الثقافة

معركة سوق أهراس الكبرى تضاهي معارك الحرب العالمية الثانية”

تعد معركة سوق أهراس الكبرى التي دارت رحاها في 26 أبريل 1958 من بين أكبر معارك ثورة التحرير الوطنية، فهي تضاهي معارك الحرب العالمية الثانية بالنظر لمدتها التي استغرقت أسبوعا كاملا و لعدد الجنود و الأسلحة المستخدمة فيها من طرف جيش الاحتلال الفرنسي، كما أكده باحث في التاريخ.

وقال الباحث جمال ورتي من جامعة “محمد الشريف مساعدية” بسوق أهراس أن تعداد القوات الفرنسية في تلك المعركة، التي سيتم إحياء ذكراها ال63 يوم غد الاثنين، “يساوي ما استخدم في معركة من أكبر معارك الحرب العالمية الثانية”، إذ شاركت فيها أعنف وأشرس فرق الجيش الفرنسي وأكثرها تمرسا خلال الحرب العالمية الثانية وحرب الهند الصينية.

فلقد استعمل الاستعمار الفرنسي في تلك المعركة الفيلق 26 و151 و152 مشاة ميكانيكية والفيلقان 9 و12 للمظليين والفيلقان 8 و28 مدفعية بعيدة المدى وفريق اللفيف الأجنبي، كما أنها استمرت أسبوعا كاملا وامتدت من جبل بني صالح شرقا إلى حدود ولاية قالمة.

أما قوات جيش التحرير الوطني، فكانت ممثلة في الفيلق الرابع والكتائب التي كانت متجهة لإمداد الولايات الداخلية بالأسلحة وهي كتيبة تابعة لناحية الطاهير بقيادة يوسف بوعجيلي وتضم 135 مجاهدا وكتيبة ميلة بقيادة عبد الله باشا بها 135 مجاهدا كذلك وكتيبة ناحية سكيكدة بقيادة محمد يسعد تضم 125 مجاهدا، و كتيبة من الولاية الثالثة، وكان تسليح هذه الكتائب جيدا.وحسب ما ورد في وثائق تحصل عليها الباحث ورتي من المجاهد الراحل محمد يسعد، فإن الأسلحة التي كانت متجهة لناحية سكيكدة انطلاقا من الحدود التونسية – الجزائرية تتمثل في 6 رشاشات أ.ف.م 30 و90 بندقية موزار و49 قذيفة مورتي وكذا 6 آلاف طلقة عيار 9 ملم و3500 طلقة غيار 7 ملم و6800 طلقة غيار إ. أن.سي 303 و46 قنبلة يدوية وغيرها.وقد أسفرت تلك المعركة عن استشهاد 639 بطلا من مختلف مناطق الجزائر، وفقا لما أفاد به الباحث الذي لفت الى ان القوات الفرنسية تكبدت خلالها خسائر جسيمة، إذ استفاد جيش التحرير الوطني من المجال الجغرافي لميدان المعركة واستخدام تكتيك القتال المتلاحم، مما حيد سلاح الجو الفرنسي. وقد قتل آنذاك أبرز الضباط الفرنسيين في سلاح المظليين وهو النقيب بومون قتل ب “جبل لمواجن” بمنطقة “دكمة” ببلدية لحنانشة حاليا.

 

اختراق الحصار على طريق سوق أهراس-سدراتة عبر تيفاش

 

ورغم سد كل منافذ التقدم والحصار بطريق المواصلات رقم 7 الرابط بين سوق أهراس وسدراتة عبر منطقة تيفاش، بالآليات العسكرية لمنع عمليات العبور، إلا أن قوات جيش التحرير الوطني، نجحت في اختراق هذا الحصار. فبعد أسبوع وصلت المعركة إلى حدود منطقة قالمة، حيث نشرت جريدة “لا ديباش دو كونستونتين” آنذاك أن معارك رهيبة تدور بمنطقة “الكاف لعكس”، على حدود بلديتي لحنانشة (سوق أهراس) وحمام نبايل (قالمة)، حسب المعلومات التي بحوزة هذا المؤرخ.

وقد نجحت الكتيبة التي كان من ضمنها الملازم آيت مهدي سي مقران في العبور وإيصال السلاح إلى الولاية الثالثة التاريخية (القبائل الكبرى)، حيث استقبله العقيد عميروش وبعض الناجين من المعركة بمنطقة بونعمان بالقبائل الكبرى وبالتالي تظهر معركة سوق أهراس استثناء تحقيق خرق الحصار، كما لم تشهد المعركة استسلام أي مجاهد، وفق المتحدث .و قد نقلت فجريدة “لاديباش دو كونستونتين” في عددها 16230 الصادر في 30 أبريل 1958 اختراق الخط المكهرب من طرف قافلة من المجاهدين قدموا من غار الدماء (تونس) بعدما خضعوا لتدريبات عسكرية، ورغم تسخير فرنسا لقوات كبيرة لمحاولة صد العبور، فقد تمكن المجاهدون من التوغل داخل التراب الجزائري. واستنادا لنفس الجريدة فإن القتال كان أشد ضراوة من مساء 29 أبريل 1958 وبلغ حد الالتحام بالسلاح الأبيض.

وبرأي الباحث ورثي، فبفضل معركة سوق أهراس الكبرى، حققت الثورة التحريرية نصرا عسكريا وسياسيا رغم الفارق الكبير في ميزان القوة لصالح الجيش الفرنسي، حيث أظهرت الأحداث اللاحقة تصميما كبيرا على الرغم من تشديد المراقبة على الحدود الجزائرية التونسية بدليل أن عمليات العبور تتابعت.

كما اعتبر الباحث معركة سوق أهراس الكبرى “صورة من صور تلاحم الشعب الجزائري واتحاده على هدف واحد وهو مقاومة المحتل”، داعيا الشباب إلى الاهتمام بتاريخ الثورة التحريرية و جعل تلك الأحداث والمعارك البطولية “نبراسا ومثالا يقتدى به في التضحية والتصميم لبناء الجزائر الجديدة”.من جهته، يرى الأستاذ عثمان منادي من جامعة سوق أهراس أن معركة سوق أهراس الكبرى “جسدت البعد الوطني لثورة التحرير الجزائرية، إذ امتزجت فيها دماء 639 شهيدا من مناطق كثيرة من الوطن على غرار جيجل وسكيكدة والمسيلة وبرج بوعريريج وسطيف”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى