الوطني

ذكرى تحرير وهران و المرسى الكبير من الإحتلال الإسباني… محطة لإستحضار بطولات الأسلاف

يستحضر سكان وهران في شهر فبراير من كل سنة المعارك التي خاضها الأسلاف لتحرير مدينة وهران والمرسى الكبير من الاحتلال الإسباني الذي دام ثلاثة قرون.

وقد تحررت مدينة وهران كليا يوم 27 فبراير من سنة 1792 بعد الحصار الذي فرضه باي معسكر محمد بن عثمان الكبير على المحمية العسكرية الإسبانية في وهران والمرسى الكبير والمعارك البطولية التي خاضها المتطوعون من كل مناطق غرب الوطن والذين الحقوا بالإسبان هزيمة نكراء وأجبروهم على المغادرة.

وتناول هذا الحدث الذي بقى راسخا في الذاكرة الوطنية، العديد من الكتاب والمؤرخين ومنهم العلامة أبي رأس الناصري الجزائري (1751-1823) الذي عاصر هذا النصر وتناوله في كتابه “عجائب الأسفار ولطائف الأخبار”، فضلا عن اهتمام أدب الترحال بمعارك تحرير وهران.

ويعود الاحتلال الإسباني لوهران إلى بداية القرن السادس عشر حيث تم احتلال المرسى الكبير سنة 1505 ومدينة وهران سنة 1509، حسب المصادر التاريخية.ومن مدينة وهران قام الجيش الإسباني طيلة احتلاله لها بشن الهجمات على الأهالي والتي امتدت إلى قرى مستغانم وتلمسان ومعسكر وقام بإبادة قبائل بأكملها ونهب الأموال وسبي النساء والأطفال، وقد اضطرت قبائل كاملة إلى هجرة أراضيها.وذكر أستاذ التاريخ بجامعة وهران 1 “أحمد بن بلة”، محمد بن جبور، لوأج، أن الغزاة الاسبان ارتكبوا أعمال وحشية في حق الأهالي، وتشير المصادر الإسبانية إلى “أن مدينة وهران غدت خالية من الطيور والحيوانات ولم ينجو من السكان إلا من تمكن من الفرار إلى قمم الجبال مما أدى إلى بقاء وهران تحت سيطرة الإسبان”.

 

 

حملات عديدة لتحرير المدينة

 

و أبرز الأستاذ الجامعي أن منذ أن وطأت أقدام المحتل الإسباني أرض وهران، توالت الحملات لتحريرها إلى أن تم النصر في شهر أبريل سنة 1708 بعد معارك طاحنة خاضها باي معسكر، مصطفى بن يوسف المدعو بوشلاغم، الذي انضم إليه الأهالي.وعلى اثر هذا الانتصار، نقل الباي بوشلاغم عاصمة البايلك من معسكر إلى وهران وجعلها مقرا له، غير أن فرحة هذا الفتح لم تدم طويلا بسبب إعادة احتلال إسبانيا لوهران والمرسى الكبير سنة 1732 بعد أن قام فيليب الخامس بإعداد حملة لمدة ثلاث سنوات أرسلت نحو وهران.

وبعد الاحتلال الثاني عادت من جديد حملات تحرير وهران، ومن أهم هذه الحملات تلك التي قادها الباي محمد بن عثمان الكبير والتي جند فيها خاصة العلماء وطلبة القرآن الكريم من مختلف مناطق الغرب الجزائري، (معسكر مازونة وغريس وندرومة وغيرها) وتم تدربهم بمعسكر قبل القدوم إلى وهران، كما قال الجامعي بن جبور.

وقد اعتمد الباي على أسلوب الكر والفر في تشديد الخناق على الأسبان، وفي عام 1780 شن هجوما مفاجئا على وهران وتمكن من القضاء على عدد من الإسبانيين ثم في 14 سبتمبر 1784 أعاد شن هجوم أخر شمل حصون المدينة.وفي عام 1787 فرض حصارا طويلا امتد إلى غاية 1790 وأسس عدة رباطات کرباط “جبل المائدة “ورباط “افري” وكثف من الهجومات، وفي نفس السنة تعرضت مدينة وهران إلى زلزال خرب التحصينات العسكرية الاسبانية ما ساعد على هزيمتهم.

وتوج الحصار والمعارك بتوقيع الاسبان على معاهدة استسلام في 12 سبتمبر 1791 وأمهلهم الباي مدة أربعة أشهر للمغادرة و الانسحاب النهائي من وهران الذي تم في 27 فبراير 1792.وعمل الباي محمد بن عثمان الكبير على تعمير مدينة وهران وتطويرها وتنشيط الحركة التجارية بها باستقطاب الأهالي من مختلف المدن الجزائرية بعد تحريرها.

 

ق.ح/الوكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى