الثقافة

الذكرى الـ 30 لرحيله :محمد خدة…فنان جسدت أعماله الموروث الثقافي و الحضاري الجزائري

حلت يوم أول أمس  الذكرى ال 30 لرحيل الفنان التشكيلي المبدع محمد خدة أحد مؤسسي الفن التشكيلي الجزائري المعاصر الذي اشتغل كثيرا على الواقع و الموروث الثقافي و الحضاري الجزائري.

كان هذا الفنان المبدع غيورا على التراث و سعى عبر إبداعاته الى إبراز جوانب هامة من هذا الموروث خاصة فن الارابيسك الذي استحوذ عليه الغربيون كما اكدته زوجته نجاة خدة بمناسبة معرض تكريم اقامه المتحف الوطني للفنون الجميلة تخليدا لروح الفقيد  في ديسمبر 2016.و قالت السيدة نجاة خدة بخصوص الراحل انه عمل كفنان جزائري على “تطوير ثقافة جزائرية محضة و أجرى بحوثا في” التقاليد الثقافية ” و لم يقتصر على الجانب الفلكلوري”.

عرف هذا التشكيلي الكبير ايضا باهتمامه بالطلاسم و الرموز الموجودة في الموروث الشعبي التي حاول فكها عن طريق الريشة.يتميز عمل خدة المولود بمستغانم  في 14 مارس 1930 بثراء و تنوع فني حيث جمع بين الرسم التجريدي و النحت و الخط العربي الذي عمل توظيفه كعنصر في الفن التشكيلي وصرح بهذا الشأن في مناسبات عدة “استعمل الحروف ليقول ما لم يقوله النص”.

اجتهد خدة الذي تعد أعماله علامة فارقة في مسار الفن التشكيلي الجزائري المعاصر مع جيل من الرسامين الجزائريين إيجاد “توليفة بين إرث الخط العربي والمدرسة التجريدية الغربية كما اهتم ايضا بالعمارة الإسلامية والنحت.كما يتميز مساره بغزارة اعماله حيث عرض متحف الفنون الجميلة بمناسبة تكريم الراحل  اكثر من 130 لوحة تمثل مختلف المراحل و المحطات التي كان لها اثر في أعمال  الفنان منها لوحات ملك لمتحف وأخرى تابعة لعائلة خدة  تنوعت بين الرسومات بالألوان المائية التي ميزت خاصة الفترة الاولى من المسار الفني لخدة ولوحات تجريدية تعد من الأعمال الهامة والأكثر نضجا الى جانب منحوتات واعمال تنتمي للفنون البيانية .

تناول الكثير من النقاد و الصحافيين أعمال خدة الذي خصصت له مجموعة من الكتب والمقالات التي تناولت انجازاته و شهادات من أصدقائه المقربين مثل بشير حاج علي و عبد القادر علولة و غيرهم.و قام خدة طيلة مساره الثري بالإبداعات بإنجاز مجموعة من الملصقات الخاصة بأعمال مسرحية مثل مسرحية “بني كلبون” لولد عبد الرحمان كاكي سنة  1974التي صمم أيضا ديكوراتها و كذا أعمال علولة الى جانب ملصقات احداث سياسية و ثقافية هامة نظمت في الجزائر في السبعينات و الثمانينات.

واشتهر ايضا برسم اغلفة روايات كبار الكتاب الجزائريين أمثال رشيد بوجدرة الى جانب اهتمامه بتصميم الأزياء والديكورات لمسرحيات جزائرية.عاش الفنان طفوله صعبة و اجبرته ظروف اسرته للعمل صغيرا في مطبعة لمساعدة والديه الكفيفين ومنذ صباه اتجه للرسم والألوان حيث شرع في تعليم نفسه الرسم عن طريق المراسلة قبل الالتحاق بمدرسة للفنون في مدينة وهران.

وانتقل عام  1953 إلى باريس حيث عمل في مرسم غراندشومير المعروف في العاصمة الفرنسية ومكث هناك 10 سنوات وعاد بعد الاستقلال  إلى الجزائر في  1962 حيث أقام أول معرض له تحت عنوان “السلام الضائع” في عام 1963.وتبعته العديد من المعارض داخل الجزائر وخارجها كما اشتهر واقتنت متاحف جزائرية وعالمية أعمال فنية لخدة في مقدمتها المتحف الوطني للفنون الجميلة بالجزائر ومتحف الفن الحديث بباريس.

وجمع الرسام الذي وافته المنية في 4 ماي 1991 أعماله الفنية في كتابين هما “معطيات من أجل فن جديد” و “صفحات متناثرة مترابطة”.و احتفل محرك البحث غوغل في 14 مارس 2020 بذكرى ميلاد الفنان التشكيلي محمد خدة مما يؤكد المكانة التي يحظى بها هذا الفنان المبدع.و تبقى امنية عائلة محمد خدة بعد مضي ثلاثين سنة عن رحيله هي تحويل مسكن و ورشة الفنان الى متحف خاص باعماله كما عبرت عنه زوجته في عدة مناسبات.

ق.ث/الوكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى