مثقفون وأدباء يجمعون على ريادة المنجز المعرفي والأكاديمي للأديب والباحث اللغوي الراحل عبد المالك مرتاض
أجمع مثقفون وأدباء، الأربعاء بالجزائر العاصمة، على أن الأديب والباحث اللغوي الراحل عبد المالك مرتاض، الذي وافته المنية مؤخرا، قد استطاع عبر إنجازاته الأدبية والنقدية طيلة مساره المعرفي بلوغ مستوى الريادة والتجديد بصفته روائيا وناقدا وباحثا لغويا تفتخر به الجزائر.
وخلال ندوة ثقافية نظمها المجلس الإسلامي الأعلى، بمناسبة أربعينية الراحل الذي كان أيضا عضوا بالمجلس، قال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، أبو عبد الله غلام الله، أن “إحياء أربعينية المفكر والأديب عبد المالك مرتاض هي ذكرى تمثل الوفاء لآثاره المتميزة والخالدة إذ يعد واحدا من رجالات الوطن الذين جاهدوا بالقلم والفكر وإبداء الرأي، وبصفته أيضا عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى حيث رافقنا وأتحفنا بحضوره وتدخلاته”.وأوضح من جهته الحبيب مونسي من جامعة معسكر، في مداخلة بعنوان “هواجس الكتابة النقدية عند عبد المالك مرتاض”، أن هذه الكتابة النقدية قد “تجلت في نشاطه المكثف في مجال كتابة القصة والرواية والبحث العلمي والفكري في آن واحد، وأنها نابعة من رغبته الدائمة في البحث عن الأداة المناسبة لتحقيق المشروع المستقبلي الذي بدأه مبكرا”.
وأضاف مونسي بأن مرتاض عاش “مولعا بالجمع والتنقيب والتأليف”، وقد عرف عليه “قدرته على ترتيب المصادر والمراجع وترقيمها قبل قراءتها قناعة منه بأن الكتابة هي ابتكار ولحظة طرح أفكار جديدة بهدف دفع القديم إلى التجديد”.
وأما الإعلامي والشاعر محمد كاديك، فاعتبر أن الأديب “اجتمعت فيه خصلتان أساسيتان هما تحكمه في مناهج التراث النقدي الغربي فحقق بذلك الموسوعية على المستوى المعرفي ثم الريادة على مستوى التحليل والتدقيق والتقويم”، مضيفا أن “السبق النقدي” الذي حققه مرتاض يظهر عبر كتابه “نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد” (1998).
وبينما ركز رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، صالح بلعيد، على قدرات أستاذه مرتاض في “تدبيج المقدمات”، حيث كان يضع فيها عصارة أفكاره، قام الأستاذ مشري بن خليفة من جامعة “قاصدي مرباح” بورقلة باسترجاع خصال الراحل فقال عنه بأنه “كان رجلا عارفا وعالما متبحرا في اللغة العربية وعاش خادما لها ومدافعا عنها في بحوثه وأعماله” كما ساهم بصفته ناقدا “في التأسيس لمشروع نقدي كبير، وذلك بتطوير مناهج المقاربة بعيدا عن التقليد والأخذ عن الآخر”.
أما الروائي محمد ساري، فدعا إلى الاحتفاء بالميراث السردي لمرتاض، معتبرا أنه “يجب التعامل مع هذا الكاتب المفكر من منطلق أنه مبدع روائي ومؤسس الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية”، مشيرا في سياق كلامه إلى رباعية “الدم والنار” التي أظهر فيها “قدرته على السرد بطريقته وأسلوبه ولغته”.ويعتبر عبد المالك مرتاض، وهو من مواليد تلمسان في 1935، من أهم الباحثين الجزائريين والعرب في مجالات دراسة اللغة العربية والنقد الأدبي والفكري المتصل بها، إذ في رصيده عشرات المؤلفات التي أثرى بها المكتبة الجزائرية والعربية منذ ستينيات القرن الماضي.