بشار: الدعوة إلى تصنيف احتفالية المولد النبوي الشريف التي تشتهر بها بني عباس
أبرزت الجمعية المحلية للتضامن و إحياء التقاليد “وروروت” أهمية تصنيف احتفالية المولد النبوي الشريف (ذكرى مولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ) بسجل التراث الديني والثقافي الوطني باعتبارها واحدة من أكبر الاحتفالات الدينية والثقافية التي تشتهر بها منطقة بني عباس التي تجري في أجواء فريدة من نوعها سواء على مستوى الجزائر أو الدول المغاربية.
وأوضح في هذا الصدد رئيس الجمعية عبد القادر تلماني بقوله “أن جمعيتنا وعديد مكونات المجتمع المدني بولاية بني عباس يعتقدون أنه حان الوقت لتصنيف هذه الاحتفالية الدينية والثقافية الكبرى في سجل التراث الوطني اللامادي واستحداث هيئة رسمية لتنشيطها بما يعزز تنظيم إحياء هذه الذكرى الدينية العظيمة”. ويحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف بزخم كبير سنويا بفضل عديد أشكال الدعم والهبات التي تقدمها ساكنة بني عباس وغيرها من المناطق الأخرى بجنوب غرب البلاد، حيث شهدت خلال العشر (10) سنوات الماضية إقبالا كبيرا من قبل الزوار الوطنيين الذين يعدون بالآلاف الذين يتقاطرون على المنطقة للمشاركة في مختلف الأنشطة المنظمة بذات المناسبة .ولهذا السبب، يضيف رئيس الجمعية، أنه “يؤمل في تصنيف بالسجل الوطني للتراث اللامادي بهدف استدامتها”.
ويتم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ببني عباس في أجواء تقليدية خالصة مستوحاة من عمق التاريخ العريق التي تشتهر به هذه المنطقة، حيث مشاهد ثرية من الطبوع التراثية والحركات الراقصة المليئة بالألوان والتي تتواصل على مدى سبعة أيام وعادة وتحسبا لإقامة هذه الاحتفالية الشعبية والدينية المتوارثة تقام أشغال طلاء الأضرحة وغيرها من الأماكن الدينية تبركا وتقديرا للشخصيات الدينية المعروفة بهذه المنطقة من جنوب غرب البلاد، على غرار مؤسس المدينة سيدي عثمان غريب، إلى جانب تنظيم احتفاليات دينية من ضمنها حلقات يومية لتلاوة القرآن الكريم التي تتواصل لمدة سبعة أيام و أخرى للذكر عبر المساجد والمدارس القرآنية التي تساهم بشكل كبير في إنجاح هذا الاحتفالية في أوساط الساكنة، كما يشرح باحثون محليون مهتمون بالتراث . ومن خلال مختلف الاحتفالات الدينية والثقافية، يعبر آلاف المشاركين في هذه الفعاليات عن مدى تشبثهم بالدين الإسلامي وبصاحب الرسالة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم،1 حيث تسود مشاعر الفرح والتضامن للتعايش الجماعي في فضاء يتعدى نطاق العائلة و هو القصر والجماعة و المدينة أو المنطقة .
المولد النبوي الشريف….. حدث ديني واجتماعي-ثقافي
وذكر السيد تلماني “أن المشاركة في هذا الموعد الديني المقدس يعد واجبا و وفاءا ومساهمة فعالة في هذا الحدث الديني والثقافي و الاجتماعي الذي يميز التاريخ الإسلامي بمنطقة الجنوب الغربي للوطن”.وتشارك هذه الجمعية بشكل فعال في تنظيم وسير هذه الاحتفالية التي عادة ما تنطلق وقائعها بسهرات للإنشاد وترديد المدائح الدينية التي تتغنى بشمائل وخصال خاتم الأنبياء والمرسلين (ص)، سيما منها قصائد “الهمزية” و” البردة” والمولدية”، وذلك عبر سائر مساجد بني عباس والمدن المجاورة لها .وعلى هامش السهرات الدينية، تنظم تظاهرة “هيبوس ” أو ما يمسى بـ” لعبار” والتي تتمثل في وزن كميات من السميد التي ستقوم النسوة بفتلها لإعداد الكسكسي الذي سيوجه لفائدة المدعوين والأتباع، كما تم شرحه.
وتظل تظاهرة “الفازعة” دوما من المشاهد الأساسية التي تصنع الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف ببني عباس و التي تصنعها فرق البارود (أصحاب البارود) التي تتكون من مئات الأفراد الذين يصنعون ديكورا جماعيا في أجواء مليئة بالألوان والأشكال الذين توافدوا من شتى قصور وبلديات الولايات الجنوب الغربي للوطن. ويتم دعوة هذه الفرق من الفولكلور الشعبي سواء من طرف الساكنة أو الحركة الجمعوية من أجل إعطاء زخم لهذه التظاهرة الدينية الكبرى بساحة بني عباس المعروفة بتسمية “مصريا”، كما هي التقاليد منذ أكثر من ألفية، يقول السيد تلماني .
وعادة ما تسبق فعاليات هذه الاحتفالية الدينية الكبيرة بتلاوة فاتحة القرآن الكريم من قبل آلاف الأتباع الحاضرين بهذه المناسبة ببني عباس . وبالنسبة لهذه السنة، فإنه يسجل حضور آلاف الأشخاص من شتى مناطق جنوب-غرب البلاد ومن مختلف أنحاء الوطن الذين توافدوا للمشاركة في احتفالية المولد النبوي الشريف والتي في طريقها التحول إلى أحد المنتجات السياحية المفضلة لدى الزوار الوطنيين. ولوحظ ازدحاما كبيرا للأتباع والسياح في الفنادق وبيوت الإقامة، فضلا عن المواقع ودور الضيافة حسب آلية ” السياحة لدى الساكن”، وهي الظاهرة التي تؤشر إلى انطلاق موسم سياحي واعد بالمنطقة، حسب مسؤولي مديرية السياحة والصناعة التقليدية .
ووضع جهاز أمني كبير من قبل مصالح أمن ولايتي بشار وبني عباس ومن قبل سلك الدرك الوطني بهدف تأمين سير هذه التظاهرة الشعبية والدينية وتنظيم حركة المرور، سيما على مستوى محور الطريق الوطني /6/ في مقطعه الرابط بين بشار وبني عباس على مسافة 240 كلم .كما سخرت أيضا أجهزة أخرى للتدخل والإسعاف الطبي من قبل المصالح المحلية للحماية المدنية والصحة والسكان لضمان ظروف أفضل لسير وقائع هذه الاحتفالية التي انطلقت فعالياتها أمسية الاثنين.
ق.ح/الوكالات