بعد خمس سنوات من وفاته… محمد الطاهر الفرقاني لا زال يجسد روح المالوف
رحلت قبل خمس سنوات من الان، قامة من قامات الثقافة الجزائرية، و مرجع ثري للموسيقى الأندلسية، محمد الطاهر الفرقاني، الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب، في تراث المالوف، وفي قلوب عشاق هذا الفن بعد حياة طويلة كرسها لهذ النوع من الموسيقى.و اذا كان اسم الفرقاني مقرونا بالتاريخ المعاصر لمدينة قسنطينة و ثقافتها عبر المالوف و غناء لفكيرات و الطرز، فان محمد الطاهر الفرقاني، يشكل هوية فنية لهذه المدينة و المركز التاريخي العتيق للترات الثقافي المرموق.
و يشكل “الحاج” كما يدعوه عشاقه، مرجعا موسيقيا و مدرسة تبناها مئات الفنانين الشباب و الموسيقيين حتى وان لم يدرس الموسيقى يوما بشكل تقليدي، الا ان فرقته الموسيقية شكلت فضلا عن تعليم قدور درسوني (1927-2020) بالكونسرفاتوار احدى ارقي اقسام المالوف.
و يعتبر نجله سليم، الذي يعد القيم الاول عن تراثه، ان والده انسان متواضع و خدوم و كريم و لكن ايضا رئيس جوق يقود مجموعته “بأذن موسيقية راقية جدا يستمع بامعان و يصحح كل اداة موسيقية من الحركة الاولى”.كما ان فن محمد الطاهر الفرقاني، الذي ورثه عن والده حمو، لايزال يشع كذلك على المدارس الاندلسية الاخرى في الجزائر كما يشهد على ذلك كريم بوغازي، مغني المدرسة الغرناطية بتلمسان الذي يؤكد انه “تأثر بفنه و طريقة غنائه حتى و ان كان من مدرسة مختلفة”.و يعترف له كذلك في تلمسان بتواضعه و ارثه الهام، -حسب ما اكده ناصر غفور، الذي يرى فيه “مدرسة كبرى ينشطها اليوم كل اولئك الذين تعلموا لديه على غرار نجله سليم، الذي يدرس الموسيقى في فرنسا وحفيده عدلان الذي استلم المشعل على الساحة.
من جانبه اشاد فنان المالوف الاكثر بروزا منذ سنوات، عباس ريغي، “بايقونة و شخصية ذات بعد دولي ترك بصمته في جيل عصره و دون اسمه في تاريخ المالوف و التراث الجزائري بشكل دائم”.
كما اكد ايضا ان محمد الطاهر فرقاني يبقى قدوته و “مرجعا للشباب الحالي و حتى جيلي ال70 و ال80”.و على الرغم من التفاعل الذي تشهده الساحة الفنية في فن المالوف الا ان الفراغ الذي تركه محمد الطاهر الفرقاني “يصعب ملؤه”، في نظر الموسيقي نور الدين سعودي، الذي يرى ان لدى الفنان “صفات صوتية طبيعية فريدة من نوعها” و “تراث موسيقي غني جدا”.
تجدر الاشارة الى ان محمد الطاهر الفرقاني قد ولد بقسنطينة في سنة 1928، حيث تعلم في مشواره فن الطرز على يد شقيقيه، اما بداية مشواره الفني فكان بالاغنية الشرقية قبل ان يغير مساره و يتجه نحو المالوف تحت تاثير شيخيه حسونة علي خوجة و بابا عبيد.بعد تسجيل اول له في سنة 1951، قام الفنان بتحسين فنه لدى كبار الاسماء في الموسيقي الاندلسية على غرار دحمان بن عاشور وعبد الكريم دالي ليتحكم في جميع الآلات الموسيقية التقليدية و يصبح مشهورا بحركة قوس كمانه الفريدة و دقته في العزف على العود و بشكل خاص لرنة صوته النادرة.
و يتضمن رصيده الفني مئات التسجيلات لأغاني المالوف و كذلك انواع موسيقية اخرى مثل المحجوز و الزجول و الحوزي.و يعود اخر ظهور لمحمد الطاهر الفرقاني على الساحة الفنية الى شهر يوليو 2015 بمناسبة التكريم الذي خصصه لوالده حمو الفرقاني و شقيقه محمد الصديق المدعو زواوي في اطار تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”.و توفي صاحب اغاني”البوغي” و قالو لعرب قالو” و”يا الظلمة”، ذات 7 ديسمبر 2016.
ق.ث/الوكالات