المحلل السياسي اللبناني “جو معكرون” لمنبر القراء:”السعودية غير مستعدة لتمويل لبنان ولا حل خارج صندوق النقد الدولي”
أخيرا و بعد مرور عام على التناحر السياسي، عقب فشل تشكيل حكومة، وعقب رحيل الحكومة السابقة، بعد انفجار مرفأ بيروت، تمكن السياسي “نجيب ميقاتي” من تشكيل فريق عمل كما وصفه، استجابة للضغوط الخارجية ومحاولة لتجنيب لبنان حربا أهلية، بعد تردي الوضع الاقتصادي، وسحب الشعب لثقته من المسؤولين. الطاقم الحكومي الجديد سيعمل حسب “ميقاتي” على تحسين الوضع الاقتصادي للبنانيين، إعادة بعث العلاقات مع العالم العربي والتحضير للانتخابات المقررة في ماي 2022.
ولمعرفة مدى ثقل وحجم الحكومة الجديدة ومدى قدرتها على رفع التحديات المذكورة، تواصلت يومية “منبر القراء” مع المحلل السياسي اللبناني “جو معكرون”، وأجرت الحوار الآتي:
هل ستنجح حكومة “ميقاتي” الجديدة في كسب ثقة اللبنانيين؟
ظروف تشكيل هذه الحكومة لا يوحي بالثقة، لأنها أتت بضغوط دولية، وضمن تقاسم حصص بين الطبقة السياسية. وهي تشكيلة حكومية لا تلبي طموحات اللبنانيين، ولا ترتقي إلى مسؤولية الخروج من الانهيار الاقتصادي المستمر. بعض الأسماء في هذه الحكومة تتمتع بالمصداقية، لكن أخرى ليس لديها خبرة في الشأن العام، أو لم تتول حقيبة وزارية ضمن اختصاصها. لابد من انتظار الأسابيع الأولى على الأقل، لإجراء تقييم لأداء هذه الحكومة. لكن نظرا للمصالح السياسية، التي أدت إلى تشكيلها، أستبعد أن يكون هناك نوايا جدية، لإجراء إصلاحات اقتصادية، أو محاسبة من سرق المال العام، و المتورطين في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
الوضع الاقتصادي اللبناني منهار، هل هذا مؤشرا على فوضى اجتماعية (ثورة جوع) قادمة؟
الفوضى الاجتماعية قائمة بسبب الغياب الفاضح للدولة في إدارة الانهيار والحد من تداعياته، والمظاهرات الشعبية ستستمر، لأن لا أفق للخروج من هذا الوضع الاقتصادي، بدون خيارات صعبة. لا يبدو أن هذه الطبقة السياسية، مستعدة لاتخاذها قبل الانتخابات النيابية في شهر مايو المقبل. أولى تحديات هذه الحكومة، هي محاولة استعادة هذا الانتظام العام بحده الأدنى على الأقل.
“ميقاتي” أكد أن لبنان بحاجة إلى دعم العرب وستعمل على العودة إليهم، كيف ذلك؟
“ميقاتي” كما أسلافه في هذا المنصب، يسعى لعودة لبنان إلى عمقه العربي، وذلك عبر ربطه بالغاز المصري عبر الأردن وسوريا، ومحاولة استعادة الدعم المالي الخليجي. لكن حتى الآن لا يبدو أن السعودية راغبة بهذا الأمر. العامل الثاني، مرتبط بموقف المجتمع الدولي من الإصلاحات التي ستقوم بها الحكومة اللبنانية، وهذا سيعطي الغطاء لبعض الدعم العربي إلى لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية.
الوقود والكهرباء مفقودان بلبنان، وسوريا أبدت موافقتها على تزويده، هل سينجح لبنان في هذا؟
حتى الآن الإجتماعات مستمرة والنوايا جدية، لكن مشروع نقل الغاز المصري لا يغطي إلا جزءا من حاجات لبنان، ولا بديل عن إصلاح جذري، وطويل الأمد لقطاع الكهرباء. الوقود ليس مفقودا في لبنان، بل الأزمة مفتعلة عبر ممارسات السوق السوداء، التي تسعى لتخزين الوقود لبيعه في وقت لاحق، بسعر أعلى بعد رفع الدعم الحكومي. أبرز مهمات الحكومة الجديدة أن تملك الجرأة لتفكيك هذه الممارسات الإحتكارية.
الأوضاع العربية سيئة حاليا،هل ستمد البلدان العربية يدها لصاحبة شجرة الأرز بسهولة ؟
هناك جاهزية للمساعدة من بلدان مثل الأردن والعراق التي تريد أن يكون لبنان ضمن دينامكيتها الاقتصادية الإقليمية وهناك دول عربية مثل السعودية تقول أنها لن توفر المساعدة المالية المباشرة إلى لبنان طالما حزب الله يسيطر على الحكومة. لم يعد هناك مساعدات مجانية إلى لبنان كما كان الحال في الماضي، الطريق الوحيد حتى الآن، هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لتوفير قروض بشروط ضمن خطة إصلاحية واضحة الملامح، تلبي تطلعات اللبنانيين ويكون هناك إجماع داخلي حولها.
لبنان علاقتها فاترة مع الجزائر، لماذا هذا البرود؟ وهل هناك إمكانية لتقويتها مستقبلا؟ وعلى أي مستوى يمكن ذلك؟
كل من لبنان والجزائر مشغولين بالهموم الداخلية لهما، ولم يكن هناك محاولة دبلوماسية جدية من الطرفين للتواصل، لكن ليس هناك سبب مباشر يمنع ذلك. لابد أن يضع لبنان خطة في هذا المجال ويتم التواصل عبر سفارة لبنان في الجزائر، أو زيارة لوزير الخارجية اللبناني الجديد “عبدالله بو حبيب”. هناك فرص دبلوماسية واقتصادية للطرفين في حال توفرت النوايا للتواصل.
حاورته: ميمي قلان