
سيقدمها أمام الجمعية العامة اليوم …رئيس اتحاد بلعباس مهدي جبار يعلن استقالته
بعد أسابيع من الجدل والانتقادات، خرج رئيس اتحاد بلعباس مهدي جبار عن صمته في أول ظهور إعلامي له منذ توليه رئاسة الفريق الموسم المنصرم، حيث عقد ندوة صحفية بملعب 24 فبراير رفقة نائبه نكروف جلول، وسط أجواء مشحونة فرضها غضب الشارع الرياضي العباسي الذي طالب برحيله وأعضاء مكتبه عقب البداية السلبية للفريق في البطولة.
فبعد مرور أربع جولات، لم يحصد الاتحاد سوى نقطتين من تعادلين وخسارتين، نتائج اعتبرها الأنصار مخيبة للآمال ودليلاً على فشل التسيير، ما جعلهم يصبّون جام غضبهم على الرئيس ومحيطه، واصفين إياهم بـ”حاشية الرئيس”.
في كلمته خلال الندوة، عاد مهدي جبار إلى الموسم الماضي، متحدثًا بمرارة عن ضياع حلم الصعود بعدما كان الفريق قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه. وأوضح أن التعثر أمام وداد تلمسان في آخر جولات الموسم كان صدمة غير متوقعة، قائلاً: “خسرنا في أربع دقائق فقط، كنا نطمح للصعود بدعم السلطات والأنصار والإعلام، لكن قدر الله ما شاء فعل.”وأضاف أنه فضّل الصمت بعد تلك الخيبة احترامًا لمشاعر الأنصار، مؤكدًا أن الصدمة كانت كبيرة وأن الجرح لم يلتئم بعد.وفيما يخص الانتدابات وتعيين المدرب سالم العوفي، أوضح الرئيس أن القرار تم بعد التشاور مع المعني، مشيدًا بخبرته وسيرته الذاتية الغنية، حيث كان وراء صعود عدة فرق من قبل. وأكد أن نية الإدارة كانت صادقة لتحقيق الصعود، لكن المنافسة مع فرق تملك إمكانات مالية كبيرة وفي مقدمتها وداد تلمسان كانت غير متكافئة. و قال جبار بصراحة: “لسنا خجولين من أنفسنا، حاولنا بكل نية صادقة، لكن الظروف لم تكن في صالحنا.”
وفي نهاية الندوة، أعلن مهدي جبار الجميع عزمه على تقديم الاستقالة رسميًا، مؤكدًا أن الوقت قد حان للرحيل بعد أن أصبح غير مرغوب فيه من طرف الأنصار و سيقدمها هذا اليوم الثلاثاء خلال الجمعية العامة أمام أعضاءه
من جهته، عبّر نائبه نكروف جلول عن استيائه من الوضع الحالي، مشيرًا إلى أن الانطلاقة المتعثرة للفريق مبرّرة إذا ما تم فهم الأسباب العميقة التي قادت إلى هذا التراجع، لكنه في الوقت ذاته اعترف بحق الجمهور في القلق والغضب.
بعيدًا عن النتائج التقنية، تطرق الحاضرون إلى جرحٍ أعمق يعاني منه اتحاد بلعباس منذ سنوات، وهو غياب رجال المال الحقيقيين الذين يمكنهم إنقاذ النادي من أزماته المتكررة.
فمنذ رحيل المرحوم حسناوي عكاشة، آخر من دعم الفريق من ماله الخاص دون انتظار مقابل، لم يجرؤ أي مستثمر على الاقتراب من النادي، بسبب بيئة يعتبرها الكثيرون “طاردة”، يسودها التهجم والاتهامات بدل الشراكة والدعم.فكيف يمكن يتساءل المتابعون لرجل أعمال أن يغامر بأمواله في فريقٍ يفتقر إلى ثقافة “السبونسور” ودعم المؤسسات، بينما يجد نفسه عرضة للتجريح والضرائب والانتقادات؟
تكرّر الوجوه نفسها في تسيير الاتحاد موسمًا بعد آخر، والعقلية نفسها تُعاد، والسيناريو لا يتغير: بحث عن البديل، ثم رحيل، ثم عودة إلى نقطة الصفر.وعلى عكس أندية أخرى تولد فيها قيادات جديدة كل موسم، يبقى اتحاد بلعباس رهين الإعانات الحكومية فقط، دون أي استثمار حقيقي أو دعمٍ مالي مستدام.وكانت اللحظة الفاصلة، حين عُرضت أسهم الشركة الرياضية للبيع، ولم يتقدم أحد لشرائها! وهي إشارة كافية لفهم عمق الأزمة: فالفريق ليس فقيرًا في تاريخه أو جماهيره، بل في غياب رجال المال والرؤية.
من المؤلم أن نرى ناديًا بتاريخ اتحاد بلعباس العريق يقف على حافة النسيان، لا لضعف إمكاناته أو جمهوره، بل بسبب غياب النية الصادقة في الإنقاذ وافتقار المدينة لرجال المال القادرين على إعادة البريق إلى الفريق.
ويبقى السؤال مفتوحًا: من يعيد الحياة إلى هذا الصرح الكروي قبل أن يُطوى اسمه من ذاكرة الكرة الجزائرية؟إن ما يعيشه اتحاد بلعباس اليوم ليس مجرد أزمة نتائج، بل أزمة منظومة كاملة تحتاج إلى إعادة بناء من الجذور.فبين إدارةٍ تفتقر إلى الدعم، وجمهورٍ أنهكه الانتظار، ومدينةٍ هجرت رجال المال من الملاعب، يجد الفريق نفسه في مفترق طرق خطير.وإذا لم تُوضع خطة إنقاذ شاملة تشمل إصلاح التسيير واستقطاب مستثمرين حقيقيين، فإن النادي قد يختفي تدريجيًا من المشهد الكروي الجزائري.فالاتحاد لا يحتاج فقط إلى مدرب جديد أو رئيس جديد، بل إلى فكر جديد يؤمن بأن كرة القدم ليست مغامرة موسمية، بل مشروعٌ مستدام ومسؤولية جماعية.
فتحي . م




