استعمالات شتى لجلد أضحية العيد بمنطقة الحضنة بالمسيلة
كثيرا ما كان يستعمل جلد أضحية عيد الأضحى في بوادي وحواضر الجزائر بعد تحضيره ومعالجته عبر عدة مراحل في شتى الاستعمالات اليومية، كفراش أو وسيلة لتبريد الماء او مخض الحليب و تخزين السمن والدقيق.
ويعمد من يسلخ أضحية العيد في الجزائر كما في بلدان المغرب العربي الأخرى إلى سحب الجلد كاملا غير مفتوح في الوسط كما يقوم بذلك من يسلخها في المشرق العربي والذي يلجأ إلى فتحها من أعلى القفص الصدري إلى أسفل بطن الكبش وفي ذلك حكمة لاستعمالها لمختلف الأغراض.وفي الوقت الذي كانت تلجأ فيه العائلات التي تعيش في البادية كما في الحواضر إلى معالجة جلد أضحية العيد وتحويله إلى فراش يسمى عموما ” الهيدورة”، تعمد النسوة في الأرياف والقرى إلى معالجته ليصبح كثير الاستعمالات.
ويتصدر استعمال جلد أضحية العيد ما يسمى عند العرب ب “القربة” وهي عبارة عن جلد الأضحية يفضل أن تكون للماعز الذي لم يعد يضحى به في الوقت الحالي، حيث تتم معالجته بشكل يمر عبر عديد المراحل يحافظ فيها على شعر الجلد ملتصقا به حتى يتحول إلى وسيلة لتبريد الماء.وللحفاظ على الجلد مكسو بالشعر، فإن النسوة يلجأن إلى استعمال مكثف وبكميات كبيرة لقطران الأشجار عموما والصنوبر خصوصا وذلك لأجل منع تعفن الجلد و الذي إذا حدث (التعفن) سيتجول الجلد إلى وسيلة أخرى غير القربة.
“القربة” لتبريد الماء و “المزود” كمخزن للسميد أو دقيق القمح
وقد ظلت “القربة” عند العامة في الجزائر على غرار سكان الحضنة خلال القرون الماضية وسيلة لتبريد الماء، فرغم ارتفاع درجة الحرارة فهي تحافظ على درجة مقبولة للماء الموجود بها والممزوج دوما بقطران الأشجار.ويستعمل بكثرة جلد الغنم خصوصا الأضاحي منها كشكوة لمخض أو رج الحليب الرائب وتحويله إلى لبن و على عكس “القربة” فيتم تعمد تعفن جلد الأضحية ما يسمح بإزالة الصوف العالق بالجلد وفق مراحل تبدأ بغمر الجلد بالملح يستحسن أن يكون خاليا من اليود أو ما يسمى بملح الحجر ثم تترك لمدة تفوق الأسبوعين ليتم إزالة الصوف و معالجة الجلد عن طريق استعمال قشور الصنوبر لإعطائه من ناحية نوعا من المتانة وتحول اللون إلى أحمر كما يقضي على الروائح الكريهة في الجلد.
ويعمد حسب ما يتداول في الأوساط الشعبية بولاية المسيلة إلى مسك مؤخرة الجلد باستعمال حطبة صغيرة يتم مسكها بإتقان باستعمال خيط من نوع خاص يدوم طويلا ثم يوصل بخيط إلى مكان الرجلين الأولين للأضحية لتمكين تعليقه والقيام بعملية المخض .
أما “المزود” حسب ذات المصادر الشعبية فهو عبارة عن جلد الأضحية يتم معالجته إلى درجة تحوله إلى جلد يابس يربط أسفله بخيط من الشعر كما تغلق فوهته بإحكام بذات النوعية من الخيط تجنبا لتسرب الدقيق الرطب ويتم استعماله كمخزن للسميد أو دقيق القمح وهذه الطريقة في التخزين لوحظ أنها تدوم لمدة أطول مقارنة مع الوسائل الحديثة للتخزين.
وفي حالات أخرى يستعمل جلد الأضحية كوسيلة لتخزين الزبدة الحيوانية وهذه الوسيلة تسمى “العكة” حيث يتم تخزين الدهان لمدة طويلة وبصفة إرادية بهدف تحويل المادة إلى زبدة معتقة تستعمل في مختلف الأطباق التقليدية وتتم العملية عبر تحضير الجلد كما سلف في الحالات السابقة غير أن طريقة تخزين الدهان تختلف عن تخزين الدقيق، فهذا الأخير تتم معالجته من خلال استعمال الملح ثم وضعه في الجلد بإحكام مع العلم و أن هذا النوع من التخزين يحتاج إلى مهارات خاصة لا تتوفر لدى جميع النساء.
كما تعتبر “البطانة” أي الجلد المملوء والمخزن لتمر العجوة أو “الغرس” الوسيلة الناجعة لتخزين هذه المادة لمدة سنوات، فهي عبارة عن جلد يابس يعاد تبليله وجعله طريا ليملأ بالعجوة أو الغرس ويحبذ أن تكون الجلود المستعملة لكباش كبار الحجم حتى يتم تخزين كمية كبيرة من هذه المادة.وكان في الأزمنة السابقة أصحاب التمر يعبرون مختلف مناطق الوطن طلبا للجلود اليابسة مقابل منح نقود أو مقايضة بسلعة أخرى.
وكثيرا ما يضرب المثل ب “البطانة” و إلحاق صفتها بالإنسان السمين فقد يقال لأحدهم أو إحداهن أنه “بطانة” ويقصد بها السمنة الزائدة.وكثيرا ما أطرب عازفي ” المزود” وهو عبارة عن آلة موسيقية مكونة بنسبة كبيرة من الجلد تنتهي بقرنين للثور مهيأة لإخراج الألحان من هذه الأداة الموسيقية التي تريح عازفها من النفخ كما يفعل عازف الزرنة و جلد “المزود” يحبذ حسب العازفين على هذه الأداة الموسيقية أن يكون للماعز نظرا لنقص سمكه مقارنة مع جلد الغنم، كما يحبذ أن يكون لجدي صغير حتى لا يكون حجم المزود كبيرا ولا يصلح للاستعمال.
ق.ح/الوكالات