الدوليعاجل

المحلل السياسي الصحراوي “محمد لحسن بشير” لمنبر القراء:الحكومة في المغرب مجرد تأثيث لاكتمال المشهد الديمقراطي

 بعد الصفعة التي تلقاها حزب العدالة والتنمية من طرف الشعب، وحصوله على 12 مقعد بدلا من 113 مقعدا مثل العهدة النيابية الماضية، كعقاب له، واستقالة قيادته مباشرة، اعترافا بفشلها بعد 10 سنوات من قيادتها للحكومة، وما تكبده الشعب المغربي من تراجع للقدرة الشرائية، ارتفاع نسبة الجريمة، انهيار الاقتصاد، ازدياد دائرة الفقر، بفعل القرارات المناقضة لرغبة الشعب، تقنين تجارة المخدرات وآخرها التطبيع. مما جعل الشعب يكتشف حقيقة أولئك الذين استغلوا الدين للوصول إلى مراكز القرار، ويؤكد أنهم لم يكونوا سوى أداة مخزنية تستغل لقهر الشعب وتطلعاته. وبفوز حزب التجمع الوطني للأحرار لصاحبه “آخنوش” المقرب من الملك والمستوزر لسنوات، وعلمانية حزبه. هل سيكون هناك تغيير على مستوى القرارات الداخلية والخارجية؟ وهل ستحقق حكومة “آخنوش” ما عجزت عنه حكومة “سعد الدين العثماني”؟  هذا ما حاولنا الإجابة عنه في اتصال ليومية منبر القراء مع المحلل السياسي الصحراوي “محمد لحسن بشير”، في الحوار الآتي:

 

ما هي قراءتك للخارطة الانتخابية المغربية؟

 

القراءة الأولية لنتائج الانتخابات التشريعية، هي عودة نظام المخزن إلى سياسته المعروفة، من خلال تولية الأحزاب المخزنية، لأن الأحزاب في المخزن عبارة عن أدوات لهذا النظام الديكتاتوري. والآن عادت الوضعية إلى ما كانت عليه قبل سنة 2011، عندما فرضت الظروف الإقليمية والعربية إدخال مكون جديد ألا وهو الإسلاميين في السلطة، انقضت المرحلة التي كان المخزن يحتاج فيها إلى إسلاميين، وانتهى اليوم دورهم. بعدما تم توريطهم في كل أنواع الفساد والفقر، والظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يشهدها المغرب، بالإضافة إلى قرارات أخرى، تعمد نظام المخزن إلى أن يكون خلفها الإسلاميون، من أجل توريطهم بشكل مباشر، ومن أجل مثلما يقال “مسح السكين فيهم”. وأتحدث هنا عن قرارين مهمين بالنسبة للشعب المغربي، أولا تشريع استخدام وبيع المخدرات، هذا قرار لا يمكن لعاقل أن يفكر في قيام إسلامي بتشريعه، والقرار الآخر هو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد تم ذلك في عهد حكم حزب العدالة والتنمية. وقد استعمل المخزن الحزب الإسلامي المذكور، لتنفيذ القمع بدخوله السلطة. الخارطة السياسية اليوم تغوِل المال السياسي وعودة أحزاب المخزن للواجهة، وبالتالي سيعود المغرب إلى زواج المتعة بين الفساد والمال السياسي.

 

ما هي أسباب الإنهزام الساحق لحزب العدالة والتنمية؟

 

الأسباب متعددة، أولا، 10 سنوات وحزب العدالة والتنمية في السلطة، هذه الفترة طويلة. لا يمكن لأي حزب أن يبقى داخل منظومة الحكم بأي دولة، دون أن تكون له إنجازات حقيقية على الميدان. في البلدان الديمقراطية الأوروبية، الأحزاب تحقق نتائج كبيرة جدا ومع ذلك تخسر الانتخابات. 10 سنوات هي فترة طويلة، هناك يأس، ملل وقنوط من الشعب المغربي، الذي أراد التجديد وطرد الإسلاميين من الحكم. بالإضافة أن الإسلاميين بدلوا هويتهم، صوت عليهم الشعب المغربي في إطار الربيع العربي، وجاؤوا كمنقذين لأنهم يُعرفون في المخيال الشعبي أنهم أناس نظيفون، متدينون، لكن بعد مرور 10 سنوات، تأكد أنهم لا هم نظيفون ولا هم صادقون، بل تورطوا في الفساد حتى النخاع، حيث شرّعوا تجارة المخدرات، وطبّعوا مع الصهاينة، وقمعوا الأساتذة، واستخدموا أجهزة القمع في النظام المخزني، لضرب الفئات الهشة، وارتفعت الأسعار، وتدهورت الأمور. وبالتالي  هناك أسباب مباشرة، اجتماعية واقتصادية، أدت إلى تدهور سمعة الإسلاميين، وخروجهم من السلطة، هذا إذا  كنا نسلم بأن الانتخابات كانت نزيهة، رغم ما شابها من خروقات كبيرة جدا أدت حد التناحر.

 

إحصائيات وزارة الداخلية المغربية، تشير إلى مشاركة مهمة للمواطنين بالمناطق المحتلة، هل هؤلاء هم الصحراويين؟ هل يقصدون بمشاركتهم اعترافهم بمغربية الصحراء؟

 

من المعروف أن مناطق الصحراء الغربية المحتلة، تحتل أهمية سياسية خاصة في نظام الاحتلال المغربي، لا يهم أن النظام المخزني، أن تكون هناك مشاركة كبيرة جدا في مدينة الدار البيضاء، أو الرباط، أو مراكش، أو أية مدينة مغربية أخرى، بقدر ما يهمه أن تكون هناك مشاركة من الخونة، ومن أعوان الاحتلال المغربي، في الانتخابات بالمناطق المحتلة بالصحراء الغربية. بالإضافة إلى أن في تلك المناطق أذكى الاحتلال المغربي القبلية، وهو مجتمع قبلي حتى النخاع، وحول الأحزاب إلى كنتونات قبلية، كل قبيلة لها حزب تتحمل قيادة هذا الحزب لفترة طويلة، وهناك عائلات ارستقراطية، تتوارث زعامة الأحزاب في المناطق الصحراوية، وفي المناطق الصحراوية المحتلة تتوارثها أبا عن جد، ونتحدث هنا عن عائلات آل الرشيد، جماني والدرهم وغيرها من العائلات الصحراوية، التي تخدم أجندة الاحتلال المغربي في المناطق الصحراوية المحتلة، وتتلقى مصالح وعمولات مقابل ذلك. هذه العائلات احتكرت المشهد السياسي بتلك المناطق، ووجدت مصلحة لها مع مصلحة الاحتلال في إبراز المشاركة السياسية هناك. وهناك أيضا مقاطعة، عمل مناضلي الجبهة الشعبية للساقية الحمراء ووادي الذهب في المناطق المحتلة، على تنظيم حملات مقاطعة واسعة جدا، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو على الميدان، عبر توزيع الأعلام الوطنية الصحراوية، والخروج أمام بعض المكاتب بالمناطق المحتلة.

 

كيف ستكون الحكومة المغربية القادمة؟

 

أتوقع أن الحكومة المغربية القادمة، لن تشهد صعوبة في تشكيلها. الحكومة السابقة صحيح كانت بقيادة الإسلاميين، لكنها كانت تضم توليفة من الأحزاب الأخرى، وهو ما شكل عامل ضعف بالنسبة لها. اليوم هناك حزبين رئيسيين يسيطران على المشهد السياسي المغربي، لن يجدا صعوبة في تشكيل الحكومة، خاصة وأنهما على الأقل الحزب الأول حزب “عزيز آخنوش” رجل الأعمال الثاني الأكثر ثراء بعد الملك، والمقرب منه والذي كان وزيرا للفلاحة. في تصوري سيجد المخزن تناغما كبيرا بين الحكومة، القصر الملكي وباقي أجهزة الدولة، بعدما سيتم التخلص من الإسلاميين. لهذا سيكون تشكيل الحكومة سهلا خاصة أن الحزب الفائز الثاني هنأ الحزب الأول على فوزه، ولن تكون هناك حاجة للأحزاب الصغيرة كالتنمية والعدالة.

 

هل ستؤثر نتائج الانتخابات التشريعية على مسار القضية الصحراوية؟

 

لا أرى أي تأثير للانتخابات على قضية الصحراء، هناك عشرات الإنتخابات التي أجريت بعيدا عن القضية  سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لا علاقة لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية بالشأن الداخلي للمغرب. والانتخابات حتى وإن تم تنظيمها بالمناطق الصحراوية المحتلة، فلأنها تخضع للاحتلال المغربي وبالتالي ومن الطبيعي أن تشهد تنظيم الانتخابات. إلا أنه لا مجال حتى للمقارنة، فمسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية هو ملف بيد الأمم المتحدة. هناك مسار سياسي، هناك حرب قائمة من طرف جيش التحرير الصحراوي، ولا علاقة للموضوع بالقضية الصحراوية. حتى أن موضوع الصحراء الغربية لا يطرح ضمن برامج الحملات الانتخابية المغربية، فقضية الصحراء الغربية لا تديرها الأحزاب. الحزب الذي يأتي إلى السلطة يسمح له بإدارة الشؤون الداخلية، كرفع القمامة من البلديات، ومنع المظاهرات، وإرسال الشرطة لقمع المظاهرات. لكن القضية الصحراوية يديرها القصر وجهاز المخابرات، بعيدا جدا عن أي حكومة، سواء كانت إسلامية أو ليبيرالية أو أية شكل من الأشكال كانت.

 

هل سقوط الإخوان بالمغرب سيؤثر على العلاقة المغربية الصهيونية؟

 

لا أعتقد أن خسارة الحزب ستؤثر على العلاقة، على اعتبار أن القرار أساسا،  لم يكن من حزب العدالة والتنمية، بل كان من المخزن. وبالتالي التطبيع كان قرارا مخزنيا بامتياز، قرار الملك وحاشيته. ولم يتأثر بوجود أي حزب في السلطة لأن “سعد الدين العثماني” أجبر على ذلك، كونه موجود بذلك المنصب كرئيس للحكومة، ولو كان غيره هناك، كان وافق، فالحكومة في المغرب وجودها رمزيا، صوريا، فقط للديكور والتأثيث، من أجل المشهد الديمقراطي لا أكثر ولا أقل.

 

حاورته: ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى