أكد الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، يوم الاثنين، أنه سيتم اعادة النظر في مقاربة منح التحفيزات الموجهة للاستثمار قصد اعتماد مقاربة جديدة تقصي “أصحاب الريع” لصالح المستثمرين الحقيقيين.وقال السيد بن عبد الرحمان: “تم تقديم أكثر من 10 مليارات دولار (خلال سنتي 2018 و2019) كتحفيزات وكتسهيلات للمستثمرين دون أن يكون لها مقابل (..) ستتم اعادة النظر في هذه المقاربات والتحفيزات التي لا زال يستفيد منها أصحاب الريع”.
دعا الوزير الاول و وزير المالية, أيمن بن عبد الرحمان, اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة, البنوك العمومية و الخاصة إلى رفع حجم القروض الموجهة للاستثمار و المتابعة الدائمة للمشاريع الممولة بدلا من التركيز على تمويل الاستيراد مبرزا الدور “الهام” للمؤسسات البنكية في التنمية الاقتصادية.و جاءت تصريحات السيد بن عبد الرحمان خلال زيارته لمعرض للبنوك نظم على هامش أشغال الندوة الوطنية للانعاش الصناعي, التي اختتمت على مستوى المركز الدولي للمؤتمرات, بعد ثلاث أيام من الأشغال.
الإنفاق الضريبي يجب أن يقابل بخلق الثروة و مناصب الشغل
و خلال هذه الزيارة التي جرت برفقة وزير الصناعة احمد زغدار و رئيس جمعية البنوك و المؤسسات المالية و الرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي, لزهر لترش, وجه السيد بن عبد الرحمان تعليمات و توجيهات لمسيري و مدراء البنوك الجزائرية من اجل الرفع من حجم القروض الموجهة للاستثمار بدلا من تمويل استيراد منتجات و مواد تامة الصنع أجنبية.و أكد على أن “القروض البنكية يجب أن تمنح للمتعاملين المساهمين في تطوير الانتاج الوطني و خلق سوق منتج وليس فقط استهلاكي”.
البنوك مدعوة إلى رفع حجم القروض الموجهة للاستثمار ومتابعة المشاريع الممولة
كما أكد السيد بن عبد الرحمان على “ضرورة إعادة النظر في سياسة القرض و تكلفته لكي تكون تنافسية و سلسة و سهلة بالنسبة للمستثمرين” مشيرا الى أن هذا “سيعود بمردودية أكثر على البنوك و سيساهم في التنمية الاقتصادية الوطنية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المناطق التي تقام فيها المشاريع الاستثمارية و متابعتها بصفة دائمة و مرافقة المستثمرين”.كما دعا الوزير الاول وزير المالية البنوك الى فتح فروع و كالات بنكية جديدة خاصة على مستوى الولايات الجنوبية و تطوير الدفع الالكتروني و اعطاء اهمية كبيرة للجانب البشري خاصة على مستوى البنوك من اجل السماح للإطارات للمساهمة في تطوير القطاع البنكي و المالي الجزائري.
وهنا لفت إلى أن بعض البنوك الخاصة استعانت بإطارات جزائرية للعمل في نظام المعلومات على المستوى العالمي معتبرا ذلك شرفا للجزائر.و حث أيضا جميع البنوك إلى تقليص مدة دراسة الملفات المتعلقة بالحصول على التمويلات و التي لا يجب ان تتعدى- حسبه- “شهرا واحدا بعد استلام الطلب” مؤكدا في نفس السياق على ضرورة خلق مناخ محفز و استعادة الثقة مع المستثمرين و مع المواطن بشكل عام.
هذا و شدد الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، يوم أمس ، على أن الانفاق الضريبي، الذي يكلف الدولة مبالغ ضخمة سنويا، لا بد أن يقابل بخلق الثروة و مناصب الشغل، منتقدا ضعف مردودية هذا الانفاق طيلة السنوات الماضية.و قال السيد بن عبد الرحمان: “من المفترض أن تكون المردودية الاقتصادية و الاجتماعية للنفقات الضريبية (la dépense fiscale) معيارا تقاس به النجاعة والفعالية، وأن تكون عمليات خلق الثروة ومناصب الشغل في مستوى ما تقدمه الدولة من مزايا وإعفاءات ضريبية”.و على سبيل المثال, ذكر الوزير الأول وزير المالية أن مستويات الإنفاق الضريبي “وصلت إلى أكثر من 1500 مليار دج في سنتي 2018 و 2019 فقط، أي ما يعادل 10 مليار دولار”.و خص هذا الانفاق (أي المزايا و الاعفاءات الضريبية المختلفة) المشاريع المسجلة في إطار الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار و أجهزة دعم إنشاء النشاطات و كذا الإعفاءات والتخفيضات الجمركية.و تابع السيد بن عبد الرحمان: “هذه الأرقام لا يجب النظر إليها كإحصائيات مجردة بل كمؤشرات لتقييم النجاعة والفعالية”, قبل أن يضيف: “كان حري بهذه المبالغ الضخمة أن تدعم خزينة الدولة مادامت لم تؤد الغرض المراد من ورائها وهو خلق الثروة و توفير مناصب الشغل و بالتالي تحريك عجلة التنمية”.
بن عبد الرحمان يؤكد أن العقار سيسير مستقبلا وفق مقاربة اقتصادية بحتة
على صعيد آخر أكد الوزير الأول، أن العقار سيسير مستقبلا وفق مقاربة اقتصادية بحتة و “شفافية تامة”.و قال السيد بن عبد الرحمان, أنه بالنظر إلى “الأهمية القصوى” التي يكتسيها العقار الصناعي ك”رافد أساسي” لعملية الانتاج الصناعي, “فقد أمر رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, الحكومة بتطهير العقار الصناعي والفلاحي والسياحي والعمل على ضمان استغلاله الأمثل وتثمين دوره في دفع عجلة التنمية, بعد أن كان يشكل أكثر الطرق استعمالا و أسهلها من أجل نهب المال العام و المضاربة”.وأوضح أنه, ضمن هذا الإطار, “أعطت النتائج الأولية لعملية الإحصاء, أكثر من 628 منطقة نشاط و 65 منطقة صناعية في حالة نشاط”, مبرزا ان “هذا الوعاء العقاري الصناعي الهام موزع على 54 ولاية من ولايات الوطن و بمساحة إجمالية تفوق 27 ألف هكتار”.
و أضاف ان النتائج الأولية “أحصت ما يقارب 14.700 قطعة أرض تم منحها و هي غير مستغلة لحد الآن”, مشيرا إلى انه قد أسدى “التعليمات اللازمة من أجل الانتهاء من إيجاد النمط العملياتي لمعالجة هذه الإشكالية قبل نهاية السنة الجارية, و كذا استكمال مراجعة الإطار القانوني المتعلق بنظام الامتياز الخاص بالأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة والموجهة لإنجاز المشاريع الاستثمارية”.وقال في هذا الصدد: “فوجئنا بنتائج احصاء العقار الصناعي والفلاحي والسياحي الممنوح وغير المستعمل”, مشيرا إلى أن هذه النتائج “تنم عن بعض الممارسات التي كانت تستغل العقار لأغراض اخرى بدل الاستثمار”, متأسفا لاستغلال هذه العقارات من طرف, ما سماهم “أشباه المستثمرين”, للمضاربة وليس للاستثمار.و أكد ان الدولة قررت استرجاع هذا العقار و منحه للمستثمرين الحقيقيين.وأوضح أن هذا المسعى “سوف يتعزز بالوكالة الوطنية للعقار الصناعي الجاري إنشاؤها و التي ستشكل حلا جذريا لمسألة العقار الذي سيسير مستقبلا وفق مقاربة اقتصادية بحتة و شفافية تامة, بعيدا عن التدخلات الـمباشرة لـمختلف الإدارات”.وأكد السيد بن عبد الرحمان ان الحكومة ستواصل العمل “بدون هوادة” وفق خطة مدروسة من اجل بعث الانتاج الصناعي, مذكرا بأن السياسة الصناعية, التي يرمي رئيس الجمهورية إلى وضعها حيز التطبيق, تستجيب إلى تطلعات كل الفاعلين في الحلقة الاقتصادية الوطنية بجميع مكوناتها من الاعوان الاقتصاديين بالمفهوم العام و الشامل وتهدف إلى احداث تغيير جذري في الهيكل الاقتصاد الوطني من اجل رفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج الوطني الخام”.
م.حسان