة الأمنية بالجنوب, ووضع الآليات والخطط لمكافحة الإرهاب في كافة مناطق ليبيا”.بدوره أدان مجلس النواب الليبي التفجير, مشددا على ضرورة الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه استهداف أمن المواطن والوطن, داعياً الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى تحمل مسؤولياتهم بالخصوص.
من جهته, طالب المجلس الأعلى للدولة وزارة الداخلية بحكومة الوحدة بفتح تحقيق عاجل وملاحقة المتورطين وبسط سلطة الدولة في كافة أرجاء ليبيا. وأدانت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية بدورها العمل الإرهابي, كاشفة تفاصيل الحادث, ومتوعدة الجناة.وأشار بيان إلى إصدار وزير الداخلية تعليماته لمديرية أمن سبها ولجهاز المباحث الجنائية بشأن مباشرة إجراءات التحقيق في الواقعة وأخذ عينات من مسرح الجريمة.وأعربت الجزائر عن ادانتها الشديدة للاعتداء الارهابي, وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن “الجزائر تجدد وقوفها و تضامنها المطلق مع الشعب الليبي الشقيق و تؤكد دعمها اللامشروط للسلطات الليبية في جهودها الدؤوبة من اجل اعادة الاستقرار السياسي و الامني في ربوع ليبيا” , معربة عن “تعازيها الخالصة و المواساة لليبيا الشقيقة حكومة و شعبا و لعائلات الشهداء و تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين”.
من جهتها, أدانت السفارة الأمريكية في ليبيا الهجوم, مذكرة بوجود “قوى مصممة على تقويض الاستقرار والوحدة في ليبيا”, وأكدت الوقوف مع “أولئك الملتزمين ببناء مستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً لليبيا, بما في ذلك من خلال إجراء الانتخابات في ديسمبر, وتوحيد مؤسسات البلاد, ومكافحة الإرهاب, والعمل على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار”.
بدورها أعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتفجير مؤكدة على “موقفها الثابت من رفض العنف والإرهاب مهما كانت الدوافع والأسباب”.
دعوة أممية وليبية لتسريع جهود توحيد المؤسسة العسكرية
وعقب الهجوم الإرهابي الذي تبناه تنظيم “داعش” الإرهابي, والذي يعتبر الأول منذ أكثر من عام في مدينة سبها, الواقعة على بعد نحو 750 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس, دعت الأمم المتحدة و مجلس النواب الليبي إلى ضرورة الإسراع في توحيد المؤسسات العسكرية و الأمنية بليبيا.
وفي هذا السياق, أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش, أن “التفجير الإرهابي” , يؤكد الحاجة إلى “بدء عملية توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا”.واعتبر كوبيش, في بيان صادر عن البعثة الأممية, أمس الاثنين, أن عملية التوحيد ستساهم في “تعزيز أمن الحدود والتصدي لخطر الإرهاب والأنشطة الإجرامية”, مضيفا أن الحادث “تذكير قوي بأن ارتفاع معدل تحركات المجموعات المسلحة والإرهابيين لا يؤدي إلا الى زيادة مخاطر انعدام الاستقرار والأمن في ليبيا والمنطقة”.
من جهتها, حثت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي, اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) على “سرعة العمل وتكثيف الجهود من أجل الوصول لتفاهمات توحد المؤسسة العسكرية, وتضع جدا للانقسام الأمني”.ودعت لجنة الشؤون الخارجية الحكومة إلى “القيام بواجبها تجاه تأمين الجنوب ومكافح الأنشطة الإجرامية والإرهابية”, مجددة قلقها من “وجود ارتباط بين المجموعات التي تستغل حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في دول الساحل وبين خلايا إرهابية محلية في الجنوب الليبي”.وطالبت اللجنة جميع الليبيين, ب”التكاثف في مواجهة التحدي الإرهابي الذي يستهدف ضرب الاستقرار في البلاد ولا يستثني أحد”.
للتذكير فإن تنظيم “داعش” الإرهابي كان قد تبنى في وقت سابق عدداً من التفجيرات في مناطق بالجنوب الليبي, فقد أعلن, في مايو 2020 مسؤوليته عن تفجير سيارة عسكرية في مدينة تراغن جنوب غربي البلاد.وتأتي هذه التطورات في وقت كثفت فيه السلطة الليبية مؤخرا من نشاطها الدبلوماسي و زياراتها الخارجية بهدف حشد الدعم الدولي والإقليمي, لخارطة الطريق الأممية وعرقلة أي مساع لتأجيل إجراء الانتخابات المقبلة, وذلك قبل أيام قليلة على انعقاد مؤتمر برلين 2 الذي من المنتظر أن يهيئ الأجواء الأمنية و الدستورية لعملية الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري.
كما تأتي في وقت بدأت فيه الخارجية الألمانية التحضير لـ”مؤتمر برلين 2″, المقرر عقده في 23 يونيو الحالي لمراجعة ما تم إنجازه في ملف المصالحة الليبية وخارطة الطريق التي أقرت في مخرجات مؤتمر برلين 1, ووجهت دعوات لبعض الدول والمنظمات الدولية, فضلا عن عشرات الشخصيات السياسية من داخل ليبيا.وكانت برلين قد استضافت مؤتمر تسوية الأزمة الليبية في يناير 2020 بمشاركة 12 دولة من بينها الجزائر و4 منظمات دولية وإقليمية – قد حدد بيانه الختامي ثلاث مسارات لحل الأزمة الليبية (أمنية, اقتصادية وسياسية تقود لانتخابات تشريعية ورئاسية), وتمت من خلاله الدعوة إلى تعزيز الهدنة في ليبيا, والعمل بشكل بناء في إطار اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5), لتحقيق وقف اطلاق النار في البلاد, ووقف الهجمات على منشآت النفط وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة, وحظر توريد السلاح إلى ليبيا.