شكلت فترة رئاسة السيد عبد المجيد تبون للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، طابعا استثنائيا من دون أدنى شك حيث كانت أربع سنوات فريدة من نوعها، ومختلفة تماما عن فترات الرؤساء السابقين.
باختصار، لقد فرض الرئيس تبون أسلوبه الخاص في إدارة شؤون البلاد ولا يختلف اثنان على الطريقة الاستثنائية للاتصال التي تبناها رئيس الجمهورية في التواصل مع الجزائريين والجزائريات، متخذا في ذلك نمطا يتركز على عفويته المعهودة وطبيعته العادية، كسب من خلالها إعجاب ملايين المواطنين وتأثرهم به، وهم الذين التفوا حول مشروع بناء الجزائر الجديدة، لاسيما وأن الرئيس تبون نجح في كسر كل الحواجز بينه وبين شعبه، معتمدا على شخصيته التي تجمع الأخلاق والنزاهة والبساطة والصرامة والعزم، والأهم حسن القيادة.
فترة أربع سنوات من رئاسته إستثنائية و فريدة كسر فيها كل الحواجز بينه وبين شعبه
إن الرئيس عبد المجيد تبون المتمكن من إدارة المواقف، قرر التأسيس لخطاب سنوي موجه للأمة أمام غرفتي البرلمان مجتمعتين. وبداية من نهاية السنة الجارية 2023، سيمتثل رئيس الجمهورية لهذا النشاط الدستوري المسمى “خطاب للأمة”، وسيشكل فرصة للرئيس لمخاطبة ممثلي الشعب، من أجل تقييم إنجازات السنة الجارية.
كما سيمثل هذا الخطاب السنوي، بالنسبة إلى الرئيس، مناسبة أيضا لتقييم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا السياسة الخارجية للبلاد، دون إغفال تحديد آفاق السنة الموالية.وبصورة استثنائية، سيكون الخطاب الموجه للأمة من قبل الرئيس تبون، نظرالاعتباره سابقة، المقرر نهاية سنة 2023، ذو طابع خاص، لأنه سيشمل تقييما كاملا للأربع سنوات الماضية.
سياسة اجتماعه رشيدة قوامها كرامة الجزائري في الداخل والخارج
و المتابع للسياسة التنموية بالجزائر يدرك أنّ ما يصطلح عليه بـ” السياسة الاجتماعية للدولة ” تشكل واحدة من الثوابت الأساسية منذ الاستقلال ويتم التأكيد عليها رغم تعاقب الحكومات واشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.وأكثر من كونه مجرد سياسة تعتبر السلطات الجزائرية هذا التوجه بمثابة مبدأ راسخ مستمد من روح الثورة الجزائرية وما قرّره آباء الثورة ومحرّرو البلاد من براثن المستعمر الذي فقّر وجهّل الشعب.
ومن هذا المنطلق أكّد الرئيس تبون في الـ 11 ديسمبر 2023 بمناسبة افتتاح أشغال الملتقى الدولي “مكتسبات اجتماعية برهانات اقتصادية “،على الطابع الاجتماعي للدّولة الجزائرية بقوله “يعتبر مبدأ ثابتا خلّده بيان أول نوفمبر الّذي أَرسى أسس سياسة الحماية الاجتماعية الـمبْنيَة على مبدأِ العَدالة وتكافؤِ الفرص”.وقد شرع رئيس الجمهورية في تجسيد هذه السياسة المدرجة ضمن التزاماته الـ 54 تيمنا بتاريخ اندلاع الثورة التحريرية المباركة وذلك منذ انتخابه رئيسا للجمهورية الجزائرية في استحقاق الـ ـ12 ديسمبر 2019 رغم…
قرارات متميزة في الإبقاء على السياسة الاجتماعية رغم الظروف الصحية و الإقتصادية الصعبة
تميزت بداية عهدة الرئيس تبون بظروف اقتصادية واجتماعية وصحية صعبة أنهكت اقتصاديات العديد من الدول القوية خاصّة مع الازمة الصحية العالمية الناجمة عن انتشار الوباء العالمي “كوفيد 19” الذي كان على بلادنا التعامل معه وتسييره دون خبرة مسبقة وتزامن ذلك مع تراجع حاد في المداخيل من العملة الأجنبية من 60 مليار دولار سنة 2014 إلى أقل من 32 مليار سنة 2019 إلى جانب النزيف الذي شهده احتياطي الصرف من 194 مليار إلى أقل من 52 مليار خلال ذات الفترة.هذه الظروف وغيرها لم تكن لتدفع للتراجع عن السياسة الاجتماعية حيث قرّر رئيس الجمهورية عدّة اجراءات وتدابير لمواجهة الأزمة والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن وحماية مناصب الشغل وغيرها..فبالعودة إلى الوضع غير المستقر الذي عاشته الجزائر مثلها مثل بقية دول العالم في حينها التزمت الحكومة بمواصلة سياسة الدعم وتبنت تدابير لرفع القدرة المعيشة للمواطن مزجت بين الاقتصادية والاجتماعية.فقد أقرّ أحد اجتماعات مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في ماي 2020 ، إجراءات لفائدة الفئات الهشة نتج عنه رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بـ 2000 دينار جزائري ليرتفع من 18 الف إلى 20 الف دينار إضافة إلى الغاء الضريبة على الدخل الذي يساوي 30 الف دج .وفي ذات السياق قرّرّ الرئيس تبون منح مساعدة مالية قيمتها 10 ألاف دج للعائلات المعوزة اضافة إلى الدعم الخاص بشهر رمضان الكريم.هذا فضلا عن التدابير المتخذة لحماية مناصب الشغل جاء قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بمنح مساعدات مالية للمهنيين المتضررين من جائحة كورونا وتدابير الحجر الصحي والتي مسّت نحو 141 ألف حرفي استفادوا دعم يتراوح بين 30 ألف و90 ألف دج.وتواصلت هذه السياسة الاجتماعية للدولة الجزائرية طيلة الفترة الماضية حيث لا يخلو بيان للسياسة العامّة للحكومة من تخصيص حيز مهم للتكفل بمختلف الفئات خاصة الهشة تحت فصل ما يعرف بالتحويلات الاجتماعية التي تتجاوز في المتوسط 5 آلاف مليار دج سنويا في الميزانية العامّة للدولة.
تدابير للمتقاعدين والبطالين ومليون مستفيد من رفع منحة التضامن…
ومن بين التدابير تلك الموجهة لفئة المتقاعدين لتشمل منظومة التقاعد الجزائرية الرعايا الجزائريين المقيمين بالخارج وتدابير تهدف إلى تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين من خلال الزيادة في المعاشات والمنح حيث أسدى رئيس الجمهورية أوامر للحكومة برفع الحد الأدنى لمنح التقاعد في الجزائر إلى 15000 دج لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دج وإلى 20000 دج لمن كان يتقاضى 15000 دج لينسجم مع الحد الأدنى للأجور شهدت سنتي 2021 و2022 زيادات ترتب عنها أثر مالي قدّر بـ 93.44 مليار دينار.وفيما يتعلق بالبطالة، أمر الرئيس تبون برفع منحة البطالة من 13 ألف إلى 15 ألف دج صافية من كل الرسوم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطالين خلال فترة استفادتهم من المنحة.وقد استفاد من هذه المنحة 1.897.228 بطاّلا إلى غاية 31 اوت 2022، وترتّب عن ذلك أثر مالي قدره 108 مليارات دينار.وفي ذات سياق تنفيذ السياسة الاجتماعية للدولة قرّر رئيس الجمهورية خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء شهر افريل من السنة الجارية 2023، زيادة منحة المعاقين إلى 12 ألف دينار جزائري بدلا من 10 آلاف دينار جزائري .وفي التفصيل، رفع منحة التضامن إلى 12 ألف دينار لمن يتقاضى 10 آلاف دينار وإلى 7 آلاف دينار لمن يتقاضى حاليا 3 آلاف دينار، في مرحلة أولى، حيث ستشمل المراجعة قرابة مليون مستفيد”.
زيادات تصل إلى 47 بالمائة في أجور الموظفين و الإدماج المهني لآلاف الشاب
ولم تستثني الاجراءات ما يعزز هذا المكسب حيث أقر رئيس الجمهورية زيادة في الرواتب على مدى السنتين 2023 ـ 2024 ليتراوح مستواها سنويا ما بين 4500 دج إلى 8500 دج حسب الرتب، وهو ما يجعل الزيادات خلال السنوات الثلاثة 2022، 2023، 2024، تصل إلى نسبة 47 بالمائة.وسيمس نحو 2.8 مليون موظف ومتعاقد، أمّا الزيادات في القطاع الاقتصادي ستكون وفق الاتفاقيات الجماعية بين المتعامل والشريك الاجتماعي. هذا و ظل المستفيدون من مناصب شغل في إطار أجهزة دعم الدولة للتشغيل يطالبون على مدى سنوات بإدماجهم في مناصب عملهم حتى ينعمون بالاستقرار ورواتب لائقة وفي السياق قرر السيد الرئيس إدماج 600 ألف جزائري في مناصبهم بالقطاعات العمومية في أكبر عملية من نوعها .وتواصلت عملية ادماج المستفيدين من جهاز المساعدة على الادماج المهني التي خصت إلى غاية شهر أوت 2022 أكثر من 245.620 مستفيدًا، ورفع وتوحيد الراتب الشهري الذي يتقاضاه المستفيدون من جهاز المساعدة على الادماج المهني والذي ارتفع إلى 13 ألف دينار شهريًا.
إستفادة آلاف المواطنين من السكن لائق و في مختلف الصيغ و عبر كل أرجاء الوطن …
كما تواصلت سياسة الدولة في مجال السكن حيث دأبت السلطات دعم قطاع السكن ومنه السكن الريفي كما دأبت على توزيع السكن اللائق، على غرار الـ 500.000 وحدة سكنية بمختلف الصيغ، الموزعة خلال الفترة الممتدة ما بين أكتوبر 2021 وجوان 2022.كما حظيت قطاعات عديدة أخرى باهتمام السلطات العمومية في مجال السياسة الاجتماعية، منها على سبيل المثال لا الحصر قطاعات التربية والصحّة وغيرها..وفي خلاصة القول شهدت السنوات الأخيرة وتيرة متسارعة لتجسيد الالتزامات الـ 54 لرئيس الجمهورية في شتّى المجالات ومنها الجانب المتعلق بالسياسة الاجتماعية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة التي تمكنت البلاد من تجاوزها رغم الهزات الاقتصادية العالمية.
وهو ما أكّده رئيس الجمهورية في الـ 11 ديسمبر 2023 بالقول إن مجمل البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدتها الدولة ترمي بشكل أساسي إلى تحسين ظروف معيشة المواطن وتعزيز مكانته كمحور أساسي للسياسات التنموية ضمن مقاربة قوامها الاستدامة والعدالة في إعادة توزيع الثروة في سياق ديناميكية شاملة للتغيير والإصلاح.وينتظر أن تتعزز السياسة الاجتماعية للدولة في الفترة القادمة بفضل تجسيد التدابير المتعلقة بتثمين الأجور وتقليص الأعباء الضريبية ابتداء من مطلع سنة 2024.وتستمدّ هذه النظرة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تجاه المواطن لتحسين اطاره المعيشي وحفظ كرامة الجزائري من المبدأ المقدّس للطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية المكرّس في بيان أوّل نوفمبر 1954.
الجزائر تحتضن أبناءها بالخارج
وحرص رئيس الجمهورية، خلال الأربع سنوات الأخيرة على توثيق ارتباط الجالية الوطن وتعزيز أهميتهم وكرامتهم في الداخل والخارج وذلك في إطار الالتزام بالتعهد 52 الذي ينص على حماية الجالية الوطنية في الخارج والمغتربين وترقية مشاركتهم في التجديد الوطني وتجسد ذلك من خلال تغيير اسم وزارة الشؤون الخارجية التي جرى إدماج عبارة الجالية الوطنية بالخارج معها، حيث جاء هذا القرار دليلا واضحا على اهتمام السلطات العليا في البلاد بأفراد الجالية الجزائرية.وشدد رئيس الجمهورية على التزامه بالدفاع عن أي جزائري في أي مكان والتصدي لكل من يفكر في الانتقاص منه، كما أكد أنه يجب على رؤساء البعثات توفير محامين إن تطلب الأمر للدفاع عن الجزائريين.وقد دأب رئيس الجمهورية في كل زيارة خارجية على أن يجعل من مسألة لقاء الجالية الوطنية في الخارج، ثابتا يعرض رئيس الجمهورية، من خلاله، الجهود الجارية لتنفيذ وتكريس مشاريع الجزائر الجديدة، إضافة إلى الاستماع إلى انشغالات الجالية عموما بقصد السعي إلى تنفيذ وتجسيد كل ما يتأتى تحقيقه من مقترحات من طرف الدولة الجزائرية لصالح أفراد الجالية الوطنية، وقد التقى أفراد الجالية في كل من الكويت، مصر، قطر، تركيا، تونس وإيطاليا.وجرى أيضا مراجعة أسعار تذاكر النقل الجوي والبحري قبل موسم الاصطياف، لفائدة الجالية الوطنيةذ وتكثيف خطوط السفر ودعم الأسطول الجوي للخطوط الجوية الجزائرية، وزيادة عدد الرحلات وخفض أسعار التذاكر للاستجابة للطلب الواسع للجالية من أجل الالتحاق بأرض الوطن، كما تم تحسين ظروف استقبالها على مستوى الموانئ.وأعلنت الحكومة في 1 ديسمبر 2021، عن صندوق للتضامن مخصص للرعايا الجزائريين المتوفين في الخارج، وذلك بعد أيام من تعليمات رئيس الجمهورية بضرورة إيجاد حل لمشكل نقل جثامين الموتى الى الجزائر لدفنهم، في إطار ترسيخ سياسة التضامن الوطني.كما قرر رئيس الجمهورية فتح باب الانتساب لنظام التقاعد لصالح أفراد الجالية، من خلال مرسوم رئاسي يحدد الشروط والكيفيات الخاصة للانتساب الإرادي للنظام الوطني للتقاعد الخاص بالجالية الوطنية، يشمل العمال الأجراء منهم وغير الأجراء (رؤساء المؤسسات)، وتم التوقيع على هذا المرسوم الذي صدر بالعدد الـ69 من الجريدة الرسمية، وينص المرسوم على حق أفراد الجالية الوطنية بالخارج في الانتساب للنظام الوطني للتقاعد.وفتحت السلطات الباب واسعا أمام الجزائريين الراغبين في الاستثمار من أفراد الجالية للانخراط في مشاريع الاقتصاد المختلفة ومنها المؤسسات الناشئة، كما توجهت السلطات العمومية لفتح مقرات البنوك الوطنية في الخارج لتسهيل التحويلات والمعاملات للجالية والناشطين الاقتصاديين في الخارج.وفتحت الجزائر الباب واسعا أمام أفراد الجالية لتملك سكن ترقوي عمومي، لمن لا يملكون أي مأوى أو سكن خاص بالجزائر.
جمال الدين أيوب