الثقافة

“مرحبا أمي”.. كوميديا صينية تكسر حدود الزمن وأرقام السينما

تجاوز الفيلم الكوميدي “مرحبا أمي” الرقم القياسي في شباك التذاكر الصيني، وذلك بعد أن اقترب من عتبة المليار دولار، رغم قصر فترة عرضه في القاعات السينمائية التي لم تتجاوز سبعة أشهر، ويعود حجم هذا الإقبال الكبير إلى القصة المضحكة والمبكية التي تناولها فما قصة هذا الفيلم الذي أحبه الصينيون وأعادهم إلى قاعات السينما؟

استطاعت الشابة “جيا لينغ” (39 سنة) في أول الأمر أن تفرض موهبتها في الساحة السينمائية الصينية كممثلة، بعد أن تلقّت دراسة أكاديمية في أحد معاهد الفن بمدينة ووهان، لكن التمثيل وحده لم يكن ليرضى طموحها، فذهبت في اتجاه الإخراج، وأكثر من هذا فقد أنشأت مؤسسة إنتاج سينمائي، لتدخل مغامرة الفن السابع من كل أبوابه، باحثة عن حلمها، فارشة له الطريق ليتحقق.وبعد عدة محاولات سينمائية معقولة، أظهرت “لينغ” في آخر أفلامها “مرحبا أمي” –الذي أنتج 2021، ويبلغ 128 دقيقة- موهبة حادة ونادرة، إذ استطاعت أن تحقق رقما في شباك التذاكر الصيني من خلال فيلمها، فوصل إلى سقف لم تستطع أي امرأة صينية أخرى تحقيقه أو الوصول حتى لنصفه، وهذا ما يعتبر نجاحا ساحقا في عُرف الإنتاج السينمائي، وفي الوقت نفسه يوجه البوصلة لساحة الاستثمار الصينية في مجال السينما.

بدأت السينما الصينية تتحرر بشكل تدريجي من هيمنة الأفلام الأمريكية المسيطرة على شبّاك التذاكر منذ سنوات، وأصبحت الغلبة –خاصة في السنوات الأخيرة- للسينما الصينية التي بدأت تملأ فراغات القاعات بأفلام محلية مصنوعة بشكل جيد، متحررة من الخطاب الأيديولوجي والمباشرتية السياسية المقحمة، لترضي الذائقة الفنية وتحافظ في الوقت نفسه على قالب العيش الصيني، فلا تخدش حضاراته وعاداته وتقاليده بأفلام مدّعية لا تقدم الثقافة والترفيه، بقدر ما تقدم موادا تساهم في الهدم.

وقد ساهمت المخرجة “جيا لينغ” في الدفع بهذا المشروع للأمام، وذلك لتعويد الجمهور الصيني على السينما المحلية للإقبال عليها، ليس من خلال الأفلام التجارية أو التي لا تستجيب فيها لتطلعاته وثقافته، بل من خلال أفلام تحافظ على الجوانب الفنية، وفي الوقت ذاته تحترم ذكاء المتلقي وذائقته الجمالية.وهذا ما احتفى به فيلم “مرحبا أمي” الذي اعتمد على مبدأ فنية الأفلام ومنطلقها السينمائي، حيث قدّمت فيه المخرجة عناصر من الكوميديا والدراما، وصنعت بهما طقسا جماليا أحبه الجمهور عن طريق قصة بسيطة، لكنها متشابكة مع الأحداث، خلقت بها مشروع فرجة تعلق به الجمهور.

شكّلت المقالب الدرامية في فيلم “مرحبا أمي” المنطلق الأساسي لصناعة المواقف المضحكة في العمل، خاصة أن المخرجة “جيا لينغ” اختارت المنطلق التفسيري في حياكة أحداث قصتها، وقد وفّره لها التلاعب بالزمن، وذلك وفق سياق منهجي جاء عن طريق البناء الجيد للشخصيات، حيث شكّلت فيه شخصية البطلة الرئيسية “جيا لينغ” -التي أخرجت الفيلم وأدّت فيه دور “ليا شياولينغ“.

عكست “لينغ” شخصية الابنة الشابة والفاشلة في دراستها، التي أتعبت أمها خلال جميع مراحل حياتها التعليمية، ووصل بها الأمر إلى أن زوّرت شهادة القبول في الجامعة، مما جعل أمها تفتخر بها بين السيدات اللواتي كنّ متحلقات حول مائدة الطعام، كل واحدة منهن تسرد بفخر ما حققته ابنتها.هذا ما حدث لأم “شياولينغ” التي كانت هي الأخرى تفتخر بنجاح ابنتها وقبولها في الجامعة، لكن تبين بأن هذا الأمر مجرد خدعة، وأن شهادة القبول مجرد ورقة مزورة، لكن في طريق العودة إلى البيت لم تحقد عليها الأم وسامحتها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى