نشاطات سياحية تختفي و أخرى تحاول التأقلم مع الجائحة بولاية عنابة
تأثرت العديد من النشاطات السياحية المباشرة وغير المباشرة بعنابة بالظرف الصحي الاستثنائي الذي تعيشه البلاد على غرار باقي دول العالم جراء جائحة كوفيد-19 مما أدى إلى اختفاء البعض منها في حين تحاول أنشطة سياحية أخرى التأقلم مع مستجدات الوضع.
فبعد موسمي اصطياف متتاليين في ظل جائحة لا تزال قائمة وظروف صحية استثنائية فرضت التحكم في حركة الأشخاص والتقيد بإجراءات وقائية صارمة للحد من انتقال العدوى، تراجع عدد السياح الوافدين على الولاية بشكل كبير جدا خلال 2020 و 2021.
و في ظل هذا الوضع فقدت العديد من الأنشطة الترويجية للسياحة مكانها في السوق وفي مقدمتها وكالات السياحة والأسفار.فأكثر من 130 وكالة سياحة معتمدة بولاية عنابة تعثر نشاطها وفقدت بعضها زبائنها بسبب توقف الرحلات الجوية الدولية، خاصة منها المرتبطة بأداء مناسك العمرة والحج التي تمثل المورد الرئيسي للعديد من وكالات السياحة.وأكد احسن ديدا صاحب وكالة أسفار و سياحة بعنابة بأن عائدات وكالته التي تشغل 30 موظفا بالوكالة الرئيسية و الوكالات الفرعية المتواجدة بعدة ولايات تراجعت خلال السنة الماضية بنحو 95 بالمائة مقارنة بعائدات فترة ما قبل تفشي وباء كورونا المستجد الشيء الذي فرض -كما أضاف- الاستغناء عن ثلث عدد العمال.و ذكر بأن عدة وكالات للسياحة والأسفار لها تجربة وخبرة ومكانة في سوق السياحة والأسفار بولاية عنابة قد اضطرت إلى الغلق المؤقت بالنظر إلى ثقل الأعباء الشيء الذي تؤكده مصالح مديرية السياحة بالولاية التي سجلت خلال السنة الماضية 2020 تخصيص إعانات مالية لفائدة 58 وكالة سياحة و أسفار من أصل 134 وكالة معتمدة بهذه الولاية.
ولم تتوقف آثار الجائحة على نشاط وكالات السياحة والأسفار، فحسب بل شملت أيضا نشاط الحرف والصناعات التقليدية التي فقدت هي الأخرى جزءا هاما من زبائنها مع تعثر الأنشطة الاحتفالية العائلية و الولائم التقليدية وكذا أنشطة موسم الاصطياف.وسجلت في هذا الإطار مصالح مديرية السياحة بالولاية تعثر نشاط 1866 حرفيا استفادوا من إعانات مالية (30 ألف دج للحرف الوحد) وذلك بموجب الدعم والمرافقة التي خصصتها الدولة لهذه الفئة من المتضررين من جائحة كوفيد-19 فيما بادر العديد منهم بالمساهمة في التخفيف من حدة آثار الأزمة الصحية بخياطة الكمامات الواقية.
وفي ظل استمرار جائحة كوفيد- 19 وغياب آفاق انفراج هذه الأزمة الصحية يتجه العديد من الفاعلين بقطاع السياحة وخاصة وكالات السياحة والأسفار نحو التأقلم مع الظرف الصحي والمبادرة بإعادة بعث النشاط من خلال تفعيل الترويج للسياحة الداخلية حسب ما ذكرته السيدة، عايدة صاحبة وكالة للسياحة والأسفار بعنابة.واعتبرت ان ما تزخر به الجزائر من مؤهلات سياحية غير مستغلة في مجال الاستقطاب والترويج السياحي يمثل مجالا واسعا للاستثمار السياحي، موضحة بأن معظم وكالات السياحة والأسفار بعنابة لها من الخبرة والتجربة الواسعة في مجال تنظيم الرحلات السياحية اكتسبتها من خلال الرحلات التي كانت تنظمها قبل جائحة كورونا باتجاه تونس.
وأردفت في ذات السياق، بأن هذا الرصيد من الخبرة يمكن استغلاله لبعث السياحة الداخلية من خلال تنظيم رحلات استكشافية باتجاه مواقع طبيعية صحراوية و حموية وبحرية بالإضافة إلى السياحة الجبلية، مشيرة إلى أن السياحة بمفهومها التقليدي تبقى تواجه إشكالية الأسعار خاصة فيما يتعلق بتكاليف الإيواء و الإطعام بالمؤسسات الفندقية.
و يستدعي بعث السياحة الداخلية جهدا منسقا ومتكاملا ما بين مختلف الفاعلين من مؤسسات فندقية و وكالات سياحة وأسفار وذلك من خلال إبرام اتفاقيات مع مراجعة للأسعار بالإضافة إلى التعامل المنسق من أجل التحضير لإرساء بيئة للنشاط السياحي تعني مختلف الأطراف والقطاعات كما أردفت هذه المهنية في مجال السياحة.
انتعاش السياحة الجبلية بأعالي سرايدي
فعلى مستوى ولاية عنابة التي توصف بأنها منطقة استقطاب سياحي بامتياز لما لها من مؤهلات سياحية طبيعية، بحرية وجبلية، يسجل انتعاش السياحية الجبلية باتجاه جبال الإديوغ بأعالى سرايدي وذلك بمبادرة لعدة جمعيات رياضية وثقافية التي تعمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الترويج للرحلات الجبلية و رياضة المشي عبر المسالك بأعالي الإيدوغ.وباستثناء جائحة كورونا المستجد، فإن قطاع السياحة بولاية عنابة لا يزال يعاني من صعوبات لكسب رهان إقلاع استثماري في مستوى مؤهلات المنطقة، حسب ما ذكره عدد من الفاعلين بالقطاع.فمن إجمالي 80 مشروعا سياحيا معتمدا بالولاية في إطار برنامج التنمية السياحية (آفاق 2030) بقدرة استيعاب تتجاوز 12 ألف سرير، يسجل القطاع انطلاق الأشغال بما مجموعه 25 مشروعا بقدرة استيعاب تصل إلى 3848 سريرا من بينهم مشروعين اثنين انتهت بهما الأشغال.
وتتوزع مشاريع الاستثمار السياحي بولاية عنابة التي تتوفر حاليا على مؤسسات فندقية بقدرة استيعاب تصل إلى 5462 سريرا عبر مناطق التوسع السياحي بكل من سرايدي وشطايبي وعنابة والبوني بالإضافة إلى عدد من المشاريع التي تنجز داخل النسيج العمراني للمدينة وذلك بأوعية عقارية تابعة للخواص.ويبقى التنشيط السياحي بعنابة موسميا يتمركز عبر الشريط الساحلي وشواطئه ال 21 المفتوحة للسباحة ببلديات عنابة وسرايدي وشطايبي والبوني التي تستقطب طوال موسم الاصطياف أعدادا كبيرة من الوافدين على الولاية.وتنتعش الحركة السياحية بعنابة خلال موسم الاصطياف بخدمات تبقى مرتبطة بالإطعام السريع وبيع المثلجات التي تنعش حركة الذهاب والإياب لزوار المدينة طيلة الموسم.