وفاة الباحث الدكتور بسنوسي سيدي محمد الغوثي
اتنقل إلى رحمة الله الأستاذ والباحث الجامعي الدكتور بسنوسي سيدي محمد الغوثي، يوم الأربعاء بتلمسان عن عمر ناهز 75 سنة بعد مرض عضال، مخلفا أعمالا ثرية في البحث في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية، خاصة الهندسة المعمارية المحلية الإسلامية.
وتفقد الجامعة الجزائرية برحيل الباحث المحنك بجامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان قيمة حقيقية لا تعوض تميزت بإسهامه الكبير الكمي والنوعي كما تفقد منطقته الأصلية التي يُكن لها ارتباطا عميقا مدافعا دؤوبا بعد أن عمل على ترقية هويتها الروحية وحماية تراثها المعماري المتميز.
وبدأ دراساته الجامعية في الطب قبل ان يقوده طموحه إلى اكتشاف عالم الهندسة المعمارية التي أدركها كفن في حد ذاته مع كل الصفة الجمالية التي يقترحها.وبعد حصوله على شهادة في الجغرافية العامة سنة 1971 بوهران، تحصل سنة 1975 على ليسانس في التاريخ النقدي ومحافظة الفن وبعدها دكتوراه دولة في جمالية الهندسة المعمارية سنة 2000.
وإلى جانب التعليم، تولى العديد من المسؤوليات الإدارية والبيداغوجية بجامعة تلمسان وكان منشغلا في مشاريع البحث الخاصة وتنظيم تظاهرات علمية وطنية حتى دولية تتعلق أساسا “بالتراث المعماري في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط” والمنظمة بالتعاون مع منظمة اليونسكو سواء في الجزائر أو في مدن أخرى مطلة على البحر الأبيض المتوسط.ومن بين المشاريع الموضوعاتية التي حققها “الهندسة المعمارية التقليدية” لاسيما الخاصة بالقصور في الجنوب الجزائري وغيرها التي تعالج “معايير التجانس في البناء الإسلامي للمغرب العربي”.
ولأجل إتمام معارفه وتكوينه في مجاله، تابع ما بين 1990 و2010 العديد من التربصات لدى المؤسسات المختصة في الدراسات الأثرية وتقنيات حفظ وترميم التراث المعماري في مصر وفرنسا وسوريا وغيرها.
وشارك منذ عام 2001 في الخبرة والدراسات الخاصة بترميم المعالم والآثار، ومنذ عام 2011 في توجيه عمليات ترقية تراث منطقة تلمسان من خلال تحقيقات وتكوين ملفات التصنيف (الوطني والعالمي).كما اضطلع الفقيد بمهام أخرى، بما في ذلك رئاسة لجنة تصنيف تراث ولاية تلمسان ونيابة رئاسة المجلس الثقافي لمدينة تلمسان ورئاسة جمعية “الخلدونية”. كما كان من الأعضاء المؤسسين لمؤسسة “محمد ديب” ورئيس “جمعية حفظ التراث المعماري لولاية تلمسان وتعزيزه”.
ويعد الدكتور بسنوسي في رصيده ثلاثة مؤلفات صدرت في عام 2010 لاسيما حول فن العمارة الإسلامية والعديد من المنشورات في مجلات متخصصة وطنية وإقليمية. كما شارك في العديد من المؤتمرات الوطنية والدولية حول موضوع الهندسة المعمارية والتراث في المنطقة.وساهم كذلك في الصحافة الوطنية بمقالات قيمة حول مراكز اهتمامه لاسيما مدينة تلمسان والفن المعماري الإسلامي.وركز الفقيد -الذي يصف نفسه ب”المولع بالجمال”- جميع أبحاثه على “الانسجام في الهندسة المعمارية” وكان يحضر قبل وفاته مشروع كتاب حول مساجد بني سنوس.