جناح الحلي بمتحف الباردو… كنز يعكس عراقة الهوية و التراث الجزائري
تشكل مجموعة الحلي الاثنوغرافية الجزائرية, وهي من أهم أرصدة مجموعات المتحف العمومي الوطني الباردو بالجزائر العاصمة, نموذجا فريدا من نوعه على المستوى المغاربي والعالمي يعكس, عبر أزيد من 1400 قطعة, هوية وأصالة الجزائر وحضورها على امتداد التاريخ .
وتعكس هذه المجموعة المتحفية النادرة ثراء تقنيات الصناعة والتزيين وتنوع الصناعات التقليدية الجزائرية الفريدة فمن حلي منطقة الأوراس الفضية المرصعة بالأحجار الزجاجية وتلك من منطقة القبائل المزخرفة بالمرجان ,او التحف الرصينة والمزينة بالأشكال المختلفة المستوحاة من الغطاء النباتي والحيواني لمنطقة الاطلس الصحراوي مرورا بتلك الخاصة بالجزائر العاصمة وتمنراست وأدرار، كما تبرز المجموعة خصوصية الإبداع الجزائري التي لا تزال تستلهم مصممي الحلي الى اليوم.
في هذا الصدد, أشارت محافظة التراث الثقافي بمتحف الباردو, سناء علاق في تصريح ل/واج أن هذه الحلي “تضم 1435 قطعة من الذهب والفضة غير متداولة حاليا تعود الى القرنين ال19 و ال20 , وتمثل مختلف جهات الوطن على غرار منطقتي الأوراس والقبائل, الأطلس الصحراوي (الأغواط , الجلفة,مسعد, بوسعادة..), الواحات الصحراوية (المنيعة , ورقلة , ادرار..), الطاسيلي ناجر والأهقار (تمنراست, جانت) و بعض المدن مثل الجزائر العاصمة ,المدية البليدة ,قسنطينة و وهران كما تعكس الثراء والتنوع التقني والتزييني لكل جهة بخصوصياتها “.
وأوضحت, أن المجموعة تضم عددا كبيرا من القطع النادرة العريقة أغلبها من الذهب والفضة “اختفت من التداول” كالقلادات, الخواتم,الأحزمة, الخلاخل, الأساور, و الأقراط, كما تم إقتناء جزء منها خلال الفترة الاستعمارية و تم إثراء المجموعة المتحفية بعد الاستقلال بقطع أخرى هي ثمرة عمليات وخرجات ميدانية يقوم بها ملحقو الحفظ والمختصون في التراث بهدف إثراء المجموعات المتحفية”.
وأشارت ذات المتحدثة, أن هذه الحلي التقليدية العريقة الخاصة بالمدن الكبرى تعتمد صناعتها غالبا على معدن الذهب وتستعمل تقنية الفتيلة المعدنية و التخريم, فيما تتميز منطقة الأوراس بالثراء التقني اعتمادا على الفضة واستخدام تقنية التخريم والتطعيم بالأحجار الزجاجية ذات الألوان وفي حين تتميز الحلي بمنطقة القبائل باستخدام الفضة وتقنية المينا المتجزأ والتطعيم بالمرجان”. كما تنفرد حلي مناطق الاطلس الصحراوي وكذا الواحات و الطاسييلي ناجر والأهقار “بميزات خاصة تعكس بصمة المنطقة سواء فيما يتعلق بتقنيات الصناعة أو الجانب الفني التزييني”.
وأشارت في هذا الصدد أن ” صناعة الحلي الجزائرية تنم عن مهارات فريدة من نوعها تدل على ثراء محلي عريق هو ايضا ثمرة تبادل ذي تأثيرات منها بيزنطية, إسلامية, رومانية, اندلسية وعثمانية وغيرها, حيث تتميز حلي المدن التي كانت تمثل “مراكز للسلطة السياسية و مراكز استقطاب للتجار و الأجانب بتأثيرات و ابداعات عديدة”, فيما حافظت المناطق الريفية على الطابع المحلي في كل الصناعات من حلي و فخار و نحاس وحتى العمارة”. كما ذكرت باكتشاف “حلي خاصة بالعهد الإسلامي خلال حفرية بقلعة بني حماد ” المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وأكدت السيدة علاق أن من أبرز مهام المتحف هي الحفاظ وصيانة وترميم المجموعات المتحفية سواء الأثرية أوالإثنوغرافية بغية أيصال هذا التراث للأجيال القادمة وإبراز عراقة المجتمع الجزائري. و يبرمج المتحف “زيارات دورية لمخازن المجموعات يقوم بها الملحق بالحفظ ومحافظ التراث كإجراء وقائي لمراقبة توفر معايير الحفظ لتبقى القطع سليمة لأطول وقت دون الوصول للترميم, فيما تم نقل القطع المعرضة للتلف للمخبر أين يشرف خبراء مختصون على تشخيص حالتها و التدخل لترميمها وفق المعايير الدولية و التقنيات الحديثة”.كما يقوم عديد الباحثين من المركز الوطني للجوث في مرحلة ما قبل التاريخ و الإنسان وكذا المعاهد المتخصصة بدراسات وبحوث حول “المجموعات المتحفية للحلي بالجزائر” وغيرها من الفنون التطبيقية كونها تعطي نظرة شاملة عن المستوى السياسي و الاقتصادي والاجتماعي والثقافي السائد في الجزائر ومدى إزدهاره, بهدف تثمين التراث الثقافي الوطني والحفاظ عليه للأجيال القادمة لتعزيز الهوية والانتماء”, حسب سناء علاق.ويحتوي رصيد متحف الباردو, إلى جانب المجموعة الاثنوغرافية الخاصة بالحلي التقليدية الجزائرية, على مجموعة ثرية من حلي مرحلة ما قبل التاريخ و مجموعة اخرى ضمن مجموعة الأثاث الجنائزي لملكة الطوارق تين هينان.
للتذكير, يحتضن متحف الباردو منذ 27 فبراير الفارط, معرضا بعنوان “الحلي الجزائرية هوية وأصالة” ستتواصل فعاليته الى غاية أكتوبر القادم حيث يتضمن أزيد من 300 قطعة من اهم انواع الحلي التقليدية الخاصة بمختلف مناطق البلاد.