الدولي

ليبيا: في محاولة لإستعادة مكانتها .. فرنسا تقترح خطة لإخراج جميع المرتزقة خلال ستة أشهر

عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نظيريه الأمريكي جو بايدن و التركي رجب طيب أردوغان خطة لسحب المرتزقة الأجانب من ليبيا، مستخدما ثقل الولايات المتحدة كوسيلة للضغط على تركيا وروسيا لسحب القوات التابعة لهما، وذلك في محاولة منه لاستعادة مكانة بلاده في المشهد الليبي.

وتأتي الخطة الفرنسية بعد فشل خطتين سابقتين، حيث تضمن وقف إطلاق النار في أكتوبر من العام الماضي بندًا يدعو جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب إلى مغادرة ليبيا في غضون 90 يومًا، غير أن الموعد النهائي جاء وذهب دون أي تحرك من قبل هذه القوات. وفي وقت لاحق، تبنى مجلس الأمن الدولي قرارًا يدعو جميع الأطراف المعنية إلى سحب قواتها الأجنبية، لكن القرار تم تجاهله أيضا.

وكانت فرنسا قد قدمت نفسها بصفها وسيطا في الصراع بين المعسكرين اللذين كانا يتنازعان السلطة في ليبيا: معسكر المشير خليفة حفتر ومعسكر حكومة رئيس الوزراء السابق فايز السراج، حتى إن باريس كانت قد نظمت عدة لقاءات بين خليفة حفتر وفايز السراج في يوليو 2017، ثم في مايو 2018، قبل اتهامها باللعب على الحبلين بسبب قربها في الكواليس من المشير حفتر الذي اعتبرت حليفا في مواجهة الإرهاب.كل ذلك رغم نفي باريس القاطع تقديمها أي دعم عسكري لهجوم المشير حفتر على طرابلس والذي شنه في أبريل 2019.ومنذ الهجوم الفاشل على العاصمة طرابلس، عاشت ليبيا صراعاً كان يهدد بتقسيمها بين الشرق والغرب، ورغم تراجع مخاطر تقسيم البلاد في ظل السلطة الموحدة الحالية، لا تزال مسألة توحيد المؤسسات السيادية بين الشرق والغرب تمثل محطة جوهرية على طريق الاستقرار الدائم.

ويشكل ملف التواجد الأجنبي والمرتزقة مادة خلاف بين بعض الأطراف الليبية، على الرغم من أن الحكومة كانت قد أعلنت أكثر من مرة موافقها على خروجهم، بحسب ما تم التوصل إليه في العديد من الحوارات التي جرت سابقا برعاية الأمم المتحدة.وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، قد تطرق لهذا التحدي الحاسم خلال جلسات منح الثقة للحكومة بمدينة سرت، وحينها دعا، المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتواجدين في ليبيا إلى المغادرة، قائلاً: “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم”.وإخراج المرتزقة من ليبيا مرتبط بملف توحيد المؤسسة العسكرية، فليبيا تعاني منذ 2011، صعوبات في إعادة بناء جيش نظامي،  بسبب انتشار السلاح، والميليشيات غير المنضبطة.

 

          

باريس تريد الاستفادة من ثقل واشنطن

 

 وبموجب الخطة الفرنسية، التي نشرها موقع “بوليتيكو” الأمريكي، والمؤلفة من ثلاثة مراحل وفق جدول زمني مدته ستة أشهر، ستسحب تركيا أولاً المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم إلى ليبيا في عام 2020، عندما طلبت حكومة الوفاق المساعدة لصد هجوم قوات خليفة حفتر، ويمكن أن تتم هذه الخطوة في أقرب وقت في 1 يوليو المقبل كما ستشهد المرحلة الثانية المقترحة لشهر سبتمبر، وفق “بوليتيكو”، سحب روسيا قوات “فاغنر” وسحب تركيا جنودها، وقد تكون الخطوة، أكثر صعوبة. فيما تقترح المرحلة الثالثة إعادة توحيد قوات الأمن الليبية المنقسمة حاليًا بين أولئك الذين دافعوا عن حكومة طرابلس، وأولئك الذين يقاتلون من أجل المشير خليفة حفتر.

وقد تم تداول الاقتراح لعدة أسابيع بين المسؤولين الدبلوماسيين في الدول المعنية، وفقًا لمسؤولين مُطّلعين على المحادثات.وقال المسؤولون إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طرح الفكرة مباشرة في الأيام الأخيرة على نظرائه في الولايات المتحدة وتركيا. كما ناقشها مع الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال اجتماع مجموعة الدول السبع في بريطانيا، قبل أن يطرحها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل.

وذكر موقع بوليتيكو أن الهدف النهائي هو “زيادة الاستقرار في بلد على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي خلق تحديات الهجرة ومخاطر الإرهاب في أوروبا، وكان اللاعبون الرئيسيون يحاولون ترسيخ وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي”.ويرى أن “موقف حكومة الوحدة الوطنية لا يزال محفوفًا بالمخاطر قبل انتخابات ديسمبر، حيث يمتلك المشير خليفة حفتر دعما عسكريا كبيرا، ولا يزال المقاتلون المدعومون من تركيا وروسيا في البلاد. ومما يضاعف من هذه التحديات حقيقة أن تركيا وروسيا دخلتا الحرب على جانبين متعارضين- تركيا وراء حكومة طرابلس وروسيا وراء حفتر”.وأشار إلى أن الفكرة وراء خطة ماكرون هي “الاستفادة من ثقل الولايات المتحدة واستخدام ذلك كوسيلة ضغط للضغط على تركيا وروسيا لسحب القوات التابعة لهما. وأضافت أنه تحول تكتيكي بالنسبة لماكرون، حيث يتبنى نهجًا أكثر جماعية يمكن أن ينتهي به الأمر إلى تقديم فوز في السياسة الخارجية لشخص آخر – جو بايدن”.

وفي المقابل، لم تعلق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على المقترح الفرنسي، لكن المسؤولين الامريكيين أقروا بأنهم يعملون على تأمين انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا.ووفقا للأمم المتحدة، فان عدد الجنود الأجانب و المرتزقة في ليبيا بلغ منذ ديسمبر عام 2021، 20.000 ولم تظهر أي علامة على انسحابهم من البلاد منذ ذلك الحين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى