الرياضة

رائد القبة يأمل في استعادة مجده الضائع في الذكرى 77 لتأسيسه

يتطلع رائد شباب القبة لكرة القدم الذي أحيى يوم أول أمس الـ  28 فبراير 2022، الذكرى الـ77 لميلاده (1945)، إلى العودة إلى قسم النخبة من بوابة موسم (2021-2022)، الذي يتربع خلاله على ريادة بطولة القسم الثاني والنية الصارخة للصعود التي أبانها وذلك بعد 13 سنة الغياب بسبب المشاكل التي تلاعبت به بين القسمين الثاني والثالث.

رائد القبة, الذي يبقى أحد أعرق الفرق الجزائرية التي سعت دوما من أجل البقاء في الواجهة, يتصدر منذ انطلاق الموسم ترتيب الرابطة الثانية, مجموعة وسط-غرب, بـ42 نقطة في بطولة ستختتم بصعود فريق واحد إلى الرابطة المحترفة الأولى.

و برؤية فريقهم في هذا الترتيب المريح شيئا ما, استعاد محبي النادي الأمل في مقارعة ناديهم مجددا, كبار القوم بداية من الموسم المقبل, بعدما عاشوا الشتات خلال السنوات الماضية الذي زادت من حدته ويلات الأقسام الدنيا.و بسبب منع الأنصار من ولوج الملاعب العاصمية جراء فيروس كورونا, اختار أنصار الرائد شرفات المنازل للاحتفال بالسنة 77 لتأسيس ناديهم بطريقتهم الخاصة, بمناسبة استضافة غالي معسكر (2-0), السبت المنصرم, لحساب الجولة الـ19. و استغل الأوفياء منهم أسطح وشرفات حي الباهية العتيق الذي لطالما زوّد النادي بالمواهب, باعتبار مجاورته لملعب “محمد بن حداد”, لإشعال الشماريخ عند الدقيقة 77 من المباراة احتفالا بميلاد الفريق, مع تنصيب عديد الرايات الاحتفالية لعل أبرزها تلك التي حملت شعار: “77 سنة من الوجود, صامدون, من أجل الرائد متحدون”.

و تمتع الرائد بمكانة مرموقة في الساحة الكروية الوطنية لا سيما بفضل أبنائه الذين دافعوا عن ألوانه طوال مشوارهم, ناهيك عن ذَودِهم على الراية الوطنية مع مختلف المنتخبات الوطنية, من بينهم المدافع الأسطوري للجيل الذهبي للرائد, محمد شعيب.

شعيب تكلم بحماس على الديناميكية التي يعيشها الفريق القباوي حاليا, معتبرا إياها فرصة لا تضيع من أجل العودة إلى ساحة الكبار وتنظيم الصفوف. وقال متفائلا: ” فريقنا أدى في مرحلة الذهاب مشوار بطل رغم نقص الموارد المالية .. أتمنى أن يواصل اللاعبون على نفس الوتيرة للحفاظ على المقدمة لأننا نستحق الصعود من الناحية الفنية والنتائج المحققة. ولهذا يجب عدم تضييع فرصة الصعود بعد غياب طويل عن القسم الأول”.

 

 

نشأة فريق ذو تقاليد وقيم رياضية بفضل أبناء المدرسة وصناعو أمجاد الفريق

 

 

تأسس رائد القبة مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية, بحي “وادي كنيس” بالقبة يوم 28 فبراير 1945, بمبادرة من شخصيات مرموقة آنذاك, يتقدمها أول رئيس, مصطفى بن ونيش (الرئيس الشرفي مدى الحياة), والشهيد محمد بن حداد الذي يحمل الملعب اسمه, إثر توصيات من حزب الشعب, ضمن سياق سياسي-ثوري دعما للقضية الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي. وغداة استقلال الجزائر, صعد رائد القبة في موسمه الثاني, لبطولة الجزائر للقسم الأول 1964-1965, بتشكيلة ضمت الساحر بوعلام عميروش, وقادها أسطورة فريق جبهة التحرير الوطني, المدافع مصطفى زيتوني, وهي التشكيلة التي نشطت نهائي كأس الجزائر 1966 ضد شباب بلوزداد (خسارة 1-3).

و على عكس الفرق الأخرى, بادر الرائد عام 1964 بفضل المدرب مصطفى الكمال, في بعث أول مدرسة كروية أدرّت اللاعبين الكبار للكرة الجزائرية, مانحة أكثر من 120 لاعبا دوليا لمختلف الفرق الوطنية, منها من بزغ نجمه إفريقيا وحتى عالميا, من بينهم المبدع صالح عصاد, صاحب مراوغة “الغرّاف” الشهيرة.

و بداية من سنة 1974 تمكن الرائد بفضل جيل جديد من الشبان القادمين أغلبهم من أحياء القبة والمتكونين في المدرسة الكروية للفريق, من صناعة عهد جديد بفريق اشتهر بقيم احترام المنافس واللعب الجميل. فنجح الرباعي الدولي, عبد العزيز صفصافي ومختار كاوه و حسين بومعراف وحارس المرمى إلياس تلجة, -المتوجين مع الجزائر بالميدالية الذهبية للألعاب المتوسطية-75-, في قيادة أصحاب الزي “الأخضر والأبيض” تحت جناح المايسترو عميروش إلى وصافة بطولة 74-75, بفارق نقطة واحدة على مولودية الجزائر المتوجة باللقب.

هذه التشكيلة التحق بها نجوم صاعدون زُجّ بهم فيما بعد مع الأكابر, على غرار صالح عصاد, محمد قاسي سعيد, محمد شعيب, رشيد صبار وآخرون, الذين اكتسبوا الخبرة ليساهموا في أول تتويج قباوي بالبطولة الجزائرية موسم 1980-1981 وكذا الفوز بأول طبعة لكأس السوبر-81, وهما اللقبين الوحيدين في خزائن النادي لحد الآن.و في هذا الصدد, قال شعيب (قائد المنتخب الوطني للأواسط في مونديال 1979): “يؤلمني كثيرا ما حدث للفريق من مآسي حينها. أتذكر الجيل الذهبي واللاعبين الكبار الذين أنجبتهم مدرسة رائد القبة. فريقنا يستحق وضعية أفضل بكثير بالنظر إلى الخدمات الكبيرة التي قدمها للكرة الجزائرية والرياضة عموما. جيلنا برز بفضل قيم وتقاليد النادي التي سمحت لنا بتفجير طاقتنا وصناعة أمجاد القبة عبر الفوز بالبطولة وأول كأس سوبر وبلوغ ربع نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة-82. ناهيك على تنشيطنا سنويا للأدوار الأخيرة لكأس الجزائر ومزاحمة الأندية المعروفة بالتتويجات على سباق اللقب بإمكانيات مادية ضئيلة”.

 

 

تهاوي الفريق منذ قضية لوزان 2009 واندثار الفروع الأخرى

 

 

غير أن الفريق لم يواصل في ذاك المنهاج وتعرض لضربة موجعة موسم 2008-2009 حينما حرم من حق الصعود إلى القسم الأول بسبب احترازات اتحاد الحراش, الذي كان ينافسه على ورقة الصعود. الاحترازات كانت حول خلل في وثائق أحد لاعبي الرائد.

و هي القضية التي أخذت أبعادا بلغت المحكمة الرياضية الدولية بلوزان السويسرية التي أنصفت الرائد وألزمت الهيئة الفيدرالية بإدماجه في بطولة القسم الأول التي كانت قد انطلقت, وهو ما حرم النادي من القيام بالاستقدامات والحفاظ على ركائزه.هذه الوضعية كان لها الأثر السلبي على مردود التشكيلة القباوية التي دخلت في دوامة المباريات المتأخرة متعرضة لنوع من سياسة “العقاب” التي سرعان ما أدت إلى سقوط الفريق إثر انسحاب المستثمر الرئيسي آنذاك “ربراب”, تاركا النادي يتخبط في ديون وجملة من المشاكل التي رمت به في غيابات الجب. وتوسعت الأزمة فيما بعد لتشمل فروع رياضية أخرى, سيما ألعاب القوى والملاكمة وهو ما قال عنه شعيب متحسرا: “كنا نمتلك أحسن العدائين في ألعاب القوى مثلا, على غرار بوطمين وصخري, ناهيك عن أبطال الملاكمة من بينهم بطل عالمي عسكري في الملاكمة. فاندثار هذه الرياضات أضر أيضا بصورة النادي وزاد من تعاسته”.

إلا الأمل في إحياء أمجاد الماضي تجدد ويبقى وارد, على حد تعبير محمد شعيب, مع الوجه الحسن والنية التي باتت تحذو اللاعبين الحاليين للرائد في إصرارهم في إعادة الفريق إلى مصف الكبار, وعلى هؤلاء اللاعبين, العائد إلى الفريق, سيد علي يحي شريف الذي صنع شغفا كبيرا لدى الأنصار. “هذا دليل على عشق جمهور القبة للاعبين المهاريين الذي حملوا قميص الفريق منذ زمان, وهؤلاء اللاعبين هم من سيبقي على شعاع الأمل”, كما أشار إليه محمد شعيب (محلل رياضي حاليا) الذي أصر بمناسبة ذكرى تأسيس النادي الـ77, على ضرورة رفع سقف الطموحات والعودة إلى قسم النخبة لجلب المزيد من الاهتمام الإعلامي وفرص التمويل في سبيل وضع استراتيجية ترتكز على التكوين و إعطاء الفرص للشبان لإبراز مواهبهم ورفع مستوى الفريق من ناحية التسيير للانطلاق مجددا على أسس متينة.

 

ق.ر/الوكالات

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى