أثنى مستشار رئيس الجمهورية والمكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة، عبد المجيد شيخي، هذا السبت، على شخصية المعلم والمناضل الشيخ الراحل سماتي محمد العابد جيلالي، مبرزاً دوره الفعال في تأسيس المدرسة الجزائرية، مشدداً على ضرورة الاقتداء بنظامه في المدرسة الجزائرية.
لدى اشرافه على احتفالية يوم العلم، بالمديرية العامة للأرشيف الوطني، قال شيخي: “نقف اليوم وقفة عرفان لشخصية كانت من مؤسسي المدرسة الجزائرية في ثلاثينات القرن الماضي، ضمن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، المعلّم الأديب والصحفي المناضل، الشيخ سماتي محمد العابد جيلالي”.وأبرز المتحدث الدور الفعال الذي لعبه الشيخ سماتي في وضع معالم المدرسة الجزائرية، قائلاً: “كان الشيخ سماتي من المناضلين والمفكرين الذين وضعوا الأسس الأولى لمدرسة العلماء المسلمين الجزائريين التي أصبحت فيما بعد مدرسة الوطنية والدين واللغة ومقومات الشخصية الوطنية، وهي من المسائل التي وقف عليها الراحل ورفاقه من أساتذة ومعلمي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، منهم النعيم بن نعيمي، محمد صلاح رمضان”.
و تم خلال هذا اللقاء الذي حضره وزير الإتصال, محمد بوسليماني, و وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد, والمستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني و الذاكرة الوطنية, عبد المجيد شيخي, التطرق الى مسار الشيخ اسماتي محمد العابد الجلالي, أحد أبرز رجالات جمعية العلماء المسلمين, وتم تناول مختلف جوانب هذه الشخصية الوطنية في التربية والتعليم , الادب, الأنشودة المدرسية و الصحافة و النضال السياسي وصولا إلى إنخراطه في صفوف الثورة.
مشاركون يبرزون المسارات التربوية و النضالية للشيخ اسماتي محمد العابد الجلالي
وفي هذا الصدد أكد ,المستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني و الذاكرة الوطنية عبد المجيد شيخي, في كلمته الإفتتاحية, أن وقفة العرفان و التقدير التي تستحضر مسار الشيخ الراحل اسماتي محمد العابد الجلالي تندرج ” ضمن برنامج الذاكرة الوطنية وهو مشروع رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, الذي قدم توجيهات للإهتمام بتوثيق عناصر الذاكرة التاريخية للجزائر بما فيها هذه الشخصيات البارزة باعتبارها عامل لتعزيز الوحدة الوطنية”.وأضاف السيد شيخي أن الاحتفاء بيوم العلم, سيبقى “راسخا” في ذاكرة الشعب الجزائري كونه مرتبط بتكريم العلم والعلماء والمعلمين حيث “أبلى المعلمون البلاء الحسن في فترة الاستعمار الفرنسي وبفضلهم تمكن الشعب الجزائري من الحفاظ على احد مقوماته الاساسية وهي اللغة العربية” مبرزا أن مدارس التعليم التابعة لجمعية العلماء المسلمين “جابهت وأفشلت مخططات المدرسة الفرنسية اللائكية في القضاء على اللغة العربية و الدين”.
وفي هذا السياق, ذكر السيد شيخي أن الشيخ اسماتي محمد العابد الجلالي كان “احد المنظرين للمدرسة الجزائرية التي قامت على عنصري التربية والتعليم في الثلاثينات من القرن الماضي وتطورت لتصبح لها لجنة عليا للتعليم تضم أيضا الشيخ النعيمي النعيمي ومحمد الصالح رمضان”. وقد نجح هذا التوجه التعليمي, حسب ذات المتحدث, في “مواجهة سموم المدرسة الفرنسية”.
كما اعتبر أن “مدارس جمعية العلماء المسلمين نجحت بإخلاص المعلمين وتجاوب الاولياء في تكوين جيل مشبع بالقيم والثوابت الوطنية والمخلصين الذين شكلوا الرعيل الأول لجيش التحرير الوطني المنخرطين في الثورة التحريرية”.
وفي هذا الإطار, تناول الباحث في التاريخ, محمد خالد الشيخ النشاط الصحفي للشيخ اسماتي محمد العابد الجلالي من خلال مساهماته في جريدة “النجاح” ثم في مجلة المنتقد التي تأسست سنة 1925 لينتقل بعدها إلى أسبوعية “الشهاب” التي ساهم فيها بمقالاته ذات البعد الإصلاحي الاجتماعي ولاحقا جريدة “الفاروق” و “البصائر” كما أسس جريدة “المنتقد” سنة 1937.
كما استعرض المتحدث, مسار الشيخ السياسي والنضالي الذي انطلق مبكرا بانخراطه في التنظيم السري الثوري الذي أنشأه صالح بوذراع باسم “الحزب الثوري” سنة 1941 وبعدها إنضمامه ل”حزب الشعب الجزائري” ثم “حركة إنتصار الحريات الديموقراطية” إلى غاية أنخراطه وهو في عمر 64 سنة في صفوف الثورة التحريرية ودخوله لسجن الكدية بقسنطينة بتهمة المساس بالأمن الداخلي للدولة الفرنسية في ديسمبر 1954 لمدة 10سنوات.
من جهته استعرض, الأستاذ عبد المجيد لغريب, في مداخلته, السيرة الذاتية للشيخ حيث بعد دراسته في قريته التي ولد فيها بأولاد جلال على يد بعض المشايخ ,انتقل بعدها سنة 1920 إلى قسنطينة وتتملذ فيها ولازم الشيخ بن باديس وقد انتدبه في 1925 للتدريس بالمدرسة الحرة بالعلمة ثم عندما تأسست مدرسة التربية والتعليم الإسلامية الحرة بقسنطينة في 1930 اختاره كمدرس وامتد عمله فيها حتى 1943.كما أثار المتحدث أهم سماته الشخصية الثورية فضلا على مساهمته في تأسيس القصة القصيرة في الجزائر ولديه قصص قصيرة منها “في القطار”, “السعادة البتراء”, “الصائد في الفخ” و مسرحية “مضار الجهل والخمر والحشيش والقمار” وكتاب بعنوان “تقويم الأخلاق” وأخر بعنوان “الأناشيد المدرسية الوطنية لأبناء وبنات المدرسة الجزائرية” صدر بتونس سنة 1939.
بدوره دعا الدكتور عمار طالبي إلى “ضرورة توجه الباحثين إلى دراسة هذه الشخصيات المنسية وكذا إحياء التراث التربوي التعليمي للشيخ العابد” خاصة الأناشيد المدرسية التي تتسم بالقيم الجمالية والنفسية الملائمة للأطفال مشيرا أنه بصدد “إعداد كتاب يؤرخ لهذه الأناشيد الوطنية”.كما تم على هامش هذه الفعالية الإستذكارية تنظيم معرض متنوع يتضمن صورا وملصقات تعريفية تسطر أهم مراحل إنشاء المدارس التابعة لجمعية العلماء المسلمين وأهم روادها و التقارير السرية التي كان يعدها الأمن الفرنسي حول نشاط هذه المدارس الحرة إلى جانب تخصيص جزء من المعرض يتضمن كتب ووثائق و صور توضيحيه حول مسار الشيخ اسماتي محمد العابد الجلالي وأهم أعماله.
جمال الدين أيوب