معرض الفنانة كنزة داود “مفترسون”… فسحة في عوالم معقدة
تدعو الفنانة التشكيلية كنزة داود الزائر الى جولة مثيرة في عالم الشخوص المعقدة التي تطل عبر لوحات معرضها الجديد الموسوم ب “المفترسون” الذي يحتضنه رواق بلوم ذو ارت فاكتوري الى غاية 12 يونيو.
تنقل تلك الأعمال المعروضة أسرار مخلوقات مسكونة بالأحاسيس الدافنة للإنسان بقوتها وضعها في ظل الصراع الأبدي الدائمة بين الخير والشر.تقدم هذه الفنانة التشكيلية و النحاتة الشابة (26 سنة) عملا إبداعيا أخاذا بجمالياته وعمق الرسالة التي عبرت عنها كنزة بريشة محترفة في هذا المعرض الثاني في مسارها الفتي بعد معرض “المنبوذون” الذي كان موضوع رسالة تخرجها.
يلاحظ المتجول عبر متاهات هذه الاعمال التي تداعب الأحاسيس الإنسانية محدثتا ردود أفعال متباينة لدي المتلقي انسجاما بين الابداعات الفنية و الديكور المميز للرواق الفني الذي يعرضها إذ هو فضاء للعرض و ايضا ورشة تمنح المبدعين فرصة لإنجاز أعمالهم في هدوء و سكينة.تجذب أعمال الفنانة كنزة الزائر للغوص في مكنونات “الانسان” بتناقضاتها و عقدها التي قد تطفو فجأة بفعل عوامل نفسية.فقد رصدت الفنانة بدقة و حرفية في اللوحات و المنحوتات و الكروكيات التي انجزتها ملامح تلك الشخصيات التي طبعتها أحاسيس مختلفة بفعل عوامل الكبت التي تفرض على الإنسان في مراحل ما بعيدا عن الأحكام المسبقة.
و يجد الملاحظ للاعمال المعلقة ان كل هذه الشخصيات التي تعبر عن أوضاع و حالات متباينة هي في الواقع شخص واحد ذكر يتكرر و تعكس ملامحه مختلف الأحاسيس التي تنتاب الإنسان في لحظات تطغى فيها المعاناة و الشعور الخوف من المجهول. و مع التدقيق اكثر في ملامح تلك الشخوص المعروضة يكتشف المتأمل فيها انها مستنسخة في الواقع من صورة الفنانة نفسها.
اشتغلت هذه الفنانة الشابة المتخرجة من المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بتيبازة بجدية و احترافية مكنتها من اضفاء مصداقية كبيرة على إعمالها مستندة الى عوامل عدة لها دور في تحديد مسار الانسان الذي قد يتحول في لحظة ما الى “وحش مفترس” بفعل ظروف خاصة.
تطبع المعرض نظرة فلسفية نفسانية لردود أفعال الإنسان في مختلف المواقف تؤكد شجاعة الفنانة في طرحها غير مبالية بالشروط التي يفرضها سوق الفن حيث أطلقت كنزة العنان لإحساسها و رؤيتها الخاصة للعالم للتعبير بكل حرية و مسؤولية عن افكارها.و فقد قامت فعلا الفنانة في هذا العمل المتميز بمسح لعالم المكبوتات و هو الموضوع الذي اشتغلت عليه الرسامة في معرضها الاول على خلفية الحث على النظر لأشياء بواقعية و مصداقية.